لَكُمْ أَنْ تَجُورُوا مُعْرِضِينَ وَتَغْضَبُوا | وَعَادَتُكُمْ أَنْ تَزْهَدُوا حِينَ نَرْغَبُ |
جَنَيْتُمْ عَلَيْنا وَاعْتَذَرْنا إِلَيْكُمُ | وَلَوْلاَ الْهَوى لَمْ يُسْأَلِ الصَّفْحَ مُذْنِبُ |
وَمَوَّهْتُمُ يَوْمَ الْفِرَاقِ بِأَدْمُعٍ | تُخَبِّرُ عَنْ صِدْقِ الْوِدَادِ فَتَكْذِبُ |
وَكَمْ غَرَّ ظَمْآناً سَرَابٌ بِقَفْرة ٍ | وَخَبَّرَ بَرْقٌ بِالْحَيَا وَهْوَ خُلَّبُ |
وَمَا بَلَغَتْ مِنِّي نَوَى ً بِسِهَامِها | رماني التجني قبلها والتجني قبلها وَالتجنبُ |
وَلمْ يبقَ مما كانَ إلاَّ بقية ٌ | تجيءُ كما جاءَ الجهامُ وَتذهبُ |
يُكَلَّفُ طَرْفي رَعْيَهَا وَهْوَ طامِحٌ | وَيسألُ قلبي حفظها وَهوَ قلبُ |
صُبَابَة ُ شَوْقٍ مِنْ بَقَايَا صَبَابَة ٍ | إذا ذلَّ فيها طالبٌ عزَّ مطلبُ |
وَما زادَ ذاكَ الوصلُ أيامَ عطفكمْ | عَلَى مَاأَنَالَ الطَّارِقُ الْمُتَأَوِّبُ |
مواصلة ٌ كانتْ كأحلامِ نائمٍ | وَإنْ لام فِيهَا عَاذِلٌ وَمُؤَنِّبُ |
دنا بعدها منْ قربها فكأنها | منَ الصدَّ تسبى أوْ منَ الهجرِ تسلبُ |
وَقَدْ رُمْتَ أَنْ أَلْقى الصُّدُودَ بِمِثْلِهِ | مقابلة ً لكنني أتهيبُ |
سَأَصْبِرُ صَبْرَ الضَّبِّ وَالْمَاءُ ذُو قَذَى ً | وَأمشي على السعدانِ وَالذلُّ مركبُ |
وَأَقْفُو بِعَزْمي أُسْرَة ً تَغْلَبِيَّة ً | إَلَى الْمَوْتِ مِمَّا يُكْسِبُ الْعَارَ تَهْرُبُ |
وَكُلَّ فَتى ً كَالْخَيْزُرَانَة ِ دِقَّة ً | يُرَاعُ بِهِ لَيْثُ الشَّرى وَهْوَ أَغْلَبُ |
إذا ركبوا ألووا بعزَّ عدوهمْ | وَإنْ وهبوا جادوا بما ليسَ يوهبُ |
تظلُّ المعالي منْ ثوابِ عفاتهمْ | وَداعيهمُ يومَ الوغى لا يثوبُ |
وَلَسْتُ كَمَنْ أَنْحى عَلَيْهِ زَمَانُهُ | فَظَلَّ عَلَى أَحْدَاثِهِ يَتَعَتَّبُ |
تلذُّ لهُ الشكوى وَإنْ لمْ يفدْ بها | صلاحاً كما يلتذُّ بالحكَّ أجربُ |
وَلكِنَّني أَحْمِي ذَمارِي بِعَزْمَة ٍ | تَنُوبُ مَنَابَ السَّيْفِ وَالسَّيْفُ مِقْضَبُ |
لقدْ كذبتْ بالأمسِ منْ ظنَّ أنني | عنِ الحزمِ أزوى أوْ على الرأيِ أغلبُ |
وَدَاوِيَّة ٍ بِكْرٍ جَعَلْتُ نِكَاحَهَا | سُرى ضُمَّرٍ فَارَقْتُهَا وَهْيَ ثَيِّبُ |
تضلُّ فلوْ بعضُ النجومِ سرى بها | وَرامَ نجاة ً ما درى كيفَ يذهبُ |
دَلِيلاَيَ فِيهَا حُسْنُ ظَنِّي وَبَارِقٌ | يبشرُ بالتهطالِ وَالعامُ مجدبُ |
وَمُذْ أَرَيَانِي نَاصِرَ الدَّوْلَة ِ أنْجَلى | بِرُؤْيَاهُ مَاأَخْشى وَمَا أَتَرَقَّبُ |
رغبتُ بنفسي أنْ أكونَ مصاحباً | أناساً إذا قيدوا إلى الضيمِ أصحبوا |
فجاورتُ ملكاً تستهلُّ يمينهُ | نَدى ً حِينَ يَرْضى أَوْ رَدَى ً حِينَ يَنْضَبُ |
تَدُورُ كَؤُوسُ الْحَمْدِ حِيناً فَيَنْتَشِي | وَطَوْراً تَصِلُّ الْمُرْهَفَاتُ فَيَطْرَبُ |
إِذا مَاارْتَبا غِبَّ الْوَغى خِلَتَ أَجْدَلاً | لَهُ أَبَداً فَوقَ الْمَجَرَّة ِ مَرْقَبُ |
وَإِنْ أَعْمَلَ الأَفْكَارَ عِنْدَ مُلِمَّة ٍ | تُلِمُّ أَرَتْهُ مايُسِرُّ الْمُغَيَّبُ |
وَربَّ نصولٍ لا تنصلُ إنْ جنتْ | وَتنصلُ منْ قاني النجيعِ فتخضبُ |
إِذا الْبِيضُ كَلَّتْ يَوْمَ حَرْبٍ فَإِنَّها | مواطنٍ قواضٍ أنَّ تغلبَ تغلبُ |
فَإِحْكَامُهُ الأَيَّامَ غَضَّ جِمَاحَهَا | وَأَحْكامُهُ في الدَّهْرِ أَوْ هُمَامٌ لا تْتعقَّبُ |
وَلوْ حدتُ عنهُ ضلة ً واستمالني | كَريمٌ مُرَجّى ً أوهامٌ مُحَجَّبُ |
لأغنى كما أغنى عنِ الصبحِ حندسٌ | دجا كما أغنى عنِ البدرِ كوكبُ |
فَدَاكَ مِنَ الأسْواءِ كَلُّ مُمَلَّكٍ | عَلَى الْجُودِ يُحْدى أَوْ إِلى الرَّوْعِ يُجْذَبُ |
تخذتَ اقتضابَ المكرماتِ سجية ً | فَحَالَفْتَ قَوْماً بِالْمَوَاعِيدِ شَبَّبُوا |
أصختَ إلى داعي الوغى وتصامموا | وَصَدَّقْتَ آمَالَ الْعُفَاة ِ وَكَذَّبُوا |
تَبِيتُ النِّيَاقُ عِنْدَهُمْ مُطْمَئِنَّة ً | وَلما يدرْ قعبٌ وَلمْ يدنَ محلبُ |
إِذَا حَارَدَتْ أَخْلاَفُهَا عُطِّلَ الْقِرى | وَعِنْدَكَ مِنْ أَوْدَاجِهَا الدَّمُ يُحْلَبُ |
مَسَاعٍ بِهَا وَصّى رَبِيعَة ُ وَائِلاً | وَلما يحلْ عنها عديٌّ وتغلبُ |
وَمنهُ إلى حمدانَ كلُّ مملكٍ | لَهُ الْجُودُ وَكْدٌ وَالْمَحَامِدُ مَكْسَبُ |
مصاعبُ نالوا بعضَ ما نلتَ منْ على ً | مُؤَمِّلُها مَاعَاشَ يُكْدِي وَيَتْعَبُ |
سِوَاكَ بَغَاهَا وَالشَّبَابُ رِدَاؤُهُ | فَعَزَّتْ وَزَادَتْ عِزَّة ً وَهْوَ أَشْيَبُ |
فأحرزتها طفلاً فمهدكَ كعبة ٌ | يَلُوذُ بِهَا الرَّاجِي وَنَادِيكَ مَكْتَبُ |
خَلاَئِقُ كَالْمَاءِ الزُّلاَلِ وَتَحْتَها | مِنَ الْعَزْمِ وَالإِقْدَامِ نَارٌ تَلَهَّبُ |
وَضحنَ فأعلمنَ المعلمَ أنهُ | يُؤَدَّبُ في أَثْنَائِهَا لاَ يُؤَدِّبُ |
يُقِرُّ لَكَ الأعْداءُ بِالْبَأْسِ عَنْوَة ً | وَكلُّ عدوًّ مدحهُ لا يكذبُ |
وَحسبهمُ يومٌ ثبتَّ لشرهِ | وَقدْ عردَ الحامونَ عنكَ وَنكبوا |
مَضَوْا وَلِكُلٍّ في النَّجَاة ِ مَذَاهِبٌ | وَمَا لَكَ إِلاَّ نُصْرَة َ الْحَقِّ مَذْهَبُ |
وَلَوْ شِئْتَهَا كَانَتْ لَدَيْكَ سَوَابِقٌ | للحقِ العدى لاَ للفرارِ تقربُ |
تَطِيحُ إِلى أَنْ تَدَّعِي غَيْرَ أَصْلِهَا | وَتعربُ عنْ أحسابها حينَ تجنبُ |
إلى الريحِ تعزى حينَ تجري فإنْ مشتْ | رويداً فجداها الوجيهُ وَمذهبُ |
وَبَعْدَ سُلَيْمانٍ إِلى أَنْ رَكِبْتَهَا | وَذللتها ما كانتِ الريحُ ترْكبُ |
تَخَالَفْنَ أَلْوَانَاً وَخُضْنَ عَجَاجَة ً | فَلَمْ يَخْتَلِفْ في اللَّوْنِ جَوْنٌ وَأَشْهَبُ |
ثَبَتَّ ثَبَاتَاً لَمْ يَكُنْ لآبْنِ مُسْلِمٍ | وَأُوْتِيْتَ صَبْراً لَمْ يَنَلْهُ الْمُهَلَّبُ |
هُوَ الْيَوْمَ لَوْ آلُ الزُّبَيْرِ مُنُوا بِهِ | لَقَهْقَرَ عَبْدُاللّهِ عَنْهُ وَمُصْعَبُ |
يُخَبَّرُ عَنْهُ مَاتَلاَ الغَسَقَ الضُّحى | وَيروى إلى يومِ المعادِ وَيكتبُ |
أَبى لَكَ طِيْبُ النَّجْرِ إِلاَّ عَزِيمَة ً | على الحزمِ في يومِ النزالِ تغلبُ |
وَجُدْتَ بِنَفْسٍ لاَيَجُودُ بِمِثْلِهَا | مَعَ الْعِلْمِ بِالْعُقْبى نَبِيٌ مُقَرَّبُ |
وَليسَ الفتى منْ لمْ تسمْ جلدهُ الظبا | وَتُحْطَمُ فِيْهِ مِنْ قَنَا الْخَطِّ أَكْعُبُ |
وَكَمْ زُرْتَ أَحْيَاءً فَلَمْ يُغْنِ عَنْهُمُ | طِعَانٌ وَلاَ نَجَّاهُمُ مِنْكَ مَهْرَبُ |
يودونَ مذْ صارَ الصباحُ طليعة ً | لجيشكَ أنَّ الدهرَ أجمعَ غيهبُ |
عرفتَ فصارَ الإنتسابُ زيادة ً | وفي سمعه وَقَرٌ وفي فيه إنلبُ |
وَفي بعضِ ذا المجدِ الذي ظفرتْ بهِ | يداكَ غنى ً عما بنى الجدُّ وَالأبُ |
| على أنهُ فوقَ السماكِ مطنبُ |
أَلَمْ تَرَ قِرْواشَاً بَنَت مَكْرُمَاتُهُ | لأسرتهِ البيتَ الذي ليسَ يخربُ |
مَكَارِمُ لَمْ يَطْمَحْ إِلَيْهَا مُقَلَّدُ | لعمري وَلاَ أفضى إليها مسيبُ |
وَبينَ اللهى وَالواهيبها تناسبٌ | فمنْ أجلِ ذا فيها خبيثٌ وَطيبُ |
كذا البأسُ في أهلِ الغناءِ مقسمٌ | وَما يستوي فيها عليٌّ وَمرحبُ |
وَقبلكَ ما خلتُ البدورَ لنائلٍ | ترجى وَلاَ زهرَ الكواكبِ تصحبُ |
فإنْ طابتِ الأوطانُ لي وَذكرتها | فإنَّ مقامي في جنابكَ أطيبُ |
عدلتُ إليكَ وَالبلادُ رحيبة ٌ | لِمُرْتَادِهَا لكِنَّ صَدْرَكَ أَرْحَبُ |
فهلْ لكَ في منْ لا يشينكَ قربهُ | وَيعربُ إنْ أثنى عليكَ وَيغربُ |
إِذَا صَاغَ مَدْحاً خِلْتَهُ مِنْ مُزَيْنَة ٍ | وَتَحْسَبُهُ مِنْ عُذْرَة ٍ حِينَ يَنْسُبُ |
قوافٍ هيَ الخمرُ الحلالُ وَكأسها | لِسَانِي وَلكِنْ بِالْمَسَامِعِ تُشْرَبُ |
يحلي بها ألحانهُ كلُّ منْ شدا | وَتحلو بأفواهِ الرواة ِ وَتعذبُ |
إِذَا أُنْشِدَتْ ظَلَّ الْحَسُودُ كَأَنَّهُ | بِمَا ضُمِّنَتْ مِنْ بَارعِ الحمدُ يُثلَبُ |
على ظهره وِقْرٌ وفي عَيْنهِ قذى ً | وَفي سمعهِ وقرٌ وَفي فيهِ إثلبُ |
أَخَفْتَ الزَّمَانَ وَهْوَ رَاضٍ مُسَلِّمٌ | وَأمنهُ قومٌ مضوا وَهوَ مغضبُ |
وَإنكَ أهدى الناسِ في طرقِ العلى | سَمَا بِكَ دَسْتٌ أَوْ عَلاَ بِكَ مَوْكِبُ |
وَأَقْرَبُ مِنْ إِدْرَاكِ مَا تَعِدُ الْمُنى | عداكَ طلوعُ الشمسِ منْ حيثُ تغربُ |