أذَلَّ الحِرْصُ والطَّمَعُ الرِّقابَا | وقَد يَعفو الكَريمُ، إذا استَرَابَا |
إذا اتَّضَحَ الصَّوابُ فلا تَدْعُهُ | فإنّكَ قلّما ذُقتَ الصّوابَا |
وَجَدْتَ لَهُ على اللّهَواتِ بَرْداً، | كَبَرْدِ الماءِ حِينَ صَفَا وطَابَا |
ولَيسَ بحاكِمٍ مَنْ لا يُبَالي، | أأخْطأَ فِي الحُكومَة ِ أمْ أصَابَا |
وإن لكل تلخيص لوجها، | وإن لكل مسألة جوابا |
وإنّ لكُلّ حادِثَة ٍ لوَقْتاً؛ | وإنّ لكُلّ ذي عَمَلٍ حِسَابَا |
وإنّ لكُلّ مُطّلَعٍ لَحَدّاً، | وإنّ لكُلّ ذي أجَلٍ كِتابَا |
وكل سَلامَة ٍ تَعِدُ المَنَايَا؛ | وكلُّ عِمارَة ٍ تَعِدُ الخَرابَا |
وكُلُّ مُمَلَّكٍ سَيَصِيرُ يَوْماً، | وما مَلَكَتْ يَداهُ مَعاً تُرابَا |
أبَتْ طَرَفاتُ كُلّ قَريرِ عَينٍ | بِهَا إلاَّ اضطِراباً وانقِلاَبا |
كأنَّ محَاسِنَ الدُّنيا سَرَابٌ | وأيُّ يَدٍ تَناوَلَتِ السّرابَا |
وإنْ يكُ منيَة ٌ عجِلَتْ بشيءٍ | تُسَرُّ بهِ فإنَّ لَهَا ذَهَابَا |
فَيا عَجَبَا تَموتُ، وأنتَ تَبني، | وتتَّخِذُ المصَانِعَ والقِبَابَا |
أرَاكَ وكُلَّما فَتَّحْتَ بَاباً | مِنَ الدُّنيَا فَتَّحَتَ عليْكَ نَابَا |
ألَمْ ترَ أنَّ غُدوَة َ كُلِّ يومٍ | تزِيدُكَ مِنْ منيَّتكَ اقترابَا |
وحُقَّ لموقِنٍ بالموْتِ أنْ لاَ | يُسَوّغَهُ الطّعامَ، ولا الشّرَابَا |
يدبِّرُ مَا تَرَى مَلْكٌ عَزِيزٌ | بِهِ شَهِدَتْ حَوَادِثُهُ رِغَابَا |
ألَيسَ اللّهُ في كُلٍّ قَريباً؟ | بلى ! من حَيثُ ما نُودي أجابَا |
ولَمْ تَرَ سائلاً للهِ أكْدَى | ولمْ تَرَ رَاجياً للهِ خَابَا |
رأَيْتَ الرُّوحَ جَدْبَ العَيْشِ لمَّا | عرَفتَ العيشَ مخضاً، واحتِلابَا |
ولَسْتَ بغالِبِ الشَّهَواتِ حَتَّى | تَعِدُّ لَهُنَّ صَبْراً واحْتِسَابَا |
فَكُلُّ مُصِيبة ٍ عَظُمَتْ وجَلَّت | تَخِفُّ إِذَا رَجَوْتَ لَهَا ثَوَابَا |
كَبِرْنَا أيُّهَا الأتَرابُ حَتَّى | كأنّا لم نكُنْ حِيناً شَبَابَا |
وكُنَّا كالغُصُونِ إِذَا تَثَنَّتْ | مِنَ الرّيحانِ مُونِعَة ً رِطَابَا |
إلى كَمْ طُولُ صَبْوَتِنا بدارٍ، | رَأَيْتَ لَهَا اغْتِصَاباً واسْتِلاَبَا |
ألا ما للكُهُولِ وللتّصابي، | إذَا مَا اغْتَرَّ مُكْتَهِلٌ تَصَابَى |
فزِعْتُ إلى خِضَابِ الشَّيْبِ منِّي | وإنّ نُصُولَهُ فَضَحَ الخِضَابَا |
مَضَى عنِّي الشَّبَابُ بِغَيرِ رَدٍّ | فعنْدَ اللهِ احْتَسِبُ الشَّبَابَا |
وما مِنْ غايَة ٍ إلاّ المَنَايَا، | لِمَنْ خَلِقَتْ شَبيبَتُهُ وشَابَا |