الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
قد نقل بعض أهل العلم كراهة التصفير, منهم ابن مفلح - رحمه الله - في كتابه الآداب الشرعية حيث قال:
قال الشيخ عبد القادر رحمه الله: يكره التصفير، والتصفيق.
وقد ذم الله عز وجل المشركين بقوله: وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً {الأنفال:35}.
قال القاضي أبو بكر ابن العربي - رحمه الله -: قيل:
المكاء التصفير، والتصدية: التصفيق، روي عن ابن عباس، وابن عمر، والحسن, ومجاهد، وعطية، وقتادة، والسدي ...
وقد ذم الله عز وجل المشركين بقوله:
(وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية). [الأنفال:35] .
وقد نقل الشيخ محمد المنجد الأقوال في شأنه ثم قال:
إذا لم يفعل ذلك على وجه العبادة لم يبق وجه للمنع أو التحريم، خاصة إذا قامت الحاجة لإصدار صوت الصفير، وهي حاجات كثيرة اليوم، فقد أصبحت الصافرة
تستعمل اليوم لدى شرطة المرور، كما أصبحت أصوات كثير من الأدوات الكهربائية تتضمن هذا الصوت، والأم قد تصدر هذا الصوت لإسكات طفلها والغناء له، كما قد يضطر إليه بعض الناس لمناداة البعيد، ونحو
ذلك, ولكن إذا اتخذ التصفير لإيذاء الناس وإزعاجهم، أو للتحرش بالفتيات، أو قصد به التشبه بالكفار والفساق وعادتهم فيحرم حينئذ باتفاق .
ثم نقل عن الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى- قوله:
إذا كان التصفيق للإنسان الذي تميز عن غيره في النجاح، أو أجاب جوابًا صوابًا، أو ما أشبه ذلك، فأنا لا أرى فيه بأسًا.
أما التصفير فأكرهه كراهة ذاتية، ولا أستطيع أن أقول:
إنه مكروه كراهة شرعًا؛ لأنه ليس عندي دليل, وأما قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال، وتصفق النساء) فهذا في
الصلاة, وأما قوله تعالى:
{وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية} [الأنفال:35]
والمكاء:
التصفير, والتصدية: التصفيق, فهؤلاء كانوا عند المسجد الحرام يتعبدون الله بذلك, بدل أن يركع ويسجد يصفق
ويصفر, أما إنسان رأى شخصًا تفوق عن غيره وأراد أن يشجعه وصفق فلا أرى في هذا بأسًا, أما التصفير فأنا أكرهه كراهة ذاتية, وليس عندي دليل, ولو أن شخصًا طلب مني دليلًا، فلا أستطيع أن أقول: عندي
دليل. اهـ.
هذا وننبه إلى أن الأولى بالمسلم أن يشتغل بنشر القرآن، والدروس العلمية؛ لأن تسجيل المباريات ونشرها لا فائدة فيه للمجتمع, وقد سئل الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: ما حكم رؤية مباراة كرة القدم التي تعرض في التلفاز؟
فأجاب:
الذي أرى أن مشاهدة الألعاب التي تعرض في التلفاز أو في غيره من المشاهدات، أنها مضيعة للوقت، وأن الإنسان العاقل الحازم لا يضيع وقته بمثل هذه الأمور التي لا تعود عليه بفائدة إطلاقًا, هذا إن سلمت
من شر آخر، فإن اقترن بها شر آخر بحيث يقوم في قلب المتفرج تعظيم اللاعب الكافر مثلًا، فإن هذا حرام بلا شك؛ لأنه لا يجوز لنا أن نعظم الكفار أبدًا مهما حصل لهم من التقدم فإنه لا يجوز لنا أن نعظمهم .. فالذي
أنصح به إخواننا أن يحرصوا على أوقاتهم فإن الأوقات أغلى من الأموال. اهـ.
منقؤؤل