عظم لم تسعه دار الفناء | فلتسعه في الله دار البقاء |
يا أميرا إلى ذرى العزة القعساء أعلى مكانة الأمراء |
لم تكن بالضعيف يوم أصبت الأمر والأمر مطمع الأقوياء |
فتنكبت عنه أقدر ما كنت على الاضطلاع بالأعباء |
إنما آثرت لك النفس حالا | هي أسمى منازل النزهاء |
عدت عطلا وليس في الناس أحلى جبهة منك بعد ذاك الإباء |
فجعت مصر فيك فجعة أم | في الأعز الاغلى من الأبناء |
في جواد جارى أباه وما جاراه | إلاه بالندى والسخاء |
أورد الفضل كل صادق وخص الجزل منه بالعلم والعلماء |
أريحي يهتز للعمل الطيب من نفسه بلا إغراء |
إنما يبتغي رضاها وما يعنى بشكر من غيرها وثناء |
كلف بالجميل يسديه عفوا | متجاف مواطن الإيذاء |
لازم حد ربه غير ناس | في مقام ما حق للعلياء |
كل شأن يسوسه يبلغ الغاية | فيه من همة ومضاء |
ويرى الفخر أن يكون طليقا | من قيود الظاهر الجوفاء |
كان وهو الكريم جد ضنين | بالإذاعات عنه والأنباء |
فإذا ما أميطت الحجب عن تلك المساعي الجسام والآلاء |
أسفرت بين روعة وجلال | عن كنوز مجلوة من خفاء |
كان ذاك الجافي العبوس المحيا | في المعاطاة أسمح السمحاء |
دون ما تنكر المخايل فيه | غرر من شمائل حسناء |
من حياء يخال كبرا وما الكبر به غير صورة للحياء |
ووفاء للآل والصحب والأوطان | في حين عز أهل الوفاء |
وكمال في الدين منه وفي الدنيا تسامى به عن النظراء |
يذكر الله في النعيم ولا ينساه إن طاف طائف من شقاء |
فهو حق الصبور في عنت الدهر | وحق الشكور في النعماء |
لم ير الناس قبله في مصاب | مثل ذاك الإزراء بالأرزاء |
بترت ساقه ولم يسمع العواد منه تنفس الصعداء |
جلد لا يكون خلة رعديد ولم يؤته سوى البؤساء |
كيف يشكو ذاك الذي شكت الآساد | منه في كل غيل ناء |
والذي كان باقتناص ضواري الغاب يقري الكلاب ذات الضراء |
والذي زان قصره بقطاف | من رؤوس الأيائل العفراء |
أشرف اللهو لهوه بركوب الهول بين المجاهل الوعثاء |
باحثا عن قديمها مستفيدا | عبرا من تبدل الأشياء |
سير الأولين كانت له شغلا فأحيى دروسها من عفاء |
وتولى تنقيح ما أخطأته | أمم من حقائق الصحراء |
فإذا عد في بلاء فخار | لم يجاوز فخار ذاك البلاء |
إنني آسف لمصر وما ينتابها في رجالها العظماء |
كان ممن بنوا علاها فريعت | بانقضاض البناء بعد البناء |
لم يخيب ما دام حيا لها سؤلا | وكائن أجاب قبل الدعاء |
فإذا ما بكى أعزتها يأسا | فمن للعفاة بالتأساء |
قد حسبنا القضاء حين عفا عنه | رثى للضعاف والفقراء |
غير أن الرجاء مد لهم فيه قليلا قبل انقطاع الرجاء |
ويحهم ما مصيرهم فهم اليوم | ولا عون غير لطف القضاء |
أيها الراحل الجليل الذي أقضيه نزرا من حقه برثائي |
لم يكن بيننا إلى أن دعاك الله إلا تعارف الأسماء |
زال بالأمس ما عراك فأبديت سروري مهنئا بالشفاء |
وأنا اليوم جازع جزع الأدنين | من أسرة ومن خلصاء |
ذاك حق لكل من نفع الناس | على الأقرباء والبعداء |
رضي الله عنك فاذهب حميدا | والق خيرا وفز بأوفى جزاء |
نعمة الله يا سليلة بيت | راسخ فوق هامة الجوزاء |
لك من عقلك الكبير ومن ذكرى الفقيد الخطير خير عزاء |
أنت من أنت في مكانك من وال | ومن إخوة ومن آباء |
وستهدين هدي أمك في أقوم نهج لفضليات النساء |