[align=center]يقف الإمام ابن القيم رحمه الله, وقفة
تأمل وتفكر وتدبر مع المصلي بين يدي ربه, وحري بكل مسلم أن يكون له منها
نصيب, فليس لنا من الصلاة إلا ما عقلنا منها كما جاء في الحديث, ولقد رأيت
أن أسجل هذه الوقفة لما لها من فائدة تعيننا على الوصول إلى ما يريده الله
لنا من الصلاة.
يقول: "ومن تفقه في معاني القرآن وعجائب الأسماء والصفات, وخالط بشاشة
الإيمان قلبه, يرى لكل اسم وصفة موضعا من صلاته ومحلا منه
عند القيام فإنه إذا انتصب قائما بين يدي الرب تبارك وتعالى شاهد بقلبه
قيوميته
وإذا قال: الله أكبر: شاهد كبرياءه
وإذا قال: سبحانك اللهم وبحمدك, وتبارك اسمك وتعالى جدك ولاإله غيرك...شاهد
بقلبه ربا منزها عن كل عيب سالما من كل نقص, محمودا بكل حمد, فحمده يتضمن
وصفه بكل كمال وذلك يستلزم براءته من كل نقص.... تبارك اسمه: فلا يذكر على
قليل إلا كثره, ولا على خير إلا أنماه وبارك فيه, ولا على آفة إلا أذهبها,
ولا على كل شيطان إلا رده خاسئا مدحورا, وكمال الإسم من كمال مسماه, فإذا
كان هذا شأن اسمه الذي لا يضر معه شيء في الأرض ولا في السماء, فشأن المسمى
أعلى وأجل. وتعالى جده أي ارتفعت عظمته وجلت فوق كل عظمة, وعلا شأنه على
كل شأن, وقهر سلطانه كل سلطان فتعالى جده أن يكون معه شريك في ملكه
وربوبيته أو في إلهيته, أو في أفعاله وصفاته
قراءة الفاتحة: وإذا قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم, فقد آوى إلى
ركنهالشديد واعتصم بحوله وقوته من عدوه الذي يريد أن يقطعه عن ربه ويباعده
عن قربه ليكون أسوأ حالا
فإذا قال: الحمد لله رب العالمين: وقف هنيهة يسيرة ينتظر جواب ربه له
بقوله: حمدني عبدي
فإذا قال: الرحمن الرحيم, انتظر الجواب بقوله: أثنى علي عبدي
فإذا قال: مالك يوم الدين, انتظر جوابه: مجدني عبدي
فيالذة قلبه وقرة عينه وسرور نفسه بقول ربه, عبدي ثلاث مرات, فوالله لولا
ما على القلوب من دخان الشهوات وغيم النفوس لطارت فرحا وسرورا, بقول ربها
وفاطرها ومعبودها حمدني عبدي, أثنى علي عبدي, مجدني عبدي , ثم يكون لقلبه
مجال من شهود هذه الأسماء الثلاثة التي هي أصول الأسماء الحسنى, وهي الله
والرب والرحمن فشاهد قلبه من ذكر اسم الله تعالى إلها معبودا موجودا مخوفا
لا يستحق العبادة غيره, ولا تنبغي إلا له قد عنت له الوجوه وخضعت له
الموجودات وخشعت له الأصوات "تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن
من شيء إلا يسبح بحمده"
فإذا قال مالك يوم الدين فهنا يشهد المجد الذي لا يليق بسوى الملك الحق
المبين, فيشهد ملكا قاهرا قد دانت له الخليقة وعنت له الوجوه وذلت لعظمته
الجبابرة وخضع لعزته كل عزيز فيشهد بقلبه حقائق الأسماء والصفات
فإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين ففيهما سر الخلق والأمر والدنيا والآخرة
وهو متضمنة لأجل الغايات وافضل الوسائل, فأجل الغايات عبوديته وافضل
الوسائل إعانته, فلا معبود يستحق العبادة إلا هو, ولا معين على عبادته غيره
فهو يُعبد بألوهيته ويستعان بربوبيته ويهدي إلى الصراط المستقيم برحمته
ثم يشهد الداعي بقوله اهدنا الصراط المستقيم شدة فاقته وضرورته غلى هذه
المسالة التي ليس هو إلى شيء أشد فاقة وجاجة منه إليها. فإنه محتاج إليه في
كل نفس وطرفة عين
* الله أكبر, إذا نطق بها اللسان فلا ينبغي أن يكذبها قلبك, فإن كان في
قلبك أكبر من الله سبحانه فالله يشهد أنك كاذب, ومثلها جميع الأذكار في
الصلاة وغيرها, كلمات حق, حقيقتها تطبيقها عمليا
[grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]في الركوع والسجود
[/grade]إن الله تعالى لما خلق سبع سماوات حشاها(ملأها) بالملائكة, و
تعبدهم بالصلاة لا يفترون ساعة, فجعل لكل أهل سماء نوعا من العبادة, فأهل
سماء قيام على أرجلهم إلى نفخة الصور, و أهل سماء ركع, و أهل سماء سجد, و
أهل سماء مرخية الأجنحة من هيبته تعالى, و أهل عليين و أهل العرش وقوف,
يطوفون حول العرش, يسبحون بحمد ربهم و يستغفرون لمن في الأرض, فجمع الله
ذلك كله في صلاة واحدة كرامة للمؤمنين, حتى يكون لهم حظ من عبادة أهل كل
سماء و زادهم القرآن يتلونه فيها. فطلب منهم شكرها, و شكرها إقامتها
بشرائطها و حدودها, قال الله تعالى:"الذين يؤمنون بالغيب و يقيمون الصلاة
ومما رزقناهم ينفقون" و قال:"و أقم الصلاة" و قال:"و المقيمين الصلاة"
فعندما تركع, استحضر عظمة الله, في الركوع, واعلم أنك بين يدي الله, راكعا
بين يدي عظمته, في صحيح البخاري, أن ركوع النبي صلى الله عليه وسلم
باطمئنان, فكان يسوي ظهره بالركوع ويتمه, وفي حديث للبخاري, أن النبي صلى
الله عليه وسلم دخل المسجد, فدخل رجل فصلى, ثم جاء فسلم على النبي صلى الله
عليه وسلم, فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلام, فقال :"ارجع فصل,
فإنك لم تصل" فصلى , ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال :"ارجع
فصل, فإنك لم تصل" .ثلاثا, فقال: والذي بعثك بالحق, فا أُحْسِن غيره,
فعلمني, قال: "إذا قمت إلى الصلاة فكبر, ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن, ثم
اركع حتى تطمئن راكعا, ثم ارفع حتى تعتدل قائما, ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا,
ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا, ثم افعل ذلك في صلاتك
كلها
وعندما تسجد "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" رواه أحمد
إنك بالسجود, تحرق الشيطان بحزنه, تثبت عبوديتك لله, فينعزل الشيطان ويبكي
ويقول, ذاك أمر بالسجود فسجد فله الجنة, وأمرت السجود فأبيت فلي النار,
تأمل مكانة السجود, كيف بتعظيمك بالله, وقيامك بحركة من حركات عبادة أهل
السماء
التسبيح والدعاء في
الركوع والسجود[
عن عائشة رضي الله عنها قال :كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في
ركوعه وسجوده :"سبحانك الله وبحمدك اللهم اغفر لي" رواه البخاري