جاءتني تحمل أوجاع الدنيا بين حنايا قلبها تارة تبكي وتارة تضحك
وتارة تهذي بكلام لم أستطع فهمه ولم أعرف مغزاه ، ألمني الحزن الذي لبسته
وذلك السواد الذي يغطي جسدها وكأنها تختبئ به من لسعات البرد القارسة.
وساد الصمت كلانا لم أعهدها ضعيفة كرؤيتي لها هذه الليلة ولكن دار في مخيلتي الحزن
الذي يلبسني منذ إعلان رحيلهم واتهامي بأني فضلت سواهم وألجمني ماسمعته من اتهامات
وطعنات غرست في قلبي وجعلتني إلى الآن أعيش في غيبوبة.
وفي لحظة بدأت تشتكي قسوته ، جبروته ، قائله بقلب موجوع : هل جزاء الإحسان إلا الإحسان
عندما تهب قلبك ومشاعرك لأشخاص تعتبرهم الهواء الذي تتنفسه ، والماء الذي يروي ظمأك .
وفي لحظة ما تجد أنك منحت قلبك لمن لا يستحقه وأن مابنيته هو أحلام بدأت تتهاوى أمام عيناك
وتجلس تشاهدها لا حول لك ولا قوة .
وبدأت عيناها تتساقط دموعا حارقة أحرقت قلبي وآلمته وقاطعت حديثها قائلة لها : ألم ووجع ينغرس في قلوبنا
نحاول أن ننساهم ونزيلهم من ذاكرتنا ولكن نكتشف أنهم احتلوا مساحة كبيرة في قلوبنا واستوطنوا فيها .
حاولنا الهروب منهم واخترنا أحد ينتشلنا من ألامنا وأحزاننا لعله ينسينا لوهلة ماألم بنا ولكن عيت النفس أن تتقبلهم أو تهفو إليهم فمازال الفكر معهم والقلب يتذكر أحاديثهم وضحكاتهم وعتابهم وعنادهم فيبتسم الخاطر لذاكرهم واشتياقا لهم
وتتمنى أن الفراق لم يخلق معنا ولم يكن الطريق الذي اخترناه معا.
ولكن الكبرياء وعزة النفس رافقتنا . فعلى صوتها المكان وافقت من غفوتي وشرودي على كلماتها المتحسرة التي أبكتني
كيف انتشل حبهم من داخل قلبي ؟
كيف احرق صورهم من مخيلتي ؟
هل اقتلع عيناي لكي لا تدمع لفراقهم بالله عليكِ ؟
ماذا أفعل أجدني حطام منذ بعدوا عني ؟
تائهة لا مأوى يأؤيني
جثة هامدة تطأها أقدام البشر غير آبه لمشاعري .
فتخنقني عبراتي ماذا أقول لها ؟
وأنا أشعر باحتضاري كل لحظة منذ رحلوا وأكابر وأكابر عندما أجدهم بين الحضور واختبئ بعيدا لكي لا أشعر بالضعف عند رؤيتي لهم .
وانزوي في زاوية من زوايا غرفتي أبكي ألم فراقهم ولوعة اشتياقهم ، أريد أن أقول لهم اشتقت لكم وأعياني بعادكم.
ولكن هيهات نفسي الأبية ترفض الخضوع والمذلة لهم فهم ألموا قلبي وجرحوني ولم يقدروا محبتي وهيامي بهم .
وأنتم يامن تقرؤون سطوري وهلوساتي الاعتيادية والأخيرة :
هل يتملككم ذلك الحزن والألم لرحيل أحبتكم ؟
هل ترغبون بالبكاء والاختباء بعيدا لكي لا يشعرون باحتياجكم لهم ؟
هل ستنمحي عباراتهم وغطرستهم التي انغرست في قلوبكم وآلمتكم هل ستمحى يوما من ذاكرتكم؟
هل ستمدون لهم يد المسامحة يوما لجروحهم الدامية التي أبكتكم؟
ويبقى سؤال حائرا في فكري هل مازالوا يذكروننا ويحنون إلى صحبتنا ؟
فضممتها إليّ كضمة الأم لأبنتها وقلت لها : لا أعلم ياصديقتي هل أعزي نفسي أم أعزيك؟
فمسحت دموعها الحارقة وقلت لها : دعيها للأيام فهي وحدها كفيلة بمداوة الجراح وشرعي مجاديف الأمل فلابد
يوما من العودةِ . هكذا الطيور المهاجرة لا تستطع أن تعيش بعيدا عن أعشاشها .
ورحلت صديقتي وبقيت في عيني دمعة حائرة ومازالت إلى الآن أسأل نفسي :
هل الكبرياء يغنينا عن الحب ويجعلنا لا نتنازل أبدا إكراما لأنفسنا ؟
وهل هكذا أصبحت قلوبنا كالزجاج يسهل كسرها .
موضوع: قلوب كالزجاج يسهل كسرها 
