تتكون
أعضاء جسم الإنسان وأنسجته المختلفة من وحدات بناء صغيرة جداً مختلفة في
أشكالها ووظائفها تدعى الخلايا. وبداخل هذه الخلايا توجد الأنوية التي تحفظ
بها المعلومات الأساسية للخلية مسجَّلة على جزئ الحامض النووي الذي يحتوي
على 26 كروموسوم والذي بدوره يتكون من ملايين الجينات التي تحدد نظام
وطريقة عمل الخلية. وتصلح هذه الخلايا التالف من الأنسجة بإعادة بناء نفسها
بواسطة الانقسام. وتكون عملية انقسام الخلايا منظمة ومحكمة السيطرة ولكن
لسبب ما تخرج هذه العملية عن السيطرة والانتظام وتستمر الخلايا في النمو بشكل شاذ
وغير طبيعي لتكوِّن كتلة تسمى الورم السرطاني. وسمي الورم كذلك لأن أوعيته
الدموية تشبه أطراف سرطان البحر. ويتصف الورم بنمو غير طبيعي للخلايا
الحية ويظهر بأكثر من مئة نوع وهو غير مُعدي وغير التهابي ويظهر في أي موقع
من الجسم. فقد يظهر على سطح الجلد، الأذن، المخ، الكبد، المعدة، الأمعاء،
الدم أو نخاع العظم إلى غير ذلك من أعضاء الجسم المختلفة. ورغم التقدم
العلمي الكبير في علم الأورام السرطانية الذي حصل في السنوات الماضية على
الجانبين المعملي والميداني إلا أن مرض السرطان يعتبر في مقدمة الأمراض
الخطيرة التي تعاني منها المجتمعات في هذا الزمان، ومع هذا فهو يعتبر مرض
قابل للشفاء –بإذن الله- إذا اتخذت الأسباب التي من أهمها الكشف والعلاج
المبكر وموقع العضو المصاب من الجسم وسهولة التعامل معه والوصول إليه. ورغم
أن خطورة السرطان تكمن في الغموض المحيط بأسباب حدوثه إلا أن هناك عوامل
تساهم في زيادة احتمال الإصابة به.
اسباب السرطان:
لم
يحدث حتى الآن أن تم الاتفاق بشأن السبب أو الأسباب التي ينتج عنها المرض
ولكن من المؤكد أن للبيئة والتأثيرات الحيوية دوراً مهماً في هذه الأسباب.
وتنقسم أسباب السرطان إلى قسمين:
أسباب
مستحثِّة: تعتبر الطاقة الإشعاعية من العوامل المؤدية للسرطان فقد عرفت
التأثيرات الورمية للأشعة منذ مطلع القرن الميلادي الماضي وعلاقتها خاصة
بحدوث سرطان الجلد وسرطان الدم. والدليل على أن هذه العوامل بإمكانها إحداث
السرطان هو أن نسبة حدوث سرطان الدم في الأشخاص الذين نجو من التأثير
المدمر للقنبلة الذرية التي ألقيت على كل من
هيروشيما وناجازاكي في اليابان أثناء الحرب العالمية الثانية كانت أكبر من
الأشخاص العاديين. وكذلك التأثيرات الإشعاعية الطبيعية الموجودة في ضوء
الشمس (خاصة الأشعة الفوق بنفسجية) تؤدي إلى إصابة الأشخاص المتعرضين
لفترةٍ طويلةٍ لأشعة الشمس إلى حدوث سرطان الجلد.
أسباب
بيئية: تمثل الأطعمة المصدر الأساسي لتعرض الأفراد إلى مواد كيميائية
متعددة فقد يتلوث الغذاء من مصدره بواسطة المبيدات الحشرية أو الأعشاب
أثناء حصادها أو أثناء تصنيع الغذاء بإضافة المواد الكيميائية أو المواد
الحافظة أو المواد الملونة وكذلك المواد التي تعطي طعماً أو نكهة خاصة.
ورغم الغموض المستمر حول أسباب التغير الحادث في الخلايا إلا أنه وجد أن
هنالك عوامل لاشك في تصنيفها ضمن مسببات السرطان نلخص أهمها في ما يلي:
أولاً: التدخين الذي يؤدي إلى زيادة معدل الإصابة بسرطانات الرئة والمريء والبلعوم والحنجرة وجوف الفم.
ثانياً: الأشعة المؤينة؛ حيث تؤدي الطاقة العالية التي تحملها إلى استثارة
الخلايا الطبيعية في مختلف أعضاء الجسم ومن مصادر هذه الأشعة المؤينة،
الأشعة الكونية وبعض العناصر المستخرجة من الأرض مثل الراديوم، أما المصادر
الصناعية فهي مثل الأجهزة الطبية التشخيصية والعلاجية الإشعاعية. فعلى
سبيل المثال لوحظ في القرن التاسع عشر الميلادي أن أكثر أمراض الرئة شيوعاً
عند عمال المناجم هو سرطان الرئة وذلك لوجود نشاط إشعاعي في المعادن التي
يستخرجونها من المناجم كما لوحظ ازدياد واضح في معدل الإصابة بسرطان الرئة
عند العاملين في مناجم اليورانيوم بسبب التعرض لغاز الرادون المتحلل من
اليورانيوم وكذلك الحال بالنسبة للأطباء الإشعاعيين الذين لم يتخذوا
الإجراءات الوقائية فقد لوحظ بعضاً من آثار الإشعاع عليهم.
ثالثاً: الأشعة فوق البنفسجية؛ حيث التعرض المباشر لأشعة الشمس مما يزيد من
احتمال الإصابة بسرطان الجلد وفي الوقت الحاضر تعتبر التغيرات في طبقة
الأوزون سبباً في ازدياد شدة التعرض للأشعة فوق البنفسجية وبالتالي ازدياد
معدل الإصابة بسرطان الجلد.
رابعاً: المواد الكيميائية التي لديها القدرة على إحداث السرطان؛ حيث وجد
أن هناك معدل إصابة عالي بسرطانات الجلد عند العاملين في مصانع الغزل
والنسيج والعاملين في صيانة الآلات المطلية بالزيوت الحاوية على
الهيدروكربونات العطرية المشتقة من الأنثراسين.
خامساً: العادات الغذائية؛ حيث أغلب أورام الجهاز الهضمي تعود إلى حد كبير إلى التعود الغذائي المتبع وقد وجد أن:
زيادة تناول المواد الدهنية تزيد من معدل الإصابة بسرطان الثدي والقولون.
زيادة تناول الملح والأطعمة المملحة تزيد من معدل الإصابة بسرطان البلعوم الأنفي.
المواد المضافة للأطعمة مثل المواد الحافظة ومكسبات اللون والرائحة تزيد من احتمال الإصابة بالسرطان.
أما
تناول الفواكه والخضراوات خاصة تلك التي تحتوي على الألياف فيسبب انخفاضاً
في معدل الإصابة بسرطان القولون والمستقيم وأيضاً انخفاض في معدل الإصابة
بسرطان المعدة والحنجرة والمريء.
سادساً: الأدوية المستخدمة في المعالجة الكيميائية للسرطان تؤدي إلى زيادة
معدل الإصابة بسرطان الرئة وسرطان المثانة. أما الأدوية الأخرى التي يمكن
أن تسبب السرطان فهي مثل المسكنات الحاوية على الفيناسيتين التي تسبب سرطان
الجهاز البولي وكذلك حال الأدوية المثبطة للمناعة حيث تسبب سرطان الجلد
وسرطان الرئة وسرطان عنق الرحم.
سابعاً: الهرمونات الطبية مثل:
الأستروجين:
ويستخدم كمعالجة تعويضية لإزالة أعراض سن اليأس وللمحافظة على العناصر
المعدنية في العظام ولكنه يزيد من خطر الإصابة بسرطان الرحم.
حبوب منع الحمل: حيث الاستخدام المتتالي لهذه الحبوب يسبب ازدياد خفيف في خطر الإصابة بأورام الكبد أو الثدي الخبيثة.
ثامناً:
المصابون بمرض نقص المناعة الخلقي أو المكتسب لديهم القابلية للإصابة
بالسرطان وأكثر الأورام التي يصابون بها هي الأورام اللمفاوية الشبكية.
تاسعاً: يعتبر الكحول في الدول الإباحية أحد أسباب سرطان الفم والمريء والحنجرة والبلعوم والكبد.
أعراض السرطان:
قد
تشمل الأعراض التي تنذر بالسرطان ظهور كتل كبيرة الحجم أو وجود نزيف غير
عادي أو علامات تدل على وجود دم في البول والبراز أو خروج إفرازاتٍ مخلوطة
بالدم من حلمة الثدي أو النزيف الذي ليس له سبب واضح من المهبل أو النزيف
من المهبل بعد سن اليأس. وتتصف الخلايا الورمية بالخواص التالية:
قدرتها على إرتشاح وغزو الخلايا السليمة في الأعضاء المحيطة بالورم.
الانتقال عن طريق الجهاز اللمفاوي.
الانتقالات
بانفصال بعض الخلايا عن كتلة الورم الأساسية ونموها على هيئة عقيدات ورمية
بعيدة عن الورم الأصلي وتسمى في هذه الحالة بالأورام الثانوية.
وهناك بعضٌ من الأعراض العامة التي يمكن أن تكون ناتجة عن بعض الأورام ويطلق عليها أعراض الإنذار المبكر نذكر منها:
تقرح وتشقق في الجلد لا يندمل بالمعالجات العادية خلال أسبوعين.
ظهور شامة تتغير في شكلها وحجمها ويميل لونها عادةً إلى السواد وقد تدخل بعد ذلك إلى مرحلة التقرح أو النزف أولالتهاب.
تغير في الصوت لا يزول خلال فترة قصيرة.
سعال مستمر لا يزول رغم العلاج وقد يصاحبه إفرازات مصحوبة بدم.
عقدة أو ورم في الثدي غالباً ما يكون غير مؤلم أو ظهور تغير موضعي في جلد الثدي بشكل انخفاض موضع أو ظهور نزيف دموي منه.
ظهور ورم في أي مكان من الجسم أو ظهور تضخم غير مؤلم في العقد اللمفاوية في الرقبة أو الإبط
صعوبة بلع الطعام أو قيء مستمر أو سوء الهضم المستمر مع فقدان الشهية أو ظهور تضخم في البطن أو وجود كتلة أو ألم مستمر.
أي نزيف غير طبيعي من أي مكان في الجسم.
تشخيص الاورام:
تعتمد
إمكانية الشفاء من السرطان –بإذن الله- على المرحلة التي يعالج عندها
الورم ويعتبر العلاج المبكر للأورام وسيلةً لإنقاص نسبة الوفيات –بإذن
الله- من هذا المرض ويتم هذا بالتشخيص المبكر للأورام باستخدام وسائل
التشخيص المتنوعة مثل الفحوص الإشعاعية وأجهزة الرنين المغناطيسي والمنظار
والفحص النسيجي. وتلعب الفحوص الإشعاعية دوراً هاماً في التشخيص المبكر
للورم في مكانه الأصلي وتحديد أماكن انتقالاته في حالة وجودها وذلك بإجراء
التصوير الإشعاعي مباشرة أو بعد إعطاء المريض بعض المستحضرات الطبية مثل
الباريوم لتشخيص أورام الجهاز الهضمي أو حقن غيرها من المستحضرات لإظهار
الجهاز البولي أو تصوير الأوعية أو الجهاز اللمفاوي. وكذلك يلجأ إلى
استخدام الكمبيوتر لتصوير أحد مقاطع الجسم ودراستها كما هو الحال في جهاز
التصوير المقطعي وقد يلجأ في أقسام الطب النووي في المستشفيات إلى حقن بعض
المواد المشعة التي تتجمع في بعض الأعضاء مثل الغدة الدرقية والدماغ والكبد
والكلية والعظام. وتستعمل الموجات فوق الصوتية بتسجيل صدى انعكاساتها عن الأنسجة المختلفة الكثافة لمعرفة نوع المشكلة أو الخلل الوظيفي في العضو المصاب.
وهناك
أيضاً التصوير الإشعاعي الخاص بفحص الثديين ويستخدم المنظار في الكشف عن
الأورام في المريء والمعدة والأمعاء والإثنى عشر والقولون. بالإضافة إلى
فحص النسيج المأخوذ من الورم والفحص المعملي للسوائل التي تخرج من الجسم.
من
خلال الدراسات والأبحاث المخبرية التي أجريت على مرضى السرطان تبيَّن أن
الورم يمكن أن يكون خبيثاً أو حميداً. وينتشر الورم الخبيث إلى الأنسجة
القريبة والمحيطة وأحياناً إلى الأعضاء الأخرى من الجسم عن طريق الدم
والأوعية اللمفاوية ويدمرها ويتلفها، ويحدث هذا الانتشار نتيجة انفصال
خلايا من الورم الأصلي. أما الورم الحميد فإنه لا ينتشر إلى أجزاء أخرى من
الجسم ولكن ينمو في نفس الموضع ويكون مغلفاً في غشاء يعزله عن الانتشار في
الوسط لكنه يسبب فقط ضغطاً على الأعضاء المحيطة به وهو يتشكل داخل
النسيج على هيئة جسم كروي أو بيضاوي تفصله حدود واضحة عن الوسط المحيط.
هذا النوع من الأورام يمكن إزالته في الغالب بعملية جراحية أو بالعقاقير
الطبية أو الأشعة التي تؤدي إلى تقليص حجمه وعادة لا يعود إلى النمو مرة
أخرى.
من
أمثلة الأورام الحميدة: ورم الجهاز الوعائي الحميد، ورم العضلات الحميد،
ورم العظم الحميد، وورم النسيج الدهني الحميد وقد تتحول الأورام الحميدة
إلى أورام خبيثة ويمكن التعرف على نوع الورم عن طريق فحص عينة تؤخذ منه.