كل عام والأمة الإسلامية بخير، فها هى أيام قلائل ويهل علينا شهر رمضان ، خير أشهر العام ، وكلنا نعلم فضل هذا الشهر.
ولكن رمضان هذا العام غير أى عام مضى، لما تشهده الأمة العربية من حركة تغيير وثورات قامت جميعها تحت شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" ، وكان لهذا الشعار أثر كبير فى حياة الشعب العربي ، خاصة الشباب ، حتى أن هذا الشعار جاء فى مناسبات عدة ومطالبات أخرى ، والتى كان آخرها هذا الشعار المستوحى من شعار الثورات العربية، والذى يرفعه الشباب المسلم عبر "الفيس بوك" فى رمضان القادم ، وهو: "الشعب يريد إسقاط الذنوب" ،
شعار يرفعه الضعفاء للقوى، الأذلاء للعزيز، المذنبون للتواب الغفور طالبين كرمه- جل وعلا - ى محو الذنوب والخطايا .
وهذا بالفعل مطلب مشروع ، فمن يمحي الذنوب ويسقطها سوى الله ؟!
ولكن هذا المطلب مقترن بعدة أشياء ، منها على سبيل المثال : أنه بعد انفجار تلك الثورات الخارجية لابد وأن تنفجر الثورة الداخلية ، وتهب رياح التغيير داخل كل إنسان لتهدم الفساد الداخلي وتغير من السلوك ، رافعة شعار إرحل لكل المنكرات والموبقات ، وكل ما هو ضار بالفرد والمجتمع، مصداقاً لقول الحق سبحانه وتعالى {إنَّ اللهَ لا يغيّرُ ما بقومٍ حتى يُغيروا ما بأنفسِهِم} (سورة الرعد: 15) .
بالفعل شهر رمضان فرصة كبيرة للإصطلاح مع الله ، والاصطلاح مع النفس، ونشر الفضيلة والبر، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ابتغاء مرضاة الله .
فلا يصح أن نرى رشوة فى رمضان ، أو احتكار لسلعة ، أو ظلم للعباد، أو غدر بالوعود ، أو أى نوع من الفساد ، لأن الله سبحانه وتعالى - فى قرآنه الكريم - قرن الإيمان بالأعمال الصالحة -.
فيا من تريد محو الذنوب عليك بتقوى الله ، ومعاملة الناس بخلق حسن، حتى تكون أقرب الناس مجلساً من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ، مصداقاً لقوله "أقربكم منى مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون" . فعلى من يرغب فى إسقاط الذنوب لابد له أن يتوب ، ويعزم النيّة على ألا يعود لارتكاب الذنوب مرة أخرى ، فمن عزم على الإقبال على ربه، وقرع باب التوبة ، فتلك هي القاعدة التي دل عليها قوله سبحانه وتعالى : {إِنَّالْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}[سورة هود: 114]
وكما أن هذه القاعدة صرحت بهذا المعنى ، وهو إذهاب الحسنات للسيئات، فقد جاء في السنة ما يوافق هذا اللفظ تقريباً كما في الحديث "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن". وختاماً نطلب من المولى عز وجل الاستجابة لمطلب الثائرين على الذنوب ، الذين عزموا على الاعتكاف فى شهر رمضان ، وعدم مغادرته حتى تسقط ذنوبهم فيغير الله حالنا للافضل إن شاء الله تعالى
عن ابي هريرة رضى الله عنه
عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال:
(*من صام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه*)
صححه الالباني