بسم الله الرحمن الرحيم
المسـافة والساحة المتاحة ؟..؟؟؟؟؟؟
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
الإسراف في الحروف أصبح صفة معيبة لنا دون غيرنا من الأمم .. وسمة تلازمنا بأننا نجيد الثرثرة كهواية لشعوب تتكلم كثيراً ولا تعمل .. ثرثرة بمعيار محيطات وبحـار .. وأبواق تجيد القول ولا تجيد الإصغاء ..
ونقاط السواد في حالنا تتمثل في أن حروفنا وأقوالنا فقط للاستهلاك غير مقرونة بأفعال .. وجلسة تخطيط وبناء وتنفيذ في أية مرحلة وأية شأن لأمة تعادل في محاسنها وفوائدها آلاف الساعات من الثرثرة في الفضائيات والصحف والإعلام .. والأقوال والحوارات التي تمت وتتم في محافل الإعلام لدينا طوال السنوات الأخيرة لو كان ما يماثلها من الأفعال لكنا اليوم في قمة الأمم .. ولكن عندنا فإن مفهوم الكلام والكتابة والثرثرة يعتبر في حد ذاته إنجازاً ومكسباً .. وتلك كذبة كبيرة .. فلو تناولت الألسن حقيقة أن هناك خلل في مسار ما وظلت تردد تلك الحقيقة لآلاف السنين فلا فائدة من تلك الألسن وجهودها إذا لم تصاحب القول علاج للخلل .. وكذلك الحوار والجدال والنقاش في مفهومنا هو لإثبات الحجة فقط وليس للوصول إلى الهدف الأصوب .. بينما نرى الغير من الأمم آثرت السكوت بقدر الإمكان إلا ما كان للضرورة ومالت إلى العمل والجد والكد .. والتخطيط والبناء ., ونحن نزيد في مساحات القول والثرثرة بالقدر الوفير الذي يجلب الغثيان .. فهناك يومياً لدينا المزيد من القنوات الفضائية والمزيد من الصحف المقروءة .. والأقوال والحروف فيها تخطت منطق المعقول وتعمقت بمسافات في اللامعقول .. وحصاد الألسن فيها ليوم الميزان .. أقوال وكتابات جمة بمعيار زبد البحار .. والقليل منها ما يمكث في الأرض لتستفيد منه الناس .. ومع ذلك يصر البعض بأن الظاهرة صحية جداً وتلك هي الفلسفة التي أوردتنا التهلكة من أول يوم .. فالمفهوم لدى البعض أن الثرثرة الكثيرة والكلام الكثير غاية في حد ذاتها .. وذلك مفهوم خاطئ للغاية فيجب أن تكون تلك الثرثرة والكلام المكثف وسيلة لتحقيق غاية في بناء المجتمع .. ولا تكون ديكوراً فقط لمحاكاة الآخرين .. يملكون من وسائل الإعلام ونحن نملك مثلها وأكثر منها .. ويملكون حرية القول والثرثرة ونحن نملك مثلها ونتفوق عليهم .. ولكن في المقابل هم يخططون ويبنون ويربطون الأقوال بالأفعال ونحن لا نخطط ولا نبني ولكن نقول ونثرثر فقط حتى نتفوق عليهم في ذلك المجال !! .. أو لأننا نجيد المحاكاة دون التعمق في المفهوم .. وتلك هي محنتنا في مجال القول والكتابة والثرثرة .. وإذا رجع احدهم لسنوات قليلة ووقف في أقوال صحيفة يومية واحدة فقط سوف يكتشف أن جلها كانت مجرد ثرثرة لا معنى لها .. التناقضات التي كانت قائمة في حينها سوف يجدها مازالت قائمة حتى اليوم .. والوعود والأماني التي وردت فيها ما زالت وعوداً ومازالت ترد في صحف اليوم .. فإذن نحن نكتب ونقول لمجرد الكتابة والقول ولسد فراغ في صفحات ووسائل الإعلام .. أما أن يقول احدهم أن الإعلام تؤدي دورها في كشف الحقائق وأن على الآخرين أن يؤدوا أدوارهم في مراقبة ما يقال وما يكتب تلك حقيقة قد تكون منطقية .. ولكن الاستمرارية بمنوال ذلك الجدل أصبحت غير مجدية .. بل أدخلت الإعلام ووسائلها في خانة الثرثرة في الفارغ .. فيقال ضرباً للمثل : ( ذاك كلام جرائد ليس إلا ) والآن (ذاك كلام فضائيات ليس إلا ) .. و المثل يعني أنه كلام للثرثرة والاستهلاك فقط لا يقدم ولا يؤخر .. ونحن محاسبون بحصاد ألسنتنا .. وذاك حساب يخيف جداَ إذا نظرنا وحسبنا بمقدار الكم وبمقدار النوع .
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد