بسـم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكـم ورحمـة الله وبركـاته
صلاة المرء في أخراه ذخر
واول ما يحاسب بالصلاة
فإن يمت فطوبى ثم طوبى له
الفوز فيها بالصلاة
وإلا النار مثواه وتباً له
تباً له بعد الممات
الحمد لله رب العالمين خلق الإنسان وكرمه فأمر بعبادته
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
وأرشده إلى طريق الفلاح
قال تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}
والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين
أما بعد :
فالصلاة من أهم العبادات التي يجب على المسلم أن يفقه أحكامها درسا وتطبيقا لعظم قدرها وسمو مكانتها في الإسلام فإذا كان الإيمان قولا باللسان واعتقادا بالجنان فالصلاة عمل بالأركان وطاعة للرحمن ولما كانت الصلاة عبادة يتحقق فيها التجرد لله وحده وتربية النفس على المعاني الإيمانية التي تعد المؤمن لحياة كريمة في الدنيا وسعادة سرمدية في الآخرة
والصلاة عبادة يجب أن تؤدى على وجهها المشروع لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( صلوا كما رأيتموني أصلي )
الراوي: مالك بن الحويرث الليثي المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7246
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
وهي آخر ما يفقد من الدين فان فقدت فقد الدين كله وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة هي الصلاة وكفى بها حدا فاصلا بين الإسلام والكفر
أسأل الله العظيم أن يوفق كل مسلم لهذه الصلاة وان يثبتنا على دينه انه ولي ذلك والقادر عليه .
- اولا الصلاة في اللغة :-
هي الدعاء وهذا بلاشك له معنى كبير جدا انك حين تصلي تأتي بافعال لا تفعلها الا مع الله عز وجل وهي الركوع والسجود مهما كنت غني او فقير او صاحب سلطة او غير ذلك فأنك لا بد ان تتضرع الى الله وتذل نفسك لله وتفتقر الى الله وهذا متحقق من الدعاء ففيه افتقار الى الله واعتراف بأنك غير قادر وان الله هو القادر على تحقيق ما تريده
فيطلب العاجز من القادر ويطلب الفقير من الغني وهذا هو معنى العبودية وهو ما يتحقق في وقوفك في الصلاة محرما من الدنيا تاركاً اياها وراء ظهرك مستقبلًا وجهه سبحانه في خشوع العبد لمولاه وخشوع العاجز الى القادر وخشوع المحتاج الفقير للغني المتعالي سبحانه وتعالى .
ثانيا في الاصطلاح :
هي التعبد لله باقوال وافعال معلومة مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم مع النية بشرائط مخصوصة
إن الصلاة من أجل الأذكار وأفضل الطاعات، وهي تعبر عن منتهى الخضوع والعبودية، فيتمثل فيها عظمة الخالق وذل المخلوق، وقد جمعت فنوناً من العبادة فهي تشتمل على التكبير والقراءة والقيام والركوع والسجود والذكر والقنوت والدعاء، فلذلك كانت الركن الثاني بعد الإيمان.
والأصل في مشروعية الصلاة وكل عبادة أخرى إما القيام بشكر المنعم على ما أنعم، وإما أداء حق الطاعة والعبودية وإظهار التواضع والذلة. وقد اشتملت الصلاة على كل منهما، فمن الحكم الجليلة أن الصلاة وجبت شكراً للنعم العظيمة والتي منها: نعمة الخلق حيث كرم الله النوع الإنساني بالتصوير على أحسن صورة وأحسن تقويم، حتى لا نرى أحداً يتمنى أن يكون على غير هذه الصورة، قال تعالى: {وصوركم فأحسن صوركم } [غافر:64]. وقال أيضاً: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم } [التين:4]. ومنها: نعمة سلامة الجوارح عن الآفات، إذ بها يقدر على إقامة مصالحه، ومنها: نعمة المفاصل اللينة التي بها يقدر على استعمال جوارحه في الأحوال المختلفة، أعطاه الله ذلك كله إنعاماً محضاً من غير أن يسبق منه ما يوجب استحقاق شيء من ذلك، فأمرنا باستعمال هذه النعم في طاعة المنعم شكراً لما أنعم، إذ من شكر النعمة استعمالها في طاعة المنعم. ثم الصلاة تجمع استعمال جميع الجوارح الظاهرة من القيام والركوع والسجود والقعود ووضع اليد موضعها وحفظ العين، وكذلك الجوارح الباطنة من شغل القلب بالنية، وإشعاره بالخوف والرجاء، وإحضار الذهن والعقل والتعظيم والتبجيل، ليؤدي كل عضو شكر الإنعام به.
وفي الصلاة: إظهار سمة العبودية لما فيها من القيام بين يديه تعالى وإحناء الظهر له وتعفير الوجه بالأرض والجثو على الركبتين والثناء عليه وغير ذلك. ومنها: أنها مانعة للمصلي عن ارتكاب المعاصي، لأنه إذا قام بين يدي ربه خاضعاً متذللاً مستشعراً هيبة الرب جل جلاله خائفاً تقصيره في عبادته كل يوم خمس مرات عصمه ذلك من اقتحام المعاصي، وذلك قوله تعالى: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } [العنكبوت:45]. ومنها: أنها جعلت مكفرة للذنوب والخطايا والزلات والتقصير، إذ العبد في أوقات ليله ونهاره لا يخلو من ارتكاب ذنب أو خطأ أو تقصير في العبادة، قال تعالى: {إن الحسنات يذهبن السيئات } [هود: 114].
ولابد أن نستحضر وقفتنا بين يدي الله عز وجل يقول الحسن: الصلاة من الآخرة. وكان إذا قام إلى الصلاة تغير لونه فيسأل عن ذلك فيقول: إني أريد القيام بين يدي الملك الجبار، ثم يقول: إلهي عبدك ببابك، يا محسن أتاك المسيء، وقد أمرت المحسن أن يتجاوز عن المسيء، فأنت المحسن وأنا المسيء، فتجاوز عن قبيح ما عندي بكريم ما عندك يا كريم. فليس للعبد نصيب من صلاته إلا بقدر ما خشع فيها للحديث: ((إن العبد ليصلي الصلاة لا يكتب له إلا نصفها إلا ثلثها إلا ربعها إلا خمسها إلا سدسها وإلا عشرها))([18]). أخرجه أبو داود والنسائي.
ولابد من البعد عن مكروهات الصلاة، من العبث بالثوب أو البدن، فالصلاة تبطل من كثرة الحركة التي يظن الناظر أن فاعلها ليس في صلاة، أو يقوم إلى الصلاة مع مدافعة الأخبثين، أو كان بحضرة طعام جاء في الحديث: ((لا يصلي أحد بحضرة الطعام ولا هو يدافعه الأخبثان))([19]) أحمد ومسلم.
ومر عمر بن الخطاب على رجل يعبث بلحيته، وهو في الصلاة فقال: (لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه)، والخشوع هو السكون أو رفع البصر إلى السماء في الصلاة للحديث: ((لينتهن أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لتخطفن أبصارهم))([20]).أحمد ومسلم.
عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال الله عز وجل : إني افترضت على أمتك خمس صلوات وعهدت عندي عهداً أنه من جاء يحافظ عليهن لوقتهن أدخلته الجنة ، ومن لم يحافظ عليهن فلا عهد له عندي " . [ رواه أبو داود ]
وعن أبي هريرة رضي الله عنـه عن النبي صلى الله عليه وسلم قـال : " أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى عليه من درنه شيء ؟ ! " قالوا : لا يبقى من درنه شيء . قال : فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا " . [ رواه الشيخان والترمذي والنسائي ]
وعن بريـدة الأسلمي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر " . [ رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم ] (4)
وروى الطبراني في الأوسط عن عبد الله بن قرط أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة فإذا صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله)
عن عبادة بن الصامت فيما رواه ابن حبان في صحيحه قال اشهد اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (خمس صلوات افترضهن الله عزوجل من احسن وضوءهن و صلاهن لوقتهن واتم ركوعهن و سجودهن و خشوعهن كان له على الله عهد ان غفر له ومن لم يفعل فليس له على الله عهد ان شاء غفر الله و ان شاء عذبه)
وجاء في الحديث الذي يرويه معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : "رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد " . أخرجه الترمذي وغيره وقال : حديث حسن صحيح .
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" خمس صلوات افترضهن الله عز وجل من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن وأتم ركوعهن وسجودهن وخشوعهن كان له على الله عهد أن يغفر له ومن لم يفعل فليس له على الله عهد إن شاء غفر له وإن شاء عذبه " . رواه مالك وأبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه ، وهو صحيح
وعن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب تبارك وتعالى : انظروا هل لعبدي من تطوع ؟ فيكمل بها ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك " . اخلاجه الترمذي والنسائي ، وهو صحيح لغيره .