الثوار يصرون على رحيل المجلس العسكري فورا أزمة سياسية وقانونية في مصر حول نقل السلطة لمجلس مدني تلبية لمطالب "التحرير" السبت 01 محرم 1433هـ - 26 نوفمبر 2011م
متظاهرون في ميدان التحرير في القاهرة
القاهرة- مصطفى سليمان
تثور في مصر حالة من الجدل السياسي والقانوني حول كيفية نقل
السلطة من المجلس العسكري لمجلس رئاسي مدني، فرغم اعلان المشير طنطاوي رئيس
المجلس العسكري أنهم مستعدون لترك السلطة فورا اذا وافق الشعب المصري على
ذلك في استفتاء شعبي، ورغم تأكيد اللواء مختار الملا في مؤتمر صحفي أن
المجلس غير راغب في البقاء في السلطة وأنه يخشى لو تركها فجأة أن تنهار
الدولة وأن يتهمهم الشعب المصري بخيانة الأمانة التي ولاها لهم منذ 11
فبراير الماضي، جاء تأكيد الدكتور الجنزوري رئيس الوزراء المكلف خلفا لعصام
شرف بأنه لولا تأكده شخصيا بأن المجلس العسكري لا يريد الاحتفاظ بالسلطة
ما قبل التعاون معهم، ومن هنا تأتي الأزمة السياسية في مصر، وهي أزمة تترنح
بالبلاد يمينا ويسارا، فالثوار في الميدان مصرون على رحيل العسكراليوم قبل
الغد وجانب من الكتلة الصامتة خرج الى ميدان العباسية يطالب ببقاء المجلس
والقوى السياسية منقسمة فيما بينها ولا تعرف كيف توجه مؤشراتها، وأمام كل
ذلك ما هو المخرج القانوني والسياسي لهذه الأزمة؟ وهل ينجح رهان المجلس
العسكري على الأغلبية الصامتة بطرحه الاستفتاء على بقائه؟ وما هي قدرة
الثوار على التحمل والصبر في الميدان أمام أطروحات العسكري ومناوراته؟
حول هذا السياق قام خالد تليمة، عضو ائتلاف شباب الثورة، إن الائتلاف يرفض
فكرة تولي الدكتور كمال الجنزورى تشكيل الحكومة، ويطالب بتسليم السلطة فورا
للمدنيين، على أن تتولى الحكومة بالتشكيل الذي طرحه الائتلاف، مضيفا أن
الائتلاف قرر الاعتصام على رصيف مجلس الوزراء لحين تحقيق باقي المطالب.
ويقول الدكتور محمود أبو الوفا خبير التنمية البشرية والناشط السياسي لـ
"العربية.نت" إن مصرتشهد الآن جدل وانقسامات على كافة المستويات، فالأحزاب
السياسية في كفة والمجلس العسكري في كفة أخرى، والميدان بما يمثله من
رمزية للثورة في كفة ثالثة، وبداية الحل للخروج من الأزمة هي أولا أننا لا
يجب أن نخطيء شباب التحرير المعتصم الآن، ولكن لابد من معاقبة من فجر
الأحداث ابتداء من يوم السبت الماضي التي صعدت وفجرت الغضب الكامن من الحكم
العسكري طوال الأشهر الماضية، فالملاحظ أن المجلس العسكري دائما يتخذ
قراراته كرد فعل لأي أزمة وهذه ليست سياسة، بما يؤكد فشله في ادارة
المرحلة".
ويؤكد أبوالوفا أنه حتى لو أجري استفتاء شعبي على بقاء العسكر في الحكم فان
النتيجة ستكون 100% برحيله حتى لو كان هناك الآلاف يهتفون ضد رحيله،
فالأغلبية الصامتة ستقول له لا ولكن الاختلاف بين هذه الأغلبية ومتظاهري
التحريرهو في الأسلوب والآليات لنقل السلطة ومن هنا فان رهان المجس العسكري
على هذه الأغلبية رهان خاسر .
ويرى أبوالوفا أن المجلس العسكري استغل حالة التفتت في الشارع السياسي ولعب
على تعميقها لبقائه مدة أطول سواء كانت نيته حسنة في ذلك أوسيئة.
يجب تخطي المرحلة وعن دستورية بقاء المجلس العسكري في
السلطة لحين الانتخابات الرئاسية أو رحيله فورا تلبية لمطالب التحرير قال
رجائي عطية المحامي والمفكر الاسلامي المعروف "لا توجد أي قوة قانونية أو
شرعية دستورية تقول بأن المجلس العسكري يترك السلطة الآن، فبعد رحيل مبارك
فوضت الشرعية الثورية المجلس العسكري في ادارة شئون البلاد وهذه الشرعية
الثورية تختلف في جوهرها عن شرعية الثوار كأشخاص أو قوى سياسية ، فمثلا لا
توجد لائحة بأسماء الثوارالذين مكنوا المجلس العسكري من ادارة البلاد حتى
تقوم هذه الأسماء بسحب الشرعية االثورية التي مكنته من ذلك فيصبح ازالته
قانونية ودستورية ولكن الذي مكنه هو الشرعية الثورية والتي تعني رضاء الشعب
الذي أسقط مبارك في 11 فبراير الماضي على توليه السلطة ولم تعترض وبالتالي
فانه رغم استحالة ما طرحه المشير في نهاية خطابه أمس الأول من اجراء
استفتاء شعبي على بقائه أو رحيله فهذا برأي المخرج الآمن والقانوني للأزمة
التي تشهدها مصر الآن.
ورأى عمرو هاشم ربيع، رئيس وحدة التحول الديمقراطي بمركز الأهرام للدراسات
السياسية والإستراتيجية، أنه يفضل أن نتحمل بقاء المجلس العسكري وأن يتم
قبول الجنزوري لرئاسة الوزراء في المرحلة الإنتقالية رغم ما عليه من تحفظات
وذلك لأنها حكومة مؤقته وسترحل بعد شهرين وعلينا ان نتخطي هذه المرحلة بأي
شكل من الأشكال وهي الفرصة الوحيدة لكي يرحل المجلس العسكري عن السلطة
محذرا من انه لو إستمرت الاوضاع على هذا الشكل سيظل المجلس العسكري قابضا
علي السلطة تحت دعوي عدم الإستقرار.
أما عن فكرة المجلس الرئاسي المدني الذي يطرحه ميدان التحرير بديلا عن
المجلس العسكري وامكانية تحقيقه ومدى دستوريته فيما اذا أصر الثوار عليه
فيرى الفقيه الدستوري نور فرحات أن الاعلان الدستوري الذي وضعه المجلس
العسكري لا يوجد به أي إشارة لفكرة المجلس الرئاسي المدني، لافتا إلى أنه
نص على أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو القائم بأعمال رئيس الجمهورية
لحين تسليم السلطة لرئيس جديد منتخب.
مجلس رئاسي مدني وخروجا من ذلك المأزق يقترح جورج
اسحق الناشط السياسي أن يشكل المجلس الرئاسي المدني وتحدد مهمته بأن يكون
معاونا للمجلس العسكري وأن تكون له صلاحيات فهو مجلس مدني استشاري.
ويشير نور فرحات إلى أنه من الممكن أن يشكل مجلس رئاسي مدني ويقوم المجلس
العسكري بتفويض كل سلطاته واختصاصته لهذا المجلس وأن تكون مهمة هذا المجلس
مراقبة تحقيق أهداف الثورة، ويشكل هذا المجلس من شباب الثورة حتى يكتسب
شرعيته من الثورة
ويقول المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق إن المجلس العسكري
اكتسب شرعيته من الشرعية الثورية وأصبح يملك سلطة رئيس الجمهورية
وصلاحياته والسلطة التشريعية بمجلسيها، كما يشرف على أداء الحكومة، واذا
أردنا تشكيل مجلس رئاسي مدني وفق رغبة الثوارفيجب تعديل أحكام الإعلان
الدستوري والنص فيه على تشكيل هذا المجلس الرئاسي وكيفية تشكيله وعدد
أعضائه ومدى اختيارهم من الثوار ومن ميدان التحرير وتحديد اختصاصاته من
جانب المجلس العسكري، وأيضا التزام هذا المجلس العسكري بقرارات المجلس
الرئاسي وتحديد مدة بقائه حتى انتهاء المرحلة الانتقالية و تسليم السلطة
إلى البرلمان الجديد وإلى رئيس الجمهورية المنتخب، مشيرا إلى أنه لا يجوز
أن يتم تشكيل المجلس الرئاسي إلا بتعديل فى الدستور المؤقت، وهو ما يملكه
المجلس العسكري بحكم وضع الشرعية الثورية القائم حاليا.