أمُّ الحبيب صلى الله عليه وسلم( أم أيمن)
هي إحدى المهاجرات الأُوَل، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، يَقُولُ لأُمِّ أَيْمَنَ : يَا أُمَّهْ ، وَكَانَ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا ، قَالَ : هَذِهِ بَقِيَّةُ أَهْلِ بَيْتِي [ابن سعد 8/223 وفيه جهالة].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يزورها دائمًا، ويكرمها، وَكَانَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ: أُمّ أَيْمَنَ أُمّي بَعْدَ أُمّي "( الإصابة ) . وكانت هي سعيدة بهذا الأمر، وتعيشه كأنه حقيقة، فكانت تحنو عليه حنان الأم على ابنها، وتخشى عليه خشيتها، وتغضب أحيانًا عليه كما تغضب الأم، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَنَاوَلَتْهُ إِنَاءً فِيهِ شَرَابٌ - قَالَ - فَلاَ أَدْرِى أَصَادَفَتْهُ صَائِمًا أَوْ لَمْ يُرِدْهُ فَجَعَلَتْ تَصْخَبُ عَلَيْهِ وَتَذَمَّرُ عَلَيْهِ. مسلم (6471 ) .
وما كانت لتفعل ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو يعلم أنه بمثابة الابن، فهي قد حضنته وربته صلى الله عليه وسلم
هذه أم أيمن -رضي الله عنها- أحاطت رسول الله صلى الله عليه وسلم بحبها ورعايتها، وكانت أمَّه صغيرًا وكبيرًا، فأكرمها اللَّه -سبحانه وتعالى- بفضله، وجزاها خيرًا على جميلها، وحفظها كما حفظت النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن عثمان بن القاسم قال: "خرجت أم أيمن- رضي اللّه عنها- مهاجرة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة، وهي ماشية ليس معها زاد، وهي صائمة في يوم شديد الحر، فأصابها عطش شديد حتى كادت تموت من شدة العطش، قالت: فلما غابت الشمس إذا أنا بحفيف شيء فوق رأسي، فرفعت رأسي فإذا أنا بدلو من ماء برشاء أبيض، فدنا مني حتى إذا دنا حيث أستمكن تناولته فشربت منه حتى رُويت، فلقد كنت أصوم بعد ذلك في اليوم الحار ثم أطوف في الشمس كي أعطش فما عطشت بعدها".الإصابة 4 / 77 ودلائل النبوة (2372 ) حسن لغيره
وعَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ ، أَوْ عُمَرُ لأَبِي بَكْرٍ : انْطَلِقْ بِنَا إلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا , فَانْطَلَقَا إلَيْهَا فَجَعَلَتْ تَبْكِي , فَقَالاَ : لَهَا : يَا أُمَّ أَيْمَنَ , إنَّ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَتْ : قَدْ عَلِمْت ، أَنَّ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَكِنِّي أَبْكِي عَلَى خَبَرِ السَّمَاءِ , انْقَطَعَ ، عَنَّا , فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ فَجَعَلاَ يَبْكِيَانِ مَعَهَا .مصنف ابن أبي شيبة (37027) صحيح .
إنها أم أيمن بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصن، وكانت تعرف بالحبشية، وهي وصيفة (خادمة) عبد الله بن عبد المطلب والد النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما مات صارت لزوجته آمنة بنت وهب أم النبي صلى الله عليه وسلم ، فظلّت تُكِنّ لها كل إخلاص ومحبة صادقة، وسافرت معها ومع ابنها محمد صلى الله عليه وسلم إلى يثرب لزيارة قبر زوجها عبد اللَّه، ولما عادوا مرضت أم النبي صلى الله عليه وسلم ، وماتت في الطريق، فدفنتها أم أيمن فى مكان يعرف بالأبواء، وسط الصحراء فى الطريق بين مكة والمدينة، وحملتْ النبي صلى الله عليه وسلم إلى جده عبد المطلب، وظلتْ تخدمه وتسهر على راحته؛ حتى تزوج صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة بنت خويلد -رضي اللَّه عنها-، فانتقلت معه إلى منزلها، وكانت موضع احترامٍ وتقديرٍ منهما.
وعندما تقدم إليها عبيد بن زيد من بني الحارث بن الخزرج للزواج منها تكفلتْ السيدة خديجة بتجهيزها، وبعد عام من الزواج أنجبت منه ابنها (أيمن الذي تُكنى به دائمًا) وقد استشهد أيمن في موقعة خيبر، ولما توفي عبيد بن زيد -زوج أم أيمن- تقدم "زيد بن حارثة" للزواج بالسيدة أم أيمن، وزاد من رغبته فيها قول الرسول صلى الله عليه وسلم : فَقَالَ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَلْيَتَزَوَّجْ أُمَّ أَيْمَنَ). [ابن سعد8/224 صحيح مرسل]، فولدتْ له "أُسامة بن زيد" حِبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهى إحدى المؤمنات المجاهدات اللاتي شاركن في المعارك الإسلامية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم :، فقد شهدت أُحدًا، وكانت تسقي المسلمين، وتداوي الجَرْحَى، وشهدت غزوة خيبر.
وروت أم أيمن -رضي الله عنها- بعضًا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتوفيت -رضي الله عنها- فى آخر خلافة عثمان بن عفان -رضي اللَّه عنه- ودفنت بالمدينة بعد أن تجاوزت التسعين من عمرها
- - - - - - - - - - - - - - - -