من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة
من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة
1-
حديثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعودٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ ماتَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ
النَّارَ وَقُلْتُ أَنا: مَنْ ماتَ لا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ
الْجَنَّةَ).
2- حديث أَبي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَتانِي آتٍ مِنْ رَبّي فَأَخْبَرَني، أَوْ
قَالَ بَشَّرَني، أَنَّهُ مَنْ ماتَ مِنْ أُمَّتِي لا يُشْرِكُ بِاللهِ
شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ قلْتُ: وَإِنْ زَنى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ: وَإِنْ
زَنى وَإِنْ سَرَقَ).
3- حديث أَبي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ:
أَتَيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ أَبْيَضُ وَهُوَ
نائِمٌ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَقَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقالَ: (ما مَنْ عَبْدٍ
قَالَ لا إِلهَ إِلاّ اللهُ ثُمَّ ماتَ عَلى ذَلِكَ إِلاّ دَخَلَ
الْجَنَّةَ قُلْتُ: وَإِنْ زَنى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ: وَإِنْ زَنى وَإِنْ
سَرَقَ، قُلْتُ: وَإِنْ زَنى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ: وَإِنْ زَنى وَإِنْ
سَرَقَ، قُلْتُ: وَإِنْ زَنى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ: وَإِنْ زَنى وَإِنْ
سَرَقَ عَلى رَغْمِ أَنْفِ أَبي ذَرٍّ وَكانَ أَبُو ذَرٍّ إِذا حَدَّثَ
بِهذا قَالَ وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبي ذَرٍّ).
الشرح:
في حديث
ابن مسعود رضي الله عنه دلالة على أن من مات مرتكبا للشرك كان مصيره إلى
النار خالدا مخلدا فيها كما قال تعالى: (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ
فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا
لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ). والمراد بذلك الشرك الأكبر الذي فيه صرف
العبادة لغير الله لأن الشرك إذا أطلق في لسان الشرع انصرف إلى الأكبر إلا
بقرينة أما الشرك الأصغر فلا يوجب الخروج من الملة والخلود في النار. وقد
اتفق أهل السنة على أن الشرك يوجب الخلود في النار. وإنما كان الشرك كذلك
لأنه غاية الظلم ومنتهاه. قال تعالى: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).
ودل الحديث بمفهومه أن من مات موحدا مخلصا في عبادته كان مصيره إلى الجنة
كما قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ
لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً). وقد صرح به الرسول صلى الله عليه
وسلم في حديث أبي ذر وهذا المفهوم قد فهمه الصحابي الجليل ابن مسعود
بمقتضى اللغة ودلالة الكلام وقد كان رضي الله عنه محققا للتوحيد في دعوته
ومذهبه وأهل بيته. وفي حديث أبي ذر زيادة توضيح وبيان لهذه القضية وهي أن
الموحد مآله وعاقبته إلى الجنة فقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن
الموحد يدخل الجنة مطلقا ولو وقع منه بعض الكبائر من الزنى والسرقة وغيرها
وقد استشكل الصحابي أبو ذر رضي الله عنه دخول الموحد صاحب الكبائر الجنة
فدفع الرسول عنه هذا الإشكال. وهذا الإطلاق في هذا الحديث مقيد بأحاديث
أخرى صحاح تدل على استحقاق صاحب الكبيرة دخول النار وهو أمر محفوظ عند
علماء أهل السنة لكن الموحد وإن دخل النار يؤول أمره إلى الجنة ولا يخلد في
النار مطلقا.
والتحقيق في هذا المقام أن يقال أن دخول الموحد
الجنة له حالتان: إما أن يدخل الجنة مباشرة بلا عذاب ولا حساب إذا كان
إيمانه تاما وغلبت حسناته سيئاته ، وإما أن يدخلها بعد أن يمحص ويعذب
بالنار إذا كان إيمانه ناقصا ومرتكبا للعظائم وينتهي حاله إلى الجنة ويستقر
فيها أو يعفو الله عنه ويرحمه فيسقط عنه العذاب ويدخله الجنة كما دلت
النصوص والروايات المحفوظة على هذا التفصيل المحكم وعليه اعتقاد أهل السنة.
وبهذا يتبين لنا شدة خطورة الشرك بجميع أنواعه وصوره وسوء عاقبته. وفي
الأحاديث خطورة الخاتمة وأن العبرة في الأعمال بالخواتيم وهذا يوجب على
المرء شدة الحذر والخوف من الردة والانتكاسة قبل الموت. وفي الحديث رد صريح
على الخوارج الذين يخلدون أهل الكبائر في النار فقد أوجب الرسول صلى الله
عليه وسلم دخول الجنة لصاحب الكبيرة وذلك يدل على أن الكبيرة لا تنافي مطلق
الإيمان ولا تزيل وصف الإيمان عن مرتكبها وهذا أمر مقرر في جملة من نصوص
الكتاب والسنة.
فرسان السنه