هل ستكون نهاية العالم في عام 2012
كلنا يذكر احتفالات الألفية و ما رافقها من توقعات حول نهاية العالم و لكن لحسن حظ البشرية مر الحدث بدون ان يصدمنا كوكب او تنفجر شمسنا , و اليوم تجتاح العالم هستيريا جديدة حول نهاية العالم و قد حددت هذه المرة في عام 2012 , تعال معي عزيزي القارئ لنتعرف على هذه النهاية الجديدة و ما علاقتها بتقويم شعب المايا و ما قصة النقش الغريب في احد الالواح السومرية , و ارجوا ان لا تجزع لما ستقرأه من حقائق , فلا يعلم الساعة الا الله.
العالم سينتهي في يوم 21 ديسمبر 2012!!
على مر العصور , ظهر على الأرض أناس توقعوا نهاية العالم في تاريخ و زمن معين , و ربما تكون ضجة الألفية و ما رافقها من تنبؤات ليست ببعيدة عنا , فقد توقع الكثيرون ان تكون نهاية العالم عام 2000 للميلاد و قام العديد من الأشخاص و الجماعات بإيقاف جميع نشاطاتهم الحياتية و علاقاتهم الاجتماعية و اعتزلوا في الكنائس و الأديرة و الكهوف و الجبال بانتظار ساعة النهاية , لكن بدون جدوى فلا الأرض زلزلت و لا انفلق القمر !! , و قبل ذلك بقرون عديدة كانت هناك ضجة مماثلة في العالم الإسلامي وثق لها المؤرخون , حيث توقع الكثير من الناس نهاية العالم مع دخول غرة عام 1000 للهجرة , و لازم الكثير من الناس الجوامع و المساجد منتظرين النهاية بالصلاة و الاستغفار , و لكن مر العام و لم يحدث شيء.
و خلال تاريخ البشرية الطويل ظهر بين الحين و الأخر أشخاص ادعوا زمنا معينا لنهاية العالم , حصل بعضهم على الكثير من المريدين و الإتباع , و لبعضهم حكايات و طرائف , فأحدهم مثلا , ادعى يوما معينا لنهاية العالم و اخبر إتباعه بأنه المنجي و أن صحنا طائرا سيهبط من السماء لينقذهم , لكن مر التاريخ الموعود دون أن يحدث شيء فلا الصحن نزل و لا القيامة قامت و عندما رأى الدعي علامات الخيبة و الغضب على وجوه أتباعه اخبرهم بأن النهاية قد تأجلت إلى موعد آخر !! , و مثل هؤلاء كثيرون بعضهم دجالون و آخرون عن حسن نية وقعوا جميعا تحت تأثير المعتقدات التراثية و الدينية التي أجمعت على أن نهاية الكون آتية لا محالة و ذكرت جميعها يوم الحساب و أهوال القيامة و لكنها لم تحدد تاريخا دقيقا لحدوث ذلك.
و بعيدا عن التنبؤات و التكهنات فأن علماء الفلك و الفيزياء الكونية يتوقعون أيضا هذه النهاية التي قد تحدث لاصطدام كوكب او مذنب ما بكوكب الأرض او للنهاية الحتمية للشمس حالها حال بقية النجوم التي تنضب طاقتها بمرور الزمن و لكن هؤلاء العلماء , حالهم حال علماء الدين , لا يعلمون متى سيحدث هذا , ربما غدا او بعد سنة او بعد مليار سنة!! و هناك أيضا من يتوقع نهاية الأرض على يد الإنسان نتيجة للتلوث البيئي او لحرب نووية شاملة لا تبقي و لا تذر.
على العموم , الحديث في هذا الباب يطول , فنهاية الكون توقعها الكثيرون بدءا من الفراعنة و السومريون و مرورا بكل الحضارات حتى يوم الناس هذا , و قد تطرقنا لهذه المقدمة القصيرة لكي نهيئ القارئ لموضوع مقالتنا حول الضجة الجديدة و احدث صرخات يوم القيامة و التي تحددت هذه المرة في عام 2012 , و لك عزيزي القارئ أن تكتب الرقم 2012 في محرك البحث كوكل لترى كم كتب في هذا الموضوع , بل أن البعض كتب يقول بأن ناسا حددت رسميا تاريخ النهاية و على وجه الدقة في ديسمبر 2012!!
نهاية العالم و الدورة الزمنية لتقويم المايا
المايا (Maya ) هي إحدى الحضارات العظيمة التي ازدهرت لمئات السنين (250 م - 900م) في أمريكا الجنوبية , و لازالت أثارها تشهد للعالم على ما وصله شعبها من ازدهار و رقي على العكس من الصورة الكاذبة التي رسمها الغازي الاسباني لشعوب (الهنود الحمر) , سكان أمريكا الأصليين , و التي صورتهم على أنهم قبائل وحشية همجية لا تكترث سوى القتل و سفك الدماء.
كان المايا متقدمون في مجال التنجيم و الفلك و احتفظوا لمئات السنين بتقاويم زمنية دقيقة كانت تلعب دورا كبيرا في تنظيم جميع نواحي حياتهم السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية , و كان تقويم المايا يتكون من دورات زمنية تختلف عن التقاويم المستخدمة في أنحاء اخرى من العالم , فالمايا لم يكتفوا بتقسيم الزمن الى اليوم و الشهر و السنة و لكن كان لديهم دورة زمنية أطول تمتد لفترة 52 عاما و كانت تعتبر من أهم الأحداث لديهم حيث إن الإنسان نادرا ما يشهد هذه الدورة لأكثر من مرة في حياته , و كانوا يقيمون احتفالا عظيما عند نهاية هذه الدورة و يتقربون الى الآلهة بالقرابين و النذور لكي لا ينتهي العالم و كان هذا الاحتفال الصاخب بالموسيقى و صرخات القرابين البشرية ينتهي عند بزوغ الشمس في الصباح لأن ذلك يعني حسب معتقداتهم بأن الآلهة قد تقبلت قرابينهم و إن الحياة على الأرض ستستمر لـ 52 سنة جديدة.
و كما أن الشهر يتكون من ثلاثون يوما , فأن المايا كان لديهم تقويم زمني يتكون من مجموع الدورات الزمنية الأصغر كدورة الـ 52 سنة , و تذكر بعض كتب المايا بأن هذا التقويم غير قابل للتكرار مثل التقاويم الاخرى الخاصة بالسنين مثلا , أي انه تقويم لمرة واحدة فقط و ان نهايته تعني نهاية عالمنا الحالي و هو العالم الرابع منذ أن خلق الآلهة الكون حسب أسطورة الخليقة المايانية.
و لكي نفهم العلاقة بين تقويم شعب المايا و العام 2012 ميلادية يجب أن نفهم , بصورة مبسطة جدا , كيف يعمل تقويم المايا المعقد , فحسب هذا التقويم فأن الزمان يبدأ بتاريخ ( 0.0.0.0.0 ) حيث ان كل رقم في التاريخ المذكور يمتد من 0 الى 19 و هو ما يمثل الشهر الماياني المكون من 20 يوما لأن المايا يعتبرون الصفر رقما أي انه لدينا يوم رقمه صفر , و عندما نصل الى اليوم 21 فأن واحد يضاف الى خانة الرقم التالي فمثلا ( 0.0.0.0.19 ) تعني ان اليوم هو الاخير في الشهر الأول للتقويم الماياني و الذي سيليه بداية شهر جديد لذلك يصبح التاريخ في اليوم التالي ( 0.0.0.1.0 ) أي انه تم تصفير خانة الأيام لأجل بداية شهر جديد و تم إضافة رقم واحد لخانة الأشهر مما يعني أن شهر واحد قد انقضى و عندما ينقضي 20 شهرا و هو عدد الأشهر في سنة المايا فأن رقم واحد سيضاف الى خانة السنوات ( 0.0.1.0.0 ) و في نهاية دورة الـ 52 سنة سيضاف واحد الى خانة الدورات الطويلة المتكررة و هكذا دواليك حتى يصل التاريخ الى يوم ( 13.0.0.0.0 ) و هو التاريخ الذي يتوقف عنده تقويم المايا و هو يعادل 5126 سنة من سنواتنا , و بما إن كتب المايا تخبرنا ان بداية العالم كانت في تاريخ 11 أغسطس عام 3114 قبل الميلاد و بعملية حسابية بسيطة سنعلم أن تاريخ نهاية التقويم سيساوي (5126- 3114 = 2012) و بالتحديد في يوم 21 ديسمبر عام 2012 , و رغم إن المايا لم يذكروا ماذا سيحدث في اليوم التالي لنهاية التقويم الا أن الكثيرون يعتقدون إن نهاية العالم ستكون فيه , و إن كوارث كونية ستحدث في يوم 21 ديسمبر 2012 ستقضي على البشرية.
العراق مرة أخرى !! ما قصة اللوح السومري ؟
يبدو إن العراق يأبى إن يغادر واجهة الإحداث , لكن هذه المرة ليست بأسلحة الدمار الشامل و لا بالحرب على الإرهاب و إنما بلوح سومري قديم , تسببت إحدى النقوش المرسومة عليه بضجة و جدل بين علماء التاريخ و الفلك و اعتبره البعض دليلا على إن النهاية ستكون عام 2012.
(VA 243 ) كان لوحا سومريا عاديا يقبع في مخازن احد المتاحف في برلين , حاله في ذلك حال الآلاف من الألواح الطينية السومرية الموزعة على مختلف متاحف العالم , لكن احد العلماء المهتمين بالحضارة السومرية لاحظ عن طريق الصدفة , وجود نقش غريب على هذا اللوح يشبه نجما تحيط به إحدى عشر دائرة مختلفة الأحجام كأنها كواكب تدور في مداره , و قد استنتج إن النقش المحوري يمثل الشمس و إما الدوائر الصغيرة المحيطة به فهي كواكب المجموعة الشمسية , و بما أن عدد كواكب المجموعة الشمسية إضافة الى القمر الذي كان يعتبره القدماء كوكبا هو عشرة , إذن هناك كوكب إضافي أطلق عليه مؤيدو نضريه الكوكب الغامض اسم (Nibiru ) و ان هذا الكوكب هو الاخير في المجموعة الشمسية بعد بلوتو , و حسب مؤيدو هذه النضرية فأن هذا الكوكب له مدار شاذ يتداخل مع نظام المجموعة الشمسية لمرة واحدة كل 3600 عام و ان دورته القادمة ستحدث عام 2012 مما سيؤدي الى الكثير من المشاكل و الكوارث التي ستؤول الى نهاية العالم.
طبعا هناك الكثيرون من العلماء الذين لا يتفقون مع هذه النضرية و ينتقدوها بشدة , فالسومريون شأنهم شأن جميع الشعوب و الأمم القديمة لم يعرفوا من الكواكب إلا خمسة و هي الكواكب التي يمكن للإنسان رؤيتها بالعين المجردة أما الكواكب الاخرى فلم يكن للقدماء أي معرفة بها فكوكب بلوتو مثلا لم يتم اكتشافه الا عام 1930م . أضف لذلك إن صورة الشمس الموجودة في النقش تختلف عن صورة الشمس التي كان السومريون يرسمونها في الواحهم و نقوشهم و التي كانت تمثل احد آلهتهم. و رغم ذلك فأن هناك الكثير من الناس يؤمن بأن المرسوم على اللوح الطيني هو صورة للمجموعة الشمسية عمرها خمسة آلاف عام!! , يجادل بأن الحضارات القديمة كالفرعونية و السومرية و حضارات أمريكا الجنوبية تحتوي على الغاز محيرة عجز العلماء عن حلها حتى يوم الناس هذا.
كيف ستكون النهاية ؟
بحسب مؤيدو نضريه نهاية العالم عام 2012 فأن هناك عدة سيناريوهات للنهاية , لعل أشهرها و أكثرها رواجا هي :
ان كوكبا او مذنبا سيصطدم بالأرض فيقضي على معظم او كل أشكال الحياة عليها.
ان احد الثقوب السوداء الكونية سوف يبتلع الأرض و من عليها.
ان كميات كبيرة من أشعة كاما الناجمة عن انفجارات كونية عملاقة ستضرب الأرض و تقضي على كل أشكال الحياة فيها.
ان أقطاب الكرة الأرضية ستتغير مواقعها مما يؤدي الى حدوث عصر جليدي يقضي على معظم أشكال الحياة.
ان وباءا قاتلا سيصيب البشرية و يقضي عليها.
و هناك سيناريوهات اخرى , الا ان النتيجة واحدة و هي ان العالم سينتهي مرة واحدة و الى الابد عام 2012, و ذلك حسب مؤيدو نضرية نهاية العالم و الذين يناضلون من اجل إثبات ان الموت الزؤام قادم بعد اربع سنوات لا غير ليخلص الكون من شرور بني الانسان كما يتمنى البعض و يرجوا و يالها من امنية !! و لله در المتنبي حين يقول :
كفى بك داء أن ترى الموت شافياً و حسب المنايا أن يكن أمانيا
, لذلك عزيزي القارئ , و من باب المزاح , اذا كنت تخطط للزواج او لشراء بيت جديد او تفكر في استثمار مالي طويل الأجل فأنصحك ان تفكر مرتين قبل ان تقدم على أي من ذلك !!.