الســـلام عليـــكم ورحمـــة الله وبركاتـــــه
من نفحات رمضان
ربيع القلوب
قال الله تعالى :
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}
(185) سورة البقرة
شهر رمضان ربيع القلوب ، والقرآن شفاء لما في الصدور ،
ولآيات الذكر الحكيم وقع وتأثير على النفوس فهي تحيي القلوب وتلين الجلود فيخرج دعاء وبكاء ومناجاة من القلوب الخاشعة والعيون الدامعة .
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
(كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ ، إلَّا الصِّيَامَ ، فَإِنَّهُ لِي ، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، الصِّيَامُ جُنَّةٌ ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ ، وَلَا يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ ، فَلْيَقُلْ : إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ . وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا ، إذَا أَفْطَرَ فَرِحَ ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ)
رواه البخاري ومسلم
يقول الله عز وجل :
{اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيْثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُوْدُ الَّذِيْنَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِيْنُ جُلُوْدُهُمْ وَقُلُوْبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِيْ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}
(الزمر23)
وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء .
ويطلب من ابن مسعود رضي الله عنه أن يقرأ عليه القرآن فلما بلغ قول الله عز وجل :
{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً}
(النساء41)
يقول : حسبك ، وينظر إليه ابن مسعود فإذا عيناه تذرفان" .
ويسمع من عجوز تقرأ قول الله عز وجل :هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ" (الغاشية 1) وتبكي وتعيد وتبكي ؛
فيضع رأسه على الباب ويبكي صلى الله عليه وسلم ويقول : " نعم أتاني ، نعم أتاني "
وهذا أبو بكر الصديق أبرز تلاميذ مدرسة النبوة ، رجل أ سيف ، رقيق القلب لا يستطيع القراءة من كثرة البكاء رضي الله عنه وأرضاه .
وعمر بن الخطاب رضي الله عنه المعروف بجلده وقوة قلبه وشدة بأسه وشكيمته يسمع قارئا أثناء تجواله في الليل لتفقد الرعية يقرأ :
{وَالطُّورِ(1) وَكِتَاب مَسْطُور(2)فِي رَقٍّ مَنشُور(3)وَا لْبَيْتِ الْمَعْمُورِ(4)وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ(5)وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ(6)إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ(7)مَا لَهُ مِن دَافِع(8)}
(الطور 18)
فيقول: "قسم حق ورب الكعبة" ،
ويخر مغشيا عليه فيحمل إلى بيته ويبقى مريضا ثلاثين يوما يعوده الناس .
القرآن كلام رب العالمين ، يدهش العقول ويبكي العيون ، وينفذ حتى إلى قلوب المشركين والكافرين .
فعتبة بن ربيعه يأتي بوجه ويسمع آيات من الذكر الحكيم فيعود بوجه آخر ، ويشهد قائلا :
والله ما سمعت مثله قط ، ما هو بالشعر ، ولا بالسحر ، ولا بالكهانة .
والنجاشي يسمع آيات من سورة مريم يقرأها جعفر بن أبي طالب فتفيض أعينه من الدمع فتنزل فيه الآية :
{وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}
(المائدة 83)
هكذا القرآن يؤثر في القلوب ويغير النفوس .
ولله دره ما أعظم أثره ،،