الحمد لله أحاط بكل شيء علماً ، أحمده على نعمه العظيمة ، وآلائه الجسيمة ، فنعمه لا تعد ، ومننه لا تحد ، فله الحمد ، وله الشكر بلا عد ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، خضعت له رقبة كل عبد ، وأناب إليه كل فرد ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله ربه بالوعيد والوعد ، صاحب لواء الحمد ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين . . وبعد :
فآلية ذكر اسمه سبحانه وتعالى على اللسان البشري لها معجزة متفردة ، فمكونات حروفه دون الأسماء جميعها يأتي ذكرها من داخل الجوف , لا من الشفتين ، فـلفظ الجلالة [ اللهُ ] لا تنطق به الشفاه لخلوه من النقاط ، وبعداً عن الرياء ، وبعداً عن اكتشاف الأعداء ، فسبحان الله العظيم ، ظهرت عظمته في كل مكان ، فلو ذكرت اسم الله وراقبت مخارج حروفه كيف تنطقها ، لوجدتها من داخل الجوف .
ولا تتحرك بها الشفاه ، معجزة من الله ، ورحمة بخلقه ليذكروه دون أن يراهم أحد ، أو يشعر بهم مخلوق ، أخلاصاً وصدقاً ، وهرباً من السمعة ولظهور ، فسبحان من بهرت عظمته العقول ، وأحرجت حكمته الأدمغة .
ومن إعجاز اسمه أنه مهما نقصت حروفه ، فإن الاسم يبقى كما هو دالاً على وحدانيته تعالى ، وقوته وعظمته وملكه في كونه ، وتصرفه بشؤونه .
كما هو معروف أن لفظ الجلالة يُكتب هكذا " اللهُ " ولاحظ أن نهاية الاسم بالضمة .
فإذا ما حذفنا الحرف الأول ، تصبح الكلمة هكذا " لله " ، أي أن كل ما في الكون ملك لله وحده ، هو خالقه وموجده ، والمتصرف فيه ، وورد في ذلك العديد من الآيات ، كما في الآيات التالية :
قال تعالى : { وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [ البقرة115 ] .
وقال تعالى : { وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ } [ آل عمران109 ] .
وقال تعالى : { وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ الأعراف180 ] .
وقال تعالى : { وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ النحل77 ] .
وقال تعالى : { وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى } [ النجم31 ] .
وإذا ما حذفنا الألف واللام الأولى بقيت الكلمة هكذا " لهُ " ولا يزال مدلولها الإلهي باقياً ، دالاً على عظمته وجبروته وسطوته وملكه ، كما ورد ذلك في العديد من الآيات ، كما في الآيات التالية :
قال تعالى : { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } [ البقرة107 ] .
وقال تعالى : { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً } [ النساء171 ] .
وقال تعالى : { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ المائدة40 ] .
وقال تعالى : { وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [ الأنعام13 ] .
وإذا حذفنا الألف واللام الأولى ، واللام الثانية ، بقيت الهاء بالضمة هكذا " هـُ " وتُقرأ " هو " ، ورغم ذلك تبقى الإشارة إليه سبحانه وتعالى ، دالة على ملكه لما يحويه كونه ، وقدرته على خلقه ، فسبحان الله العظيم ، كيف ظهرت عظيمته في اسمه سبحانه ، كما في الآيات التالية :
قال تعالى : { هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [ البقرة29 ] .
وقال تعالى : { اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } [ آل عمران2 ] .
وقال تعالى : { هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [ الحشر22-24 ] .
وإذا ما حذفنا اللام الأولى فقط ، بقي لفظ الجلالة كما يلي " إله " ، أي أنه خالق كل شيء ، ورب كل شيء ومليكه ، والمتصرف به حقيقة ، وهو سبحانه المستحق للعبودية والألوهية والربوبية ، كما في الآيات التالية :
قال تعالى : { وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ } [ البقرة163 ] .
وقال تعالى : { وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ } [ النحل51 ] .
وقال تعالى : { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى } [ طه8 ] .
وقال تعالى : { وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ } [ الزخرف84 ] .
============================================
قال بعض أهل العلم أن لفظ الجلالة " الله " هو اسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب ، وإذا سُئل به أعطى .