فإن الشهيد في سبيل الله تعالى بمنزلة عظيمة لأنه قدم أغلى ما يملك ابتغاء ثواب الله تعالى، واختار الحياة الأخروية الخالدة على الحياة الدنيوية القصيرة الفانية، ويعسر أن نحصي النصوص الشرعية المفصلة لثواب الشهيد في سبيل الله، ولعلنا نقتصر منها على الأمثلة التالية:
فقد أخرج البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة، وفوقه عرش الرحمن.
وأخرج أبو داود في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا: من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الشهادة، ولا ينكلوا عن الحرب؟ فقال الله تعالى: أنا أبلغهم عنكم، وأنزل الله تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ* يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ. وقال صلى الله عليه وسلم: للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه. رواه الترمذي وأحمد وابن ماجه.
وقال صلى الله عليه وسلم: من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه. رواه مسلم وأبو داود وابن حبان.
والله أعلم.