✗ ┋ ۆﻗ̮ـ̃ﭬﭠ ﻋﻟـﮯ آﻟآﻁﻟﺂﻟ ┋ ✗
بيوتٌ أشبه ما تكون بالشعبية ينبعث منها رائحة الإرطا وتتصاعد أدخِنتُها.. هنا كانت أجمل طفولة ..
بعد ما مضت السنين والأيام وتداولت أقف على الأطلال مستذكراً أجمل وأروع ذكرى ،
ويا للذكريات من مذاق خاص ونكهة فريدة .
قرية ليست بالصغيرة بل إنها تكبر كلما تقدم به الزمان (1) ، بيوتاتِها متقاربة متلاصقة من رأها أحبها وربما عشقها فقريتي تملك جاذبية ليس لها مثيل ، تتمثل جاذبيتها في عبق صباحها ونسيم هوائها عندما تسمع صوت المؤذن ينادي ( الصلاة خيرٌ من النوم ) بلحن يطرب الأذان نصحوا على ذكرى جديدة من صفحات الذكريات نستنشق الهواء النقي وتلفحُنا هباتُها ونسمع صياح الديك وتوقد النار في بيت الشعر القديم وعلى إبريق الحليب (2) كانت تحلو الجلسة وتطيب وترافقنا برآءة طفولتنا وشقوتها فبعد كأس الحليب تبدأ رحلة البرآءة وأيُ برآءة فهل نسمي مطاردة الغنم والدجاج برآءة وهل نسمي تسلق الجدران والركض عليها برآءة إنها شقاوة بطعم برآءة ، كانت لعبتنا المفضلة مطاردة الغنم والدجاج في الحوش حتى إذا سمعنا صوت جدتي أو خالي نعلن حالة الطوارئ فالهروب هو الحل الوحيد وما
إن يهدأ الوضع حتى نعاود الكَرة مرة أخرى ، وأما عن مسابقة الموسم فهي الركض على السور بأقصى سرعة ممكنه وأذكرُ أن أحدهم سقط بعد أن وضع له كمين محكم على جدار السور فهوا من على السور فخشينا عليه لكنه سلِم ، و كان وقتنا كله مملؤاً فلا تكاد تجد الفراغ في يومنا يومنا كله نسرحُ فيه ونمرح ، كم كنا نتشوف ونتشوق أن نحضى برحلة مع خالي إلى الغنم و يقابل طلبنا بالرفض فنسكب الدمعات ويبلغ الحزن منا مبلغه ونتوسل إليهم بشيء من البكاء علَّ الله أن يلين على قلب خالي فيأخذني وأستشفع من حولي علّهُ يقبل شفاعتهم ( كان يرفض أن أذهب معه خوفاً عليّ ليس إلا لهذا السبب ) وأذكر أنه أخذني مرة أو مرتين فقط بعد محاولات ومحاولات تذكرني محاولاتي هذه بمحاولات إديسون(3) أخيراً سأذهب وعندما ركبت معه وسرنا لم اشعر كم هي مدة المسافة التي قضيناها والسبب أنني في سعادة لا يعلمها إلا الله حينها لاح لنا من الأفق البعيد بياض و سواد(4) إنها غنم خالي ومعها حماريين أكرم الله من قرأ سطوري هذه لكن ما إن نزلت حتى أرتابني خوفٌ شديد عكر عليّ فرحتي وأقول بلسان حالي ( أنا غبي لو جالس كان أحسن ) فلازمت خالي ملازمة الطالب لشيخه لكن الشيخ قد ينشغل أحياناً فيبتعد عن طالبه خصوصاً في أشغاله الخاصه وهذا ما حصل فشيخي خالي قد أبتعد عني وبقيت لوحدي بين البياض والسواد فإذا بالخطر يقترب مني وأن أزداد خوفاً ورعبا وكلما اقترب ازدادت رعشاتي وتصافقت ركبتي واستجمعت غصات البكاء أتعرفون ما هو الخطر الذي أحدق بي أنه الكلب وكم كنت أكرهه كلما اقترب مني زدت من منسوب الدموع حتى إذا كان مني قاب قوسين أو أدنى أنفجرت بالبكاء بكاء مع صراخات استنجاد وكأني منذر حرب حتى أن من قوة البكاء والصراخ ابتعد عني ذلك الخطر لكنه لا يفتأ أن يُنزِلَ عينيه عن عيني ويخرج لسانه ( وكأني ألمح في عينيه شرارة الحقد ) إنه لا يعرف معنى الكرم فأنا ضيفٌ عنده فالمعول عليه أن يكرمني أم أن خطيئتي أنني غريب عليه حتى إذا أعلن خالي نهاية رحلتنا هببت مسرعاً وقفزت قفزة الوثب الطويل إلى السيارة وعندها أعلنت التوبه أن أرجع لهذا المكان مرة أخرى .
النهار في القرية يمضي كله بين لعب ولهو وشقاوة فطريه حتى غروب شمس هذا اليوم فيلبس الليل ثوب السواد تتلاطم رؤوسنا يمنة ويسرة و تغلق الأجفان على العيون بالأقفال لنستريح من عناء يوم كادح .
الذكريات في القرية تطول لو بسطتها ،
فقريتنا بالأمس كنا نحبها حباً ونتمنى لو كنا من ساكنيها ، ولا نرى في الكون أجمل منها استهوت علينا حتى لم يشغلنا شغال سوى متى نذهب لقبه وكان تدور الهواجيس وتحوم فقط في قبه وكان اذا وقعت أعيننا على خريطة أول ما نبحث عنه هي قبه وطفقنا نبحث حتى رأينها مرةً فطرنا من الفرح وتراقصنا فقط لأننا رأينا اسم قريتنا على الخريطة .
و اليوم القرية قد اختلفت وأصبحت ليست كالقرية الأمس ، تخلت عن كثير مما قد اعتدنا عليه فالناس كانت لا تنام بعد الفجر والآن اختلفت اختلف كل شيء فيها حتى البساطه فقدنها فيها أنا لست ممن عُمِّرا سنين طوال وعاش عشرات السنين لكنني عشت زمن قبل عشر سنين والآن أراه في نظري قد اختلف ، لست أدعو إلى عدم مواكبة العصر والسير عكس التيار لا لكن هي أشجان جالت بالصدر وترنحت وتذكرت زمان مضى ووقفت على الأطلال فتذكرت الأيام الخوالي .
سقا الله تلك الأيام ..
✗ ┋ ﻣ̝̚ﻣ̝̚ﺂ ړُآﻗ̮ـ̃ ﻟـﯾ ┋ ✗