عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلق أخاك بوجه طلق (1)
وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:
« إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك »(2) أخرجهما مسلم.
حديث أبي ذر في معنى حديث جابر لكن فيه نصح وإرشاد: « لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلق أخاك بوجه طلق »(1) وهذا مثل ما قال عليه الصلاة والسلام في الصحيحين من حديث عائشة ومن حديث أبي هريرة أنه قال: « لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة »(3) وهذا ثبت في حديث أبي جري جابر بن سليم عند أبي داود بإسناد صحيح أنه قال: « لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلق أخاك ووجهك منبسط إليه »(4) مجرد انبساط الوجه إلى أخيك هذا من المعروف، فلا يحقرن شيئا من المعروف.
ومثل ما تقدم الكلمة الطيبة صدقة، لأن ما يراد به وجه الله عز وجل لا يحتقر، والله عز وجل لو تصدق العبد بشيء يسير أو تكلم بكلمة يسيرة، ولو تكلم بكلمة يسيرة، فإنه - سبحانه وتعالى- يقبلها بيمينه ويربيها، قال: كما يربي أحدكم فلوة، حتى تكون أعظم من الجبل، يقبلها - سبحانه وتعالى - حتى تكون أعظم من الجبل، ولهذا لا يحتقر المسلم ما يراد به وجهه - سبحانه وتعالى- لأنه يضاعفه ويعظمه.
ولهذا قال: « ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق »(5) لأنه أمر متيسر، وفي حديث آخر أنه قال: « إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعهد جيرانك »(6) وفي لفظ: فأصبه منها .
في حديث جابر عند أحمد من رواية الأعمش قال: بلغني عن جابر -رضي الله عنه- أنه عليه الصلاة والسلام قال: « إذا طبخت لحمة أو لحما فأكثر ماءها وأوسع على جيرانك »(7) فمن لم يصبه اللحم أصابه من المرق، وهذا يبين أن طبخ اللحم أفضل من شيه؛ لأن طبخه به مصالح يكون فيه المرق الذي يحصل بطبخه، ويكون فيه فائدة المرق له وبتعهد من يتصدق به عليه، ولهذا قال: « إذا طبخت مرقة - مرقة - فتعاهد جيرانك »(*) فيبين حق الجار بتعاهده، وإذا كان الجار هذا قريبا تأكد حقه، وإن كان مسلما قريبا تأكد حقه؛ لأن الجيران ثلاثة:
فإن كان مسلما قريبا فله حق الإسلام وحق الجوار وحق القرابة، وإن كان مسلما حقان، حق الجوار وحق الإسلام، وإن كان ليس مسلما فله حق الجوار، فالحقوق ثلاثة وكلها حقوق متأكدة، نسأله - سبحانه وتعالى - لي ولكم التوفيق والسداد، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
(1) مسلم : البر والصلة والآداب (2626) , والترمذي : الأطعمة (1833).
(2) مسلم : البر والصلة والآداب (2625) , والترمذي : الأطعمة (1833) , وابن ماجه : الأطعمة (3362) ,
وأحمد (5/171) , والدارمي : الأطعمة (2079).
(3) البخاري : الهبة وفضلها والتحريض عليها (2566) , ومسلم : الزكاة (1030) , والترمذي : الولاء والهبة
(2130) , وأحمد (2/506).
(4) مسلم : البر والصلة والآداب (2626) , والترمذي : الأطعمة (1833).
(5) مسلم : البر والصلة والآداب (2626) , والترمذي : الأطعمة (1833).
(6) مسلم : البر والصلة والآداب (2625) , والترمذي : الأطعمة (1833) , وابن ماجه : الأطعمة (3362) ,
وأحمد (5/171) , والدارمي : الأطعمة (2079).
(7) الترمذي : الأطعمة (1833).
(*) مسلم : البر والصلة والآداب (2625) , وابن ماجه : الأطعمة (3362) , وأحمد (5/171) , والدارمي :
الأطعمة (2079).