شفاءُ الهدى ياسيفهُ العضبَ أنْ تشفا | وَكَفُّ اُلْخُطُوبِ المُدْلَهِمَّة ِ أَنْ تُكْفا |
فجاوزتَ أقصى عمرِ نوحٍ معوَّضاً | عنِ العامِ منْ أعوامِ مدَّتهِ ألفا |
حَياة ُ بَني الدُّنْيا حَياتُكَ سالِماً | فلا بدِّلَ الإسلامُ منْ قوَّة ٍ ضعفا |
أَنَمْتَ عُيُونَ الْخَلْقِ بَعْدَ سُهادِها | كذا كلُّ جفنٍ مذْ تألَّمتَ ما أغفا |
إلى أنْ وقاكَ اللهُ لطفاً بخلقهِ | فلا عدموا منهُ تباركَ ذا اللُّطفا |
وأمَّنهمْ فيكَ المخاوفَ كلَّها | كما أمنوا في ظلِّكَ الجورَ والعسفا |
فسرَّتْ قلوبٌ شافهتكَ بسرِّها | عَلَى أَنَّهُ ما كانَ فِيما مَضى يَخْفا |
أَيُجْحَدُ ما تُولِيهِ آلاءُ مُنْعِمٍ | إِذا جارَ صَرْفُ الدَّهْرِ كانَ لَهُ صَرْفا |
وَذُو الأَمَلِ الْمَغْضُوضِ قَد عادَ طامِحاً | فأوفى على النُّعمى وذو النَّذرِ قدْ وفّا |
فلو لمْ تكنْ فينا لمُتنا مخافة ً | وَلَوْ عَدِمَتْكَ الأرْضُ لَمْ تَأْمَنِ الْخَسْفا |
أَلَسْتَ تَرى النَّبْتَ الَّذِي أَطْلَعَ الْحَيا | إذا ما جفا صوبُ الحيا تربهُ جفّا |
فَلاَ فَلَّتِ الأيَّامُ عَزْماً مَضاؤُهُ | شفى الحقَّ منْ أدوائهِ بعدَ أنْ أشفا |
ولا سكنتْ ريحُ المظفَّرِ إنَّها | إِذَا عَصَفَتْ كانَ الْمُلُوكُ بِها عَصْفا |
ولا برحتْ نيرانهُ كلَّما طغتْ | سيولُ الرَّدى تطفو عليها ولا تُطفا |
لِشَكْوَاكَ أَخْفى الْجَوُّ عَنَّا غَمامَهُ | زَماناً فَمُذْ عُوفِيتَ أَظْهَرَ ما أَخْفا |
أرادَ يرينا اللهُ جاهكَ عندهُ | وخمنْ منكَ أولى بالمحبَّة ِ والزُّلفا |
ظهرتَ فظلَّتْ نعمتانِ أظلَّتا | وإنْ كنتَ للإمحالِ عنْ أرضنا أنفا |
فدتْ أنفسُ الأملاكِ نفساً شريفة ً | إِذَا انْفَرَدَتْ عَنْهُمْ فَسائِرُهُمْ أَكْفا |
وَطَوْدَ فَخارٍ فَخْرُ مَنْ عَزَّ مِنْهُمُ | وطالَ محلاًّ أنْ يكونَ لهُ لحفا |
أَشَّدَّهُمُ كَفًّا لِنائِبَة ٍ عَرَتْ | وأندادُهمُ إنْ سيلَ مكرُمة ً كفّا |
وأروعَ عفّى في التَّجاوزِ والتُّقى | على منْ بعدَ اقتدارٍ ومنْ عفّا |
لَقَدْ مَلأَتْ أَخْبَارُهُ وَهِباتُهُ | أنوفَ الورى عرفاً وأيديهمْ عرفا |
فَيا مَنْ سَقَتْنا الأَمْنَ وَالْعَدْلَ وَالْغِنى | عَلَى ظَمَإٍ أَيَّامُ دَوْلَتِهِ صِرْفا |
وَيا ذَا الْمَعالِي لاَ يُعَدِّدُ فَضْلَها | مَقالٌ أَيُفْنِي الْبَحْرَ وَارِدُهُ غَرْفا |
وَعَجْزُ الْمَساعِي أَنْ تَنالَ أَقَلَّها | كَعَجْزِ الْقَوَافِي أَنْ تُحِيطَ بِها وَصْفا |
لئنْ جئتَ في أخرى الزَّمانِ معقِّباً | فمجدُكَ لا يقفو ولكنَّهُ يُقفا |
وَلاَ خُلْفَ أَنَّ الدَّهْرَ عادَ بِوَجْهِهِ | إِلَيْكَ إِلى أَنْ صارَ قُدَّامُهُ خَلْفا |
رَأَى مُعْجِزَاتٍ مِنْكَ يا عُدَّة َ الْهُدى | تَطَلَّبَها فِي الْعالَمِينَ فَما أَلْفا |
وكمْ طالبٍ ذا المجدَ حاولَ عطفهُ | فَلَمَّا أَبى عِزّاً ثَنى دُونَهُ عِطْفا |
أَباحَتْكَ أَقْطَارَ الْبِلادِ عَزَائِمٌ | كَفَيْنَ الْسُّيُوفَ السَّلَّ وَالْجَحْفَلَ الزَّحْفا |
وأمطتكَ أطرافُ الأسنَّة ِ رتبة ً | تودُّ الثُّريَّا أنْ تدومَ لها إلفا |
محرَّمة ً لمْ ترضَ قبلكَ راكباً | وَأَحْرِ بِهَا مِنْ بَعْدِ أَنْ تَمْنَعَ الرِّدْفا |
وَلَوْ شِئْتَ تَدْوِيخَ الْمَمالِكِ سُرْعَة ً | لَكُنْتَ بِها أَغْرى مِنَ النَّارِ بِالْحَلْفا |
لقدْ عجزَتْ أربابها أنْ تعزَّها | متى شئتها والضَّيمُ بالعجزِ لا يُنفا |
ولوْ حزموا أعطوكَ شطرَ الَّذي حووا | فذلكَ فوقَ النِّصفِ أنْ تأخذّ النِّصفا |
تمهَّلتَ علماً أنَّها لكَ دونهمْ | وملتمسُ الممنوعِ يأخذهُ خطفا |
أبحتنيَ الإيسارَ علماً بأنَّني | سيبقى على الأيَّامِ ما أودعُ الصُّحفا |
مَوَاهِبُ لاَ أَدْرِي إِذَا أَنَا شِمْتُها | أَصَوْبَ بَنانٍ شِمْتُ أَوْ دِيَماًوُطْفا |
فَلاَ يُلْزِمَنِّي شُكْرُها حَمْلَ ثِقْلِهِ | فَمَنْ لِي بِشِعْرٍ حَامِلٍ مِنْهُ َما خَفَّا |
وقدْ خافَ دهرٌ ألحقَ الأبعدينَ بي | وَعَدْلُكَ لاَ يَرْضى وَفَضْلُكَ بِي أَحْفا |
لعمري لقدْ خوِّلتُ ما دونهُ الغنى | وفي عشرِ معشارِ الَّذي نلتُ ما كفَّا |
وَمَا حَامِلي أَنْ أَسْتَزِيدَ مُصَرِّحاً | سوى أنفي أنْ يجدعَ الدَّهرُ لي أنفا |
تقاربُ بعضُ الخيلِ في السَّبقِ بعضها | وَلَنْ يُلْحَقَ الطِّرْفُ الَّذي يَسْبِقُ الطَّرْفا |
أَنَا السَّابِقُ الْمُهْدِي إِلَيْكَ غَرَائِباً | تَدُلُّ مَعَانِيها عَلَى جَوْهَرٍ شَفَّا |
فَمَيِّزْ مَدِيحاً لَنْ يَزَالَ صَرِيحُهُ | عَلَى ذِي الْعُلاَ مَا عَاشَ شَاعِرُهُ وَقْفا |
أَأَتْرُكُ ذَا الْغَيْمَ الرُّكَامَ مُعَرَّضاً | لِمَنْ رَامَ جَدْوَاهُ وَأَنْتَجِعُ الْهِفَّا |
ببرئكَ عافى اللهُ منْ عللِ المنى | وَمِنْ مِنَنِ الْقَوْمِ الأُلَحا بَخِلُوا أَعْفا |
فلا زلتَ للرَّاجينَ في كلِّ أزمة ٍ | حَيَاة ً وَلِلأَعْدَاءِ حَيْثُ أنْتَحَوْا حَتْفا |