اهلين.........
تفضلو الموضوع للدوله الامويه...
خلافة قرطبة
الدولة الأموية في الأندلس
الخلافة الأموية في الأندلس (يالأخضر), سنة 1000.
العاصمة
قرطبة
اللغة
العربية، المستعربة
الحكومة
أحداث تاريخية
- عبد الرحمن الداخل يعين أمير على قرطبة
756
- عبد الرحمن الناصر لدين الله يعين خليفة على قرطبة
929
- تفككت إلى عدة طوائف مستقلة
1031
المساحة
600,000 كم² (231,661 ميل مربع)
تشكل جزءًا من
الجزائر
جبل طارق
المغرب
البرتغال
إسبانيا
الدولة الأموية في الأندلس إمارة إسلامية أسسها عبد الرحمن الداخل عام 138 هـ/756م في الأندلس وأجزاء من شمال أفريقيا وكانت عاصمتها قرطبة، وتحولت إلى خلافة بإعلان عبد الرحمن الناصر نفسه في ذي الحجة من عام 316 هـ الموافق ليناير من عام 929م، خليفة قرطبة،[1] بدلاً من لقبه السابق أمير قرطبة، وهو اللقب الذي حمله الأمويون منذ أن استقلّ عبد الرحمن الداخل بالأندلس. تميزت الدولة الأموية في الأندلس بنشاط تجاري وثقافي وعمراني ملحوظ، حتى أصبحت قرطبة أكثر مدن العالم اتساعًا بحلول عام 323 هـ/935م،[2] كما شهدت تشييد الكثير من روائع العمارة الإسلامية في الأندلس ومنها الجامع الكبير في قرطبة. وقد استمرت الدولة الأموية في الأندلس رسميًا حتى عام 422 هـ/1031م، حيث سقطت الخلافة وتفككت إلى عدد من الممالك، بعد حرب أهلية بين الأمراء الأمويين الذين تنازعوا الخلافة فيما بينهم، مما أدى بعد سنوات من الاقتتال، إلى تفكك الخلافة إلى عدد من الممالك المستقلة.
محتويات
1 التاريخ 1.1 خلفية تاريخية
1.2 تأسيس الدولة
1.3 عصر القوة
1.4 نهاية الدولة
2 نظام الحكم
3 الدين
4 الثقافة 4.1 الأدب
4.2 العمارة 4.2.1 العمارة الدينية
4.2.2 العمارة المدنية
4.3 الموسيقى
5 العلوم
6 الاقتصاد
7 المجتمع
8 حكام الأندلس الأمويين
9 المراجع
10 المصادر
التاريخ
خلفية تاريخية
نجح المسلمون في مدّ دولتهم إلى الأندلس، عندما عبر طارق بن زياد أحد قادة موسى بن نصير والي الأمويين على إفريقية عام 92 هـ بجيش قوامه سبعة آلاف مقاتل،[3] واستطاع هذا الجيش بعد أن أمده موسى بن نصير بخمسة آلاف أخرى أن يهزم ملك القوط الغربيين لذريق في معركة وادي لكة والسيطرة في غضون عامين على معظم شبه الجزيرة الأيبيرية، تحولت جيوش المسلمين شرقًا وتوغلت في بلاد الغال حتى وصلت إلى حدود مدينة ليون الحالية.[4] استمرت محاولات المسلمين في التوسع في بلاد الغال في عهد الولاة السمح بن مالك الخولاني وعنبسة بن سحيم الكلبي وعبد الرحمن الغافقي، إلا أن تلك المحاولات حققت بعض النجاحات ثم توقفت التوسعات بعد هزيمة المسلمين في معركة بلاط الشهداء.[5] بعد ذلك سادت فترة من عدم الاستقرار شهدت تعاقب الولاة والصراعات بين العرب المضرية والعرب اليمانية من جهة وبين العرب والامازيغ من جهة أخرى.[6]
تأسيس الدولة
بعد قيام الخلافة العباسية على أنقاض الخلافة الأموية، كان شغل العباسيون الشاغل هو القضاء على الأمويين، الذين لم يكن أمامهم سوى الفرار من بطش العباسيين بعد سقوط دولتهم. وكان ممن استطاع الفرار عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك الذي فرّ إلى الأندلس، واستغل كراهية الامازيغ ليوسف بن عبد الرحمن الفهري والي الأمويين على الأندلس الذي ميّز بينهم وبين العرب، والذي ما أن سقطت خلافة الأمويين، حتى أعلن استقلاله بالأندلس،[5] إضافة إلى الخلافات بين القبائل اليمانية والمضرية، فاستعان بالامازيغ والقبائل اليمانية على يوسف بن عبد الرحمن، وانتصر عليه في موقعة المصارة، ليؤسس بذلك إمارة أموية في قرطبة عام 138هـ/756م.[7][8] تعرض حكم عبد الرحمن بن معاوية للعديد من الثورات التي استطاع إخمادها الواحدة تلو الأخرى، والتي كان أخطرها ثورة العلاء بن مغيث الحضرمي بتحريض من الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور الذي كان يطمع في استعادة الأندلس،[7] وكان ذلك سنة 147هـ/ 764م في مدينة باجة أو باجة الزيت[9]، وكادت أن تقضي عليه تلك الثورة عندما تحصن في قرمونة لمدة شهرين، تضغط عليه هجمات العلاء المتكررة والعنيفة، ولكنه ظل محتفظا بأعصابه الفولاذية وحدة الرؤية. فقرر أخيرا ساعة الحسم فإذا بالمدينة ينفتح بابها فجأة على سبعمائة رجل على رأسهم عبد الرحمن يندفعون بسرعة رهيبة ويمزقون الثوار كل ممزق ويقتلون العلاء الذي فر قريبا من اشبيلية ومعه العديد من أصحابه[9]. عمل عبد الرحمن الداخل بعد ذلك على توطيد أركان حكمه بتأسيس جيش قوي والاهتمام بالتعمير والتعليم والقضاء.[7]
عصر القوة
بعد وفاة عبد الرحمن الداخل تعاقب خلفاؤه على الإمارة، واستطاعوا الحفاظ على الدولة بتوحيد أراضي الأندلس الإسلامية ومحاربة الممالك المسيحية في الشمال، حتى وصلت إلى أوجها في عهد عبد الرحمن الأوسط، الذي شهد عهده ازدهار حركات الآداب والعلوم والعمارة والفن وبلغت الأندلس مرحلة متقدمة من المدنية، فأصبحت الدولة الأموية في بلاد الأندلس مركزًا حضاريًا كبيرًا في غرب العالم الإسلامي. بل وتطورت عسكريًا، فاستطاعت صدّ الغزوات البحرية للنورمان على الموانيء الإسلامية في المحيط الأطلسي.[4]
جانب من حديقة قصر الخلافة في قرطبة.
تلى هذه المرحلة مرحلة اضطراب نتيجة تعرض الإمارة إلى ثورات داخلية من المولدين والنصارى والامازيغ وبعض القبائل العربية وهجمات خارجية من النورمان والممالك النصرانية في الشمال في محاولة استعادة الأراضي التي دخلت تحت حكم الإسلامي في عهد الأمراء محمد بن عبد الرحمن وابنيه المنذر وعبد الله، وكان أخطرها ثورة ابن حفصون.[10] لكن مع تولى عبد الرحمن الناصر لدين الله استعادت البلاد وحدتها السياسية وقوتها العسكرية بعد أن خاض حروبًا طويلة استطاع من خلالها استعادة السيطرة على البلاد. وفي عام 316 هـ/928م، أعلن الناصر نفسه خليفة للمسلمين في الأندلس، لتقوية مركزه الديني ليساعده ذلك على مواجهة الدولة الفاطمية في شمال إفريقية.[11] ولمواجهة هذا الخطر حصّن الناصر الموانئ الجنوبية للأندلس، وضم موانئ المغرب المواجهة للأندلس في مليلة وسبتة وطنجة، إضافة إلى دعم الامازيغ المعادين للفاطميين في المغرب ماديًا وعسكريًا. كما استطاع التصدي لأطماع الممالك المسيحية في الشمال كمملكة قشتالة وليون ونافار.[11]
عرفت البلاد أوجها الثقافي في عهد ابنه الحكم الذي استطاع أن يواصل سياسات أبيه، واستمر عصر ازدهار الدولة، إلا أنه خالف سياسة أبيه في الاعتماد على الحجّاب.[12] بعد وفاته تولى ابنه هشام وهو دون العاشرة، فوضع تحت وصاية أمه صبح البشكنجية، فأصبح الأمر في يد الحاجب جعفر بن عثمان المصحفي والمنصور بن أبي عامر رجل الدولة القوي الذي استطاع الانفراد بالحكم في ظل خلافة هشام بن الحكم،[13] وحافظ على وحدة الأندلس تحت قبضته.
نهاية الدولة
بعد وفاة المنصور بن أبي عامر، خلفه ابنه عبد الملك في الحجابة وحافظ على الوحدة، غير أن في فترة سيطرة العامريين، ساد الأندلس تطور اجتماعي جديد بسيطرة الامازيغ على المناصب القيادية في الجيش وكثرة عددهم واختفاء القيادة العربية من الجيوش.[14] وبوفاته عبد الملك عام 398هـ/1008م، خلفه أخاه عبد الرحمن شانجول، والذي لم يكن بكفاءة أبيه وأخيه، ورغم ذلك فقد أقدم على فعل كان فيه بداية النهاية بإعلان نفسه وليًا لعهد الخليفة هشام المؤيد بالله، فتسبب ذلك مع سيطرة الامازيغ على الجيش في ثورة أهل قرطبة بقيادة محمد بن هشام بن عبد الجبار، الذي استطاع خلع المؤيد بالله، لتدخل البلاد مرحلة من الاضطراب.[14] مرت الأندلس بعد ذلك بفترة من عدم الاستقرار، مدفوعة برغبات الامازيغ والعرب في السيطرة على الأمر،[15][16] حتى أن علي بن حمود أحد ولاة الأمويين، أعلن نفسه خليفة عام 407هـ/1016م، فدخلت الأندلس مرحلة من الحرب الأهلية،[17] انتهت بإعلان مشايخ قرطبة سقوط الخلافة،[18] وانقسامها إلى عدة ممالك عام 422 هـ/1031م.[19]
نظام الحكم
قصبة ألمرية.
كان نظام الحكم والإدارة في الأندلس في عهد الدولة الأموية متطورًا بالمقارنة بنظائره في الشرق الإسلامي أو الغرب المسيحي. كان الخليفة متربعًا على قمة هرم السلطة، ويعاونه "الحاجب" وهو منصب يعادل رئيس الوزراء، إضافة إلى مجموعة من الأشخاص الذين يتولون شئون إدارة البلاد المالية والقضائية والأمنية سواء الداخلية المتمثلة في صاحب الشرطة أو الخارجية متمثلة في قائد الجيش.[20] أما إداريًا، فقد حافظ المسلمون على تقسيمات الرومان والقوط الإدارية، فقسموا الأندلس إلى كور ومدن، كان لها استقلالها الإداري عن العاصمة قرطبة، أي نظام الحكم الأندلسي كان نظام حكم لا مركزي يتمتع فيه ولاة الكور وقواد المدن بقسط كبير من النفوذ المحلي وحرية التصرف.[21]
الدين
اتصف أهل الأندلس بالتدين والمحافظة على الشعائر الدينية إلا قلة، بدافع الاختلاط بين أتباع ديانات مختلفة.[22] وقد تمتع المسيحيون واليهود، بمعاملة خاصة مكنتهم من حرية الدين والمعتقد، حتى أن قضاياهم كان لهم حق الفصل بها بموافقة من السلطة الإسلامية العليا. فكان يسمح بتطبيق شرائعهم على يد قضاتهم الذين كانوا يعرفون بقضاة النصارى أو قضاة العجم، وتحت مسؤولية رئيس طائفتهم الذي كان يحمل لقب "القومس"،[23][24] أما الخلافات التي كانت تقع بينهم وبين المسلمين، فكانت تعرض على القضاء الإسلامي،[24] فكثرت كنائسهم في كل الأندلس ما بين القرن الثامن والثاني عشر، سواء في المدن الكبرى أو الصغرى. ومن أشهر هذه كنائسهم أيام الخلافة، الكنيسة العظمى بقرطبة، ومن أشهر الأديرة الواقعة في أطراف المدينة دير أرملاط،[25] ولم تهدم الكنائس في الأندلس، إلا في حالات خاصة كأن تكون الكنيسة معقلا للثورة على السلطة، كهدم بعض الكنائس خلال ثورة ابن حفصون.[24] كما كانت الأناجيل أيضًا شائعة يطالعها المسيحي وغير المسيحي، وقد أفاد منها ابن حزم في كتابه "الفصل في الملل والأهواء والنحل"، حيث ذكر أنه كان يصاحب رجال الكنيسة ويجادلهم.[24]
كما ظلت سلطة اليهود ومقاليد أمورهم الدينية الخاصة بهم بين أيديهم، فقد جرت العادة على تعيين السلطة لمن يتولى رئاستهم والذي كان يعرف بـ "الناجد" أو "الحاخام"، كما كان يتولى قضائهم بينهم شيخ اليهود فيما يخص أمورهم الخاصة وتشريعهم، ويكون هذا الشيخ نفسه هو الواسطة بينهم وبين السلطة المدنية، وقد تمتع اليهود، في ظل هذه الحرية، بالسماح لهم ببناء دور عبادتهم في أحيائهم الخاصة وكذلك بين السكان المسلمين.[24]
أما عن المسلمين، فقد انتشر بينهم في البداية من مذاهب السنة مذهب الأوزاعي، إلى أن دخل المذهب المالكي إلى الأندلس في عهد هشام بن عبد الرحمن وسرعان ما أصبح المذهب السائد في عهد ابنه الحكم. كما وجد المذهب الشافعي سبيلاً إلى الأندلس في عهد محمد بن عبد الرحمن، وسعى فقهاء كبقي بن مخلد لنشره، إلا أنه لم يلق قبولاً في الأندلس. إلا أن مذهب آخر وجد سبيله إلى الأندلس في عهد محمد بن عبد الرحمن، ولقى استحسان الكثير من الأندلسيين، ألا وهو المذهب الظاهري واشتهر من أئمته في الأندلس المنذر بن سعيد البلوطي وابن حزم والحميدى.[22] ومن الفرق الإسلامية الأخرى، كانت هناك محاولات في عهد عبد الرحمن الناصر لنشر المذهب الشيعي، إلا أن الأمويين قاوموا تلك المحاولات خوفًا من تغلغل نفوذ أعدائهم الفاطميين شيعيي المذهب إلى الأندلس، لذا فقد بائت تلك المحاولات بالفشل. كما كانت هناك أيضًا محاولات لنشر مذهب المعتزلة في القرن الثاني الهجري، إلا أنه أيضًا لم يلق قبولاً، لميل أهل الأندلس في تلك الفترة للمذاهب التي تعتمد على النصوص كالمالكية، لا القياس العقلي كالمعتزلة.[22]
الثقافة
الأدب
نقلت الأندلس الثقافة الشرقية للغرب عندما اهتم عبد الرحمن الأوسط بنقل ثقافة الشرق إلى قرطبة، فأرسل وزيره القاضي عباس بن ناصح الجزيري إلى بغداد، ليجلب له الكتب القديمة. كما سار على دربه ابنه الحكم الذي وصل عدد الكتب في مكتبته إلى 400,000 كتاب.[26]
ازدهر ألوان مختلفة من الأدب في عصر الخلافة الأموية ومنها فن الخطابة عند الأندلسين بهدف إثارة الحماسة وبث روح الجهاد ونشر الدين، نظرًا لأن عصر الخلافة كان عصر قتال مستمر سواء في مواجهة الثورات الداخلية أو الممالك المسيحية التي كانت تسعى لاسترداد الأراضي التي فتحها المسلمون. اتسمت الخطابة بسهولة العبارة والبعد عن السجع والإيجاز والبلاغة ووضوح المعاني، ولمع من الخطباء القاضي المنذر بن سعيد البلوطي.[27] كما نشط فن الرسائل التي تنوعت بين رسائل ديوانية تختص بمكاتبات الملوك والأمراء، ورسائل أدبية احتوت على مناظرات ومناقشات وقصص خيالية، أشهرها "رسالة التوابع والزوابع" لابن شهيد،[27] وإن كانوا قد تأثروا في رسائلهم بالمشارقة أمثال عبد الحميد الكاتب والجاحظ.[28]
وكما كان أثر الشرق واضحًا في الخطابة والرسائل، تأثر شعر الأندلس في عصر الخلافة بشعراء الشرق، فظهر أثر شعراء الزهد كأبي العتاهية على أشعار ابن أبي زمنين وابن عبد ربه وأبي بكر الزبيدي وغيرهم، وشعراء الغزل والمديح والفخر والحماسة كأبي نواس وأبي تمام وابن الرومي والمتنبي وابن المعتز، والذين ظهر أثرهم جليًا في شعر يحيى الغزال وابن دراج القسطلي وابن هانئ.[29] كما كان لانتقال أبو علي القالي من العراق للأندلس دورًا في ذيوع علوم اللغة وأشعار الشرق في الأندلس.[30] غير أن الشعر الأندلسي في زمن الخلافة، ظل بلا إبداع محاكيًا لشعر الشرق وغير مصقول.[29]
جامع قرطبة سابقًا الذي حوله الإسبان إلى كاتدرائية بعد استيلائهم على مدينة قرطبة عام 1236 م.
أما التأليف الأدبي، فقد تأخر ظهوره، إلا أنه عُرف منه كتب العقد الفريد لابن عبد ربه ورسالة التوابع والزوابع لابن شهيد وطوق الحمامة لابن حزم. أما علوم اللغة، فقد شهدت انتعاشه على يد أبي علي القالي الذي وفد من العراق وألقى دروسه في جامع قرطبة، والتي ضمها كتابه "الأمالي"، كما ألف كتاب "البارع" وكتاب "النوادر"، وكان من معاصريه ابن القوطية القرطبي الذي درس النحو.[28]
لم تسبق الأندلس الشرق في ألوان الأدب إلا في الموشحات، والتي أصبحت بحلول القرن التاسع الميلادي أشهر أشكال الأدب في الأندلس، كما أنها تعتبر فن أندلسي خالص،[31] ومن أشهر وشاحو عصر الخلافة عبادة بن ماء السماء.[32]
العمارة
قصبة جورماز.
اهتم الأمويون بالعمارة في الأندلس فبنوا القصبات والحصون والأسوار والأبواب، وهو الشئ الذي كان يمثل إحدى الضروريات لما مرت به الدولة الأموية في الأندلس من ثورات داخلية وغزوات خارجية، كما اهتموا ببناء المساجد والقصور والحمامات والقباب والقناطر المائية التي زينوها بالزخارف والنقوش، مما جعل من الفن الأندلسي فنًا مستقلاً له خصائصه الخاصة التي تميزه. ورغم مرور نحو ألف عام منذ سقوط الخلافة الأموية في الأندلس، إلا أن ما زالت هناك العديد من الآثار الخالدة التي تشهد على عظمة فن العمارة الأندلسي في عصر الدولة الأموية في الأندلس. ويمكن تصنيف فن العمارة في عهد الدولة الأموية في الأندلس إلى عمارة دينية وعمارة مدنية :
العمارة الدينية
مسجد الباب المردوم في طليطلة.
يعد الجامع الكبير في قرطبة دُرّة العمارة الدينية في عهد الدولة الأموية في الأندلس، فما زال خالدًا ليشهد على عظمة الفن الأندلسي في تلك الفترة. أنشأه عبد الرحمن الداخل سنة 170 هـ/786م محل كنيسة قوطية ليكون أعظم مساجد الأندلس.[33] وقد أنفق عبد الرحمن الداخل 80 ألف دينار على بنائه، واشترى أرضًا من النصارى بمائة ألف دينار ليضمها إلى الجامع، إلا أنه مات قبل أن يكتمل بنائه، الذي اكتمل في عهد ابنه هشام.[34] تمت توسعة الجامع عدة مرات في عهد عبد الرحمن الأوسط وابنه محمد بن عبد الرحمن وحفيده عبد الله بن محمد والحكم المستنصر وأخيرًا محمد بن أبي عامر، حتى بلغ عدد سواريه 1,417 سارية وثراياه 280 ثُريّة وأبوابه 21 باب،[34] وبلغ طوله 180 م وعرضه 135 م بارتفاع 12 م.[33] استوحي بناء الجامع من تصميم الجامع الأموي في دمشق،[35] وكان يربطه بقصر الخلافة ممرًا مسقوفًا لوصول الأمير إلى الجامع مباشرة بعيدًا عن أعين العامة.[33][35] وقد أضيف الجامع إلى مواقع التراث العالمي عام 1984.[36]
أطلال المسجد الجامع في مدينة الزهراء.
ومن آثار العمارة الدينية أيضًا، مسجد إشبيلية الذي أمر عبد الرحمن الأوسط ببنائه سنة 214 هـ/830م،[37] وفد تعرض المسجد لبعض الأضرار نتيجة غزو النورمان لإشبيلية سنة 230 هـ/844م، كما تأثر بزلزال سنة 472 هـ/1079م، إلا أنه وبعد سقوط المدينة في يد الإسبان سنة 1246م، تم تحويله إلى كنيسة، وفي سنة 1671م تم هدمه وبناء كنيسة جديدة في مكانه، ولم يبق منه إلا أجزاء من صحن المسجد ومئذنته،[34] وباب المسجد الرئيسي الذي يبلغ طوله 10 أمتار وعرضه 5 أمتار، وهو الآن بباب الغفران (بالإسبانية: Puerta del Perdón).[37] ومن الآثار المعمارية الباقية أيضًا مسجد الباب المردوم بطليطلة الذي بناه قاضي طليطلة أحمد بن حديدي سنة 390 هـ/999م، وقد تحول المسجد أيضًا إلى كنيسة باسم (بالإسبانية: Cristo de la Luz) بعد أن استولى ألفونسو السادس ملك قشتالة على المدينة عام 1085م.[34][38] والمسجد الجامع في مدينة الزهراء الذي بناه عبد الرحمن الناصر سنة 329 هـ /941م،[34][39] والذي لا تزال أطلاله باقية إلى الآن.
العمارة المدنية
جزء من قاعة احتفالية في مدينة الزهراء بنيت في عهد عبد الرحمن الناصر.
وكما اهتم الأمويون بالعمارة الدينية، اهتموا أيضًا بالعمارة المدنية، فقد اعتنوا ببناء القصور كقصور الخلافة والرصافة والدمشق في قرطبة،[34] وشيّدوا مدن للاستجمام كمدينة الزهراء التي أسسها عبد الرحمن الناصر سنة 325 هـ/936م والزاهرة التي بناها محمد بن أبي عامر عام 368 هـ/978م[40] وقد ظلت الزهراء مقرًا لحكم الأمويين لأربعين عامًا في عهدي عبد الرحمن الناصر وابنه الحكم، إلى أن نقل ابن أبي عامر مقر الحكم إلى مدينته الزاهرة في عهد هشام المؤيد بالله. ضمت الزهراء قاعات احتفال ومساجد ودور حكومية وحدائق ودار لسك العملة وورش للعمال، وثكنات ومساكن للجند وحمامات، كما تم إمدادها بالمياه عبر قنوات.[41] كما شيدوا الكثير من القصاب في العديد من المدن الأندلسية كقصبة ألمرية وبطليوس وجورماز التي بناها عبد الرحمن الداخل.
الموسيقى
نشط فن الموسيقى في الأندلس بوصول زرياب إلى بلاط عبد الرحمن الأوسط وحظوته باهتمام الأمير،[42] فهو يعد أبو الموسيقى الأندلسية، والذي وظّف فنه ليتوائم مع الأشعار والموشحات والأزجال الأندلسية.[43][44] شجع عبد الرحمن الأوسط هذا الفن، وأسس واحدة من أولى المدارس الموسيقية في قرطبة، لتعليم المغنين والمغنيات فن الغناء،[43][45] وأسماها "دار المدنيات".[34] كما كان لإدخال زرياب وترًا خامسًا على العود،[34] دوره في نشأة الغيتار الإسباني.[46]
لعبت موسيقى الأندلس دورًا في نقل الالآت الموسيقية الشرقية للغرب، كالكمان الذي تطور من الربابة، ويظهر ذلك من المصطلحات الموسيقية ذات أصول عربية التي اكتسبتها الموسيقى الغربية، ككلمات "adufe" من الدف، "alboka" من البوق، "anafil" من النفير، "atabal" من الطبل, "atambal" من الطنبل.[47]
العلوم
أبو القاسم الزهراوي أحد أبرز علماء تلك الحقبة.
كانت قرطبة مركز الأندلس الثقافي.[48] لعبت قرطبة دورًا كمركز فكري في الأندلس، حيث كانت تترجم النصوص اليونانية القديمة إلى اللغات العربية واللاتينية والعبرية، إلا أنها لم تصل إلى نفس المستوى الذي وصلت إليه الترجمات في الشرق الإسلامي.[49] فشهدت ازدهار في مجالات العلوم،[50] فلمع من علماء الأندلس أسماء كثيرة في مختلف مجالات العلوم ففي الفلسفة لمع ابن مسرة وفي الطب الزهراوي الذي عدّه البعض "أبو الجراحة الحديثة"[51] لما كان لكتابه "التصريف لمن عجز عن التأليف" من أثر على تطور علم الجراحة في أوروبا العصور الوسطى،[52] وابن جلجل الذي برع في الصيدلة، وقد نقل ألبيرتوس ماغنوس بعض أعماله إلى الغرب.[53] وفي الكيمياء المجريطي[49] وعباس بن فرناس الذي استنبط صناعة الزجاج من الأحجار عن طريق معالجتها كيميائيًا،[49][54] كما عرف أيضًا بأسبقيته في محاولة الطيران.[55][56] وفي الرياضيات المجريطي وابن السمينة القرطبي وابن الصفار وأبي بكر بن عيسى.[49] كما اهتم الأندلسيون بالتأريخ، فلمع منهم مؤرخون كعبد الملك بن حبيب السلمي الذي كان له كتاب في التاريخ كتاريخ الطبري وابن الفرضي صاحب كتاب "تاريخ علماء الأندلس" وابن القوطية وابن حيان القرطبي كاتب المنصور بن أبي عامر وصاحب كتاب المقتبس.[49]
الاقتصاد
كان اقتصاد الخلافة متنوع ومنتعش، حيث اعتمد في الأساس على التجارة، وقد كانت طرق تجارة الأندلس تمتد مع بقية بلدان البحر المتوسط، كما كان للدينار القرطبي قوته الاقتصادية في كل الأندلس وبعض بلدان أوروبا منذ أمر عبد الرحمن الداخل بسكّه، فكانت المبادلات التجارية تتم بالدينار العربي ودينار بيزنطة ودينار غالة الذي سكّه شارلمان.[57] وقد تنوعت مصادر دخل الخلافة فشملت فكانت الضرائب المفروضة على البضائع التي تمر على موانئ الأندلس[58] وخراج الأراضي والجزية المفروضة على الذميين وغنائم الحروب والضرائب الاعتيادية.[59]
وتنوعت مجالات الصناعة خلال عصر الخلافة من صناعة المنسوجات والسجاد والسكر والأواني الزجاجية والورق[58] والتماثيل والتحف المعدنية[59] والسفن والمعادن حتى ذاع صيت طليطلة كمركز رئيس لصناعة الأسنّة والرماح والسيوف وغيرها من الأسلحة في عهد عبد الرحمن الأوسط.[57] كما نشطت أيضًا الزراعة، وأدرّت عائدات مربحة على الخلافة. كانت أيضًا الجزية المفروضة على سكان الخلافة من اليهود والمسيحيين من مصادر دخل الخلافة.[48] وقد أدخل العرب محاصيل جديدة، مثل النخيل والرمان والنارنج والقطن والأرز[59] واللوز والتين والدراق والموز والزعفران والكتان وقصب السكر والمشمش[57] والأرز والبطيخ والباذنجان والقمح، كما حسّنوا أنظمة الري باستخدام القنوات المائية والنواعير وإقامة الجسور والقناطر.[58][59]
المجتمع
كان المجتمع الأندلسي خليطًا من أجناس مختلفة؛ فهناك اقلية عربية وأغلبية امازيغية الذين شاركوا في الفتح الإِسلامي أو نزحوا من الشمال الإِفريقي، وهناك سكان الأندلس الأصليون من الأسبان الذين اعتنقوا الإِسلام، وكذلك أصناف أخرى كالصقالبة واليهود.[60] وقد كانت أقسام المجتمع الأندلسي كالآتي :
1.العرب : انقسموا إلى عدنانيين وقيسيين وقحطانيين يمنيين، وكانوا يمثلون النخبة الارستقراطية بالمدن[23] وبيدهم سدة الحكم، فتقلدوا مراتب الوزارة والكتابة والقضاء والشرطة والحسبة وبيت المال وضرب السكة. أما عامتهم فكانت حرفتهم الزراعة ونسج الحرير والغزل والنسيج والتجارة فيهما، وبيع العطر والشمع والفاكهة والخضر والخبز.[24]
2.الامازيغ : كانوا يمثلون غالبية سكان الاندلس وتقلدوا المناصب العسكرية والقضائية وتفرغوا إلى العلم وكانوا يشكلون معظم جيش الاندلس وقد نشط عامة الامازيغ في الحواضر في عديد من الحرف اليدوية والبناء والتجارة.[24]
3.الصقالبة أو الموالي : هم الخدم والمماليك الذين جلبهم النخاسون الجرمان واليهود من أسرى حروب الجرمان مع الصقالبة، وباعوهم في الأندلس. وكثر عدد الصقالبة الموالي أيام الخلافة، حيث كانوا يستخدمون كخدم وجنود،[23] وصار لهم تأثير كبير، خصوصًا وأنهم كانوا في خدمة أصحاب القرار، وقادة الجيوش، وكان لهم قول مسموع في نساء القصر ولدى أهل السلطة.[61] واستخدموا أحيانًا في قمع الثوارت، كما اشتغلوا في الصنائع اليدوية والتجارة.[24]
4.المستعربون (Los Mozarabes) : هم المسيحيون الذين بقوا بعد فتح الأندلس في المدن المفتوحة، وخلال الحكم الأموي كله اعتمد عليهم الأمويون في إدارة شئون البلاد الاقتصادية وتنظيم الدولة. أما عوامهم فقد امتهنوا الزراعة وتربية الماشية والصيد.[24] وقد تأثروا بالعرب حتى أنهم تكلموا لغة منطوقة مزجت بين اللغة العربية واللاتينية القديمة، والتي ظلت تستخدم كلغة منطوقة حتى القرن الرابع عشر.[62]
5.المولودون : هم سكان الأندلس الأصليون الذين اعتنقوا الإسلام وأبناء العرب والامازيغ من أمهات إسبانيات، ومع مرور الوقت استطاع هؤلاء المولدون أن يشغلوا مناصب كبرى كانت وقفًا على الاستقراطية العربية، كما عملوا بالتجارة.[23][24]
6.اليهود : تولوا مناصب إدارية، فكانوا يدبرون أمور الاقتصاد وتنظيم الدولة، وقد امتهنوا تجارة العبيد والحرير والتوابل.[23]
في ظل هذا التنوع العرقي والديني تحت سلطة إسلامية متسامحة، امتزجت العناصر المختلفة للسكان وتزاوجوا فيما بينهم، فظهر عنصر كالمولدين. غير أن هذا التمازج أيضًا كان سببًا في نشوء بعض الثورات ذات النزعة العرقية.