النسور عادوا للتحليق .. في بطولة المفاجأت والفشل للكبار .. وسقوط هيبة الكرة العربية

■■ عاد نسور نيجيريا للتحليق بعد طول إنزواء وإندحار وتقهقر ، وإنتزعوا صدارة الكرة السمراء وعادوا من جديد لإعتلاء العرش الإفريقي بفوزهم بكأس الأمم الإفريقية بعد فوز تكتيكي حذر ومستحق بهدف وحيد ولكنه كان كافيا لحسم فوزهم بالمباراة النهائية واللقب على حساب الحصان الأسود البوركيني أبرز مفاجأت المونديال الأسمر الذي اتسعت دائرة مفاجأته لدرجة أحرجت كل الخبراء والنقاد والمتابعين للبطولة .

■■ الغريب أن المباراة النهائية التي أدارها الحكم الدولي الجزائري المتألق جمال حيمودي أفضل حكم إفريقي ، كانت تكراراً للمباراة الإفتتاحية للفريقين في المجموعة الثالثة يوم 21 يناير ، وكانت بإدارة تحكيمية جزائرية للحكم محمد بنوزة ، والأغرب أن الفريق النيجيري ظل متفوقاً بهدف وحيد حتى الدقيقة 90 التي إنتزع فيها المنتخب البوركيني التعادل بهدف مباغت، ولكن سيناريو الحادي عشر من فبراير في النهائي كان مختلفاً قليلا ، لأن النسور تقدموا بهدف وحيد لنجمهم صانداي مبا ، وتمكنوا من الإحتفاظ بالتفوق حتى صافرة النهاية ، وربما كان لخبرتهم السابقة أمام البوركيناب في الإفتتاح ، أكبر الأثر في إستيعابهم الدرس وعدم تفريطهم في الفوز وبالتالي إنتزاعهم للقب.

■■ وفي ظل بطولة غريبة الأطوار وعامرة بالمفاجأت وانهيارات المنتخبات الكبرى ، وحدهم تمكن النسور من التماسك وإستعادة عصرهم الذهبي ولقبهم السابق عام 94 ، والذي تلاه ما يقرب من 20 عاماً من الحضور المثير للجدل، من تأهل مرة واحدة للمباراة النهائية بلا تتويج ، وإحراز المركز الثالث أربع مرات ، إلى تراجع وتقهقر بل وإنزواء عدة مرات، فشلوا خلالها في التأهل للنهائيات الإفريقية أعوام 96 و98 و2012 .

■■ البطولة أسرفت في مفاجأتها ، لدرجة الإطاحة بمنتخبات من الحجم الكبير من الدور الأول وفي مقدمتها زامبيا حاملة اللقب ، والمنتخبات العربية الثلاثة المغرب وتونس والجزائر والمضيف الجنوب أفريقي ، ثم إنزواء العملاقين كوت ديفوار وغانا فيما بعد، وفي غضون ذلك تألقت مالي كالعادة وواصلت زحفها حتى فازت بالمركز الثالث لتبقى في نفس المركز للبطولة الثانية على التوالي، وكان لظهور وتألق الضيف الجديد كاب فيردي ( جزر الرأس الأخضر)، الذي وصل إلى دور الثمانية، وكذلك الحصان الأسود البوركيني الذي قدم أروع المفاجأت وخاصة بالتأهل من المجموعة الثالثة على حساب حامل اللقب الزامبي ، ثم إقصاء توجو في دور الثمانية والإطاحة بالعملاق الغاني في الدور قبل النهائي.

■■ وبعيداً عن المفاجأت التي عمت البطولة ، فإنها تأتي كواحدة من أسوأ البطولات التي خاضتها المنتخبات العربية ربما طوال تاريخ البطولة عبر 56 عاماً و29 نسخة منذ عام 1957، فقد فاز العرب عبر خمسة منتخبات هي مصر والمغرب والجزائر وتونس والسودان، ب 11 لقباً ، وهي تمثل ثُلث التتويجات في البطولة، منها سبعة ألقاب لمنتخب مصر الفارس الأول في تاريخ البطولة ، ولقب واحد لكل من السودان والمغرب والجزائر وتونس .

■■ وبعد كل هذا التاريخ والتألق والحضور العربي اللافت والذي ووصل إلى رعب وإحتكار لمنتخب الفراعنة الذي حقق ثلاثة ألقاب متتالية أعوام 2006 و2008 و2010 ، فقد كان الغياب والشحوب العربي هائلاً في جنوب افريقيا ، وكانت البداية بغياب مصري للبطولة الثانية على التوالي ، وكان ذلك بمعية منتخب من العيار الثقيل أيضا مثل الكاميرون، وغابت منتخبات عربية أخري مثل ليبيا والسودان ، وكان الأمل في حضور مشرف للمنتخبات المغاربية الثلاث المغرب والجزائر وتونس ، وللأسف تبارى الثلاثة في إضاعة الفرص و اللعب المرتبك والتفريط في الحسم وعدم تحقيق النتائج المرجوة، ليخرجوا جميعاً بأداء خجول ومحتشم من الباب الخلفي مبكراً ، لتحصد الكرة العربية قمة الفشل في واحدة من أسوأ المشاركات العربية في التاريخ ، ولعل إقامة البطولتين القادمتين في بلاد العرب ، عام 2015 في المغرب ، ثم عام 2017 في ليبيا ، ربما يكون فرصة جديدة لإنتعاش الحلم العربي الإفريقي سواء للمنتخبين المضيفين أو لغيرهما من المنتخبات العربية التي لن تجد نفسها غريبة تحت السماء العربية في المغرب وليبيا .. ويبقى هذا مجرد أمل نظري على الورق ينتظر الكثير من الجهد والعرق ليصبح واقعاً مشرفاً يستعيد هيبة وكبرياء الكرة العربية في المونديال الأسمر.