أهداف الزواج في الإسلام والحكمة من تشريعه
مصطفى عيد
[img:bfe1]http://l.yimg.com/qn/arb3/images/smilies-frasha/4_4_105[1].gif[/img:bfe1]
شرع الله الزواج، وجعله شعيرة من شعائر دينه الحنيف الذي ارتضاه لعباده وحثهم عليه ورغبهم فيه، وجعل لهم الأسوة في ذلك بمن بعثهم وأرسلهم من الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين.. كل ذلك لما فيه من حكم بالغة، وما يحققه من مصالح وأهداف، تعود على الإنسان بخير دنياه وآخرته، وعلى البشرية كافة بصالح حالها ومآلها.
ولعل من أهم هذه الحكم والأهداف التي تتحقق باستمرار هذه الشعيرة:
1 - تحقيق العبودية لله بتنفيذ أمره:
فأول ما ينبغي على المسلم أن يضعه في اعتباره حين الإقدام على الزواج، أن يمتثل - بذلك - أمر الله لعباده، حين أمرهم بالنكاح، ورغبهم فيه بمثل قوله تعالى: [ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ] [1] وهذا الامتثال لمثل هذا التوجيه الرباني، فيه طاعة لأمر الله، وتعبير صادق عن العبودية الخالصة له، كما هو استنان بسنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه الحديث الذي رواه عنه أنس بن مالك رضي الله عنه: " حبب إلي الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة " [2] واقتداء بسيرة السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين الذين ما عهد عنهم أنهم رغبوا عن الزواج أو زهدوا فيه، بل كان أحدهم يسرع إليه ما استطاع مخافة أن يلقى ربه عازباً [3] والزواج قربة يتقرب العبد بها إلى ربه إذ يملك به نصف دينه قال عليه الصلاة والسلام: " إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين، فيتق الله فيما بقي " [4] كما وإن له في كل مباضعة مع زوجه أجراً عند ربه وثواباً: فعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "... وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له أجر ؟؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه وزر ؟؟ قالوا: بلى، قال: فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له فيها أجر " [5].
2 - غض البصر وحفظ الفرج:
ذلك أن الزواج وسيلة عظمية من الوسائل التي تساعد المسلم على تحقيق التوجيه الإلهي الكريم لعباده بغض البصر وحفظ الفرج، والمتمثل في قوله تعالى: [ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ] [6] وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأثر العظيم للزواج في صيانة البصر والفرج بقوله: " يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج " [7].
إن في غض البصر سلامة للمجتمع من الإنحلال والتفسخ، باعتباره - من جانب الرجال - أدباً نفسياً رفيعاً، وإغلاقاً للنافذة الأولى من نوافذ الفتنة والغواية، كما هو - من جانب النساء - ترفّع وإحجام عن إرسال النظرات الجائعة والسهام الهاتفة التي تستثير كوامن الفتنة في صدور الرجال، ولاشك أن التساهل في غض البصر يؤدي إلى الانزلاق وراء الشهوات، والتردي في مهاوي الرذيلة، وما حفظ الفرج سوى الثمرة الطبيعية والنتيجة المنطقية المترتبة عليه، ولذا كان الجمع بينهما في الآية والحديث باعتبارهما سبباً ونتيجة، أو لكونهما الخطوتين المتواليتين في عالم الضمير والواقع، وبديهي أن من تمكنت في نفسه تقوى الله، ولازمه الشعور بمراقبته فغض بصره عن المحرمات والمفاتن سيكون - بإذن الله - بمنأى عما حرمه الله عليه من ترد في الحرام ووقوع في الفاحشة.
منقول