من أخطاء الصائمين
الحمد لله وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم وبعد فهذه بعض أخطاء الصائمين كتبتها لتكون عونا لنا عن البعد عما يشوب الصيام ويكر صفوه مما قد يفسده أو يخل به وينقص أجره .
أولا : أخطاء في التربية :
-إهمال كبير في التربية للأولاد في المدارس والبيوت : لأنهم أوهموا أنفسهم أنهم في رمضان لايستطيعون النصح والإرشاد وذلك للجهد الذي ألحق بهم في هذا الشهر الكريم فليتهم يقومون بأنفسهم كما يزعمون بكيف يقومون بغيرهم وهذا عذر لامستند له ولا رصيد وقد قال صلى الله عليه وسلم : ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ))ثم إن هؤلاء عماد أمتنا فإن ضاعوا وماعوا فعلى الحياة العفاء فدع عنك ياهذا ماأصبت به من الكسل بل التكاسل وحي هلا على العمل .
-إهمال الصغار في تعويدهم على الصيام وحجتهم داحضة هي الزعم بأن الولد صغير ولا يتحمل وهذا والله من البعد عن مواطن الأجور وقد كان الصحابة يعودون أبناءهم على الصيام وهم صغار كما قالت الربيع بنت معوذ وكانوا يشغلونهم باللعب من العهن حتى وقت الإفطار .
ثانيا :في الصيام بالنهار :
1-لايستاكون بعد العصر ظنا منهم أن بعد الزوال لايجوز الإستياك: ولايصح في النهي حديث وقد صح عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قوله : ((السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ))ويصح الإستياك قبل الزوال وبعده وهذه عليه جمهور العلماء .
2-يتكاسلون عن الجماعات او الصلوات عموما فقد يجمعها بعضهم وينامون أكثر النهار زاعمين أن الصوم يضعف عن ذلك بل يضعفون عن القيام بالأعمال الوظيفية فعرفوا في رمضان بالتكاسل والتخاذل ألم يعلم هؤلاء أن أكثر الغزوات الإسلامية والفتوحات كانت في رمضان ؟
3-ترك قراءة القرآن عند البعض ولزوم البعض لقراءته في رمضان فقط ثم إذا خرج رمضان فكأنه لايعرفه وسبحان الله تعالى أليس هذا هجر للقرآن ؟وقد قال تعالى عن نبيه يشكي قومه إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا(.
ثالثا :في ليل رمضان
1-يطيلون السهر لليل كله دون أن يأخذوا قسطا من الراحة وليتهم يحيونه في الطاعة والتعبد لهان الخطب : لكنهم يحيونه في المعاصي وكافة الملهيات وهم يفرحون بقدوم هذا الشهر الكريم لأجل مايشعرون فيه من السعادة الغامرة في ضياع اوقاتهم ، ولا أقصد أن كل الناس هكذا بل هناك من لايشتغل فيه إلا بطاعة الله والحمد لله فهنيئا لهم ماانتفعوا به من الخير وتزودوا منه ليوم المعاد .
2-يكثرون من السهر على مايروجه لهم الإعلام من المحرمات كاالتمثيليات القذرة والأغاني الماجنة وغيرها مما يداعب العواطف ويشغلهم عن الشعور الحقيقي بمعنى الصيام الذي هو الإمساك عن المفطرات والجماع بل عن الشهوات وهم يرددون على مسامعهم الحديث الضعيف : (ولكن ساعة وساعة ) وان القلوب تكل ....ومع ذلك فهم يجعلونها ساعة لربك كما قالوا وساعات لشهواتك وملذاتك فأين العدل إن صدقوا لكنه الحرمان والله من الخير فلا والله لالدين نصحوا ولا لخير دلوا .
3-البعض يترك سنة الجماعة في التراويح بل قد لايقومها وللأسف وقد يقوم بعضها فقط ولا يقوم مع الإمام كل الصلاة حتى يكتب له قيام ليلة كما قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
رابعا :في الفطور :
1-يؤخرون الفطور حتى تشتبك النجوم وهذا خلاف السنة فقد قال صلى الله علي وسلم : ((لايزال الناس بخير ماعجلوا الفطور )) : وفي رواية : ((لايزال الدين ظاهرا... ))وحدد النبي صلى الله عليه وسلم وقت الفطور فقال: ((إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم )) قال شيخ الإسلام : (فمن تأكد من غياب القرص كاملا فإنه يفطر) اهـ .
2-يدعون ربهم فيقولون : اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت (وهو حديث مرسل لايصح )وقد يأتون بأدعية عديدة أخرى خلاف الوارد فيما صح عنه وإنما صح قوله : ((ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله ))وليسعنا ماوسعه عليه الصلاة والسلام .
3-يأكلون التمر وترا معتقدين أن النبي فعله في الصوم (وفيه حديث لم يصح عنه)والأحاديث الصحيحة لم تحدد العدد ومنها قول أنس رضي الله عنه : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات فإن لم يجد فعلى تمرات ...) ولم يحدد عددا .
4-يبدأون بالماء وفيه حديث لايصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه بدأ بالماء والسنة البدء بما صح به الدليل عن أنس رضي الله عنه قال : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل الصلاة على رطبات فإن لم يجد فتمرات فإن لم يجد حسا حسوات من ماء )والرطب له فائدة أن المعدة تحتاج إلى الشيء الحلو لتتقبل مايأتي عليها بعد ذلك والماء لأجل اليبوسة التي تصيب الكبد فيحتاج مايلينها كما قاله ابن القيم .
5-يؤخر البعض فطوره إلى مابعد الصلاة وهذا خلاف السنة فكما في حديث أنس السابق أنه كان يأكل الرطب قبل الصلاة ثم يعود ليتم أكله عليه الصلاة والسلام كما ذكر هذا الصنعاني صاحب السبل .
6-يكثر الأكل على المعدة فوق الشبع فلايقوى بعد ذلك على العبادة : والإكثار من الطعام خلاف السنة فعن المِقْدَامِ بنِ مَعْدِ يكَرِبَ ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ الله يَقُولُ: «مَامَلأَ آدمِيٌ وِعَاءً شَرَّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابنِ آدَمَ أُكُلاَتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فإِنْ كَانَ لاَ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلْثٌ لِنَفَسِهِ»رواه الترمذي وقال حسن صحيح وصححه الألباني .
7-المبالغة في إعداد الأطعمة بأنواعها المختلفة وكأن المقصود من رمضان هو الأكل والشرب : قال تعالى : {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إن الله لايحب المسرفين }. وقال تعالى : {إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين{
خامسا :في السحور :
1-قد يواصل بعضهم فلا يفطر ولايتسحر وهذا خلاف السنة : وقد كره صلى الله عليه وسلم المواصلة بين اليومين إلا من السحور للسحور قال لصحابته : ((إياكم والمواصلة ))قالوا يارسول الله فانت تواصل : ((قال لست كهيئتكم إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني )) وقال لهم : ((فأيكم أراد أن يواصل فإلى السحور )).
2-بعض الناس لايهتم بالسحور سواء حصل أولا وهذا خلاف مادعى إليه صلى الله عليه وسلم : فقد قال صلى الله عليه وسلم : ((تسحروا فإن في السحور بركة )) وهذه البركة جاء بيانها في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ((فصل مابين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر ))وفي قوله : ((إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين )) وفي قوله : ((إن الله ينزل إلى السماء الدنيا وذلك في الثلث الأخير من الليل فيقول هل من داع فأستجيب له هل من سائل فأعطيه ..)) ولايلزم تفريغ وقت طويل له ولا التبذير الذي قد بينا حاله قبل لأن هذا قد يدفع بعض الناس لتركه بل يكفي التمر أو الماء ليتحقق ذلك الأجر فقد قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ((لاتدعوا السحور ولو أن يجرع أحدكم جرعة ماء .. ))وقال صلى الله عليه وسلم : ((نعم سحور المؤمن التمر )).
3-تبكير بعض الناس بالسحور قبل الفجر بكثير وهو خلاف السنة : ففي صحيح البخاري عن قتادة عن أنس رضي الله عنه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : (تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم )-قلت : والواقع أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي تسحر عند زيد بن ثابت رضي الله عنه لكن هذا من أدب صحابته معه عليه الصلاة والسلام فأين نحن اليوم ؟ياحسرة على العباد ......-قال زيد ثم قمنا للصلاة قال أنس كم كان بين السحور والصلاة قال قدر قراءة خمسين آية ) .قلت :خمسين بقراءته عليه الصلاة والسلام لابهذنا اليوم فقد كان يمد الآية ويقف على رؤوسها فماأعظمه وأجله بأبي هو وأمي رسول الله صلى الله عليه وسلم وماأضعفنا وأحوجنا للسنة والله .
4-قد يخص بعض الناس السحور بأدعية خاصة ولا بعلم دعاء خاصا بالسحور فلا ينبغي التعدي إلا لو دعى لأمر عارض لايريد تخصيص السحور فالدعاء المطلق لكل وقت لايخص وقتا دون وقت قال تعالى : {وقال ربكم ادعوني استجب لكم }.