[i]وَأَوَّلُ مَا قَادَ المَوَدَّةَ بَيْنَنَا بِوَادِي بَغيضٍ يَا بُثَيْنَ سبَابُ
وَقُلْتُ لَهَا قَوْلاً فَجَاءَتْ بمِثْلِهِ لِكُلِّ كَلاَمٍ يَا بُثَيْنَ جَوَابُ
الأبيات أعلاهـ هي لسيّد العشآق على الاطلاق , أبيات طرزتها العآطفه الصآدقه العذريه الشريفه
هي أبيات "جميل بثينه"
جميل القضاعي ذلكـ الشاب الذي هآم الى حد الجنون بابنه عمه الشابه "بثينه" حتى عرف وآالدها بالأمر فرفض تزويجها الى ابن عمها جميل خشيه العآر وخشيه أن يخالف عادات العرب في ذلك الوقت بعدم تزويج من جرى بينهم عشق ومودهـ
ولعلّ رفض وآالد بثينه لزوآجها من جميل هو أحد أبرز المضي في مسيرهـ" العشق المجنون" فمضى جميل حازما في أسطورته الحاليه وحاول وآالد بثينه وأخوتها منعه ومنهم أخاها والذي كان اسمه (حوآش)
قآم حوآش بالتغزل بأخت جميل وتفاخر في ذلكـ حتى يلجم جميل ولكن جميل وبشهادهـ العرب غلبه لأنه أشعر منه
فلما لم تنفع هذهـ الحيله بلغ أمر جميل الى الوآالي فتوعدهـ شرا , ففر جميل الى الشام وبينما هو في طريقه الى هناك مر على رجل من بني عذرهـ
سمع هذا الرجل بقصه جميل وبشدهـ حبه لابنه عمه بثينه فحاول أن يصرفه عنها وأن يزوجه احدى بناته السبعه , فزينهن عل قلب جميل أن يتعلق باحدآهن فلاحظ جميل ذلكـ وأنشد يقول:
حلفتُ لِكَيْمَا تعلمينيَ صادقاً وللصدق خَيرٌ في الأمور وأنجحُ
لَتَكْليمُ يَوْمٍ واحدِ من بثينةٍ ورؤيتُها عندي أَلَذُّ وأَمْلَحُ
مِنَ الدهرِ أو أخلو بكُنَّ وإنما أُعَالِجُ قلباً طامحاً حيثُ يَطْمَحُ
كان قلب جميل معلق ببثينه , ولن يذهب الى غيرها وهذا مافهمه ذلكـ الشيخ وأدركه جيدا بعد ماحدث
أيا ريح الشمال أما تريني
أهيم وأنني بادي النحـول
هبي لي نسمة من ريح بثن
ومني بالهبوب إلى جميل
لقد كآن حب جميل لبثينه حبا جامحا جنونيا ولكنّ حُبّه لم يدفعه الى ارتكاب الأخطاء وحتى بثينه نفسها لم تخطئ عندما قام جملٌ باختبارها فقال لها:
"هل لك في إطفاء ما بي بما يفعل المتحابّان؟"
وكان يقصد الوصآال المحرم
فردت بثينه مستنكره مستغربه قائله:
"قد كنت عندي بعيداً من هذا، ولو عُدتَ إليه لن ترى وجهي أبداً".
فضحك جميلٌ ثم قال: "والله ما قُلتُه إلا اختباراً، ولو أجبتِ إليه لضربتكِ بسيفي هذا إن استطعتُ، وإلا هجرتكِ.. أما سمعت قولي:
وإني لأرضى من بُثينة بالذي لو اَبصره الواشي لقرَّتْ بَلاَبِلُهْ
بَلَى، وبأنْ لاَ أستطيعَ وبالمُنَى وبالأملِ المرجوِّ قَدْ خَابَ آَمِلُهْ
وبالنَّظرةِ العَجْلَى وبالْحَوْلِ يَنْقَضِي أَوَاخِرُهُ لاَ نَلْتَقيِ وَأَوَائِلُهْ
ولما تبدل الوآالي عاد جميل الى قومه وبدأ يتغزل بانه عمه من جديد فبلغ ذلك أهلها ثانيه فترك جميل قومه وذهب الى مصر وابتعدت عنها مجددا
وهناك مرض جميل وساءت صحته كثيرا وبينما هو على فرآش موته أرسل هذهـ الابيات مع رجل الى قومه:
صدع النعي وماكني جميل ...... وثوي بمصر ثواء غير قفول
ولقد اجر الذيل في وادي القري ..... نشوان بين مزارع ونخيل
قومي بثينه فاندبي بعويل.... وابكي خليلك دون كل خليل
سمعت بثينه هذهـ الابيات من الرجل فأتت مسرعه رآكضه دموعها تتغمر محياها
فقالت لذلكـ الرجل:
ياهذا ان كنت صادقا فقد قتلتني ,, وان كنت كاذبا فقد فضحتني..
ولكن الرجل كان صادقا
ولما تأكدت بثينه من صدق الرجل قالت:
سواء علينا يا جميل بن معمر ...... ان مت بأساء الحياه ولينها
مات جميل وماتت بثينه
ولكن هذهـ القصه العذريه الشريفه بقيت شامخه بشموخ هذهـ العاطفه
وبقيت أشعار جميل مدرسه شعريه خآالدهـ
لقد كان جميلٌ متعلّقا ببُثينة، ولكنّ حُبّه لم يدفعه إلى ارتكاب الخطيئة، بل كان عفيفا يصون عرضه وعرض تلك التي أحبها عن أن يُخدش بشيء أو يُثلب بمنقصة.
قصص العشّاق هذهـ الأيام يندى لها الجبين من أحآديث المعصيه ومقت الفاحشه والعيب ليس في العاطفه والتي هي الوجه المشرق للنفس البشريه بل في تسييرها في مكانها الصحيح
ولنا في حب جميل وبثينه أكبر الدروس التي خلدها التاريخ في فن الحب حتى الجنون ولكن بقي هذا الحب محافظا على طهارته ونقاوته وعفّته بمثاليه قل مثيلها..
حب بقي في قلب رجل وامرأهـ عقودا من الزمن ولم تضرهـ تقلبات الأقدآر بل زآدته قوهـ ومنعه وتجددت ولادته وكأنه وليد الساعه في كل مرهـ