ما أعظم أن ينال الإنسان المسلم محبّة الله تعالى، فهي أعظم الأماني والغايات، ذلك بأنّ الإنسان إذا نال محبّة الله تعالى فإنّه يكون بذلك قد نال خير الدّنيا والآخرة، فالله تعالى حين يحبّ عبده فإنّه يرضى عنه، ومن رضي الله تعالى عنه أدخله جنّته، وقرّبه إليه، ولم يسخط عليه أبداً، وقد ذكر النّبي صلّى الله عليه وسلّم يوماً في غزوة خيبر بأنّه سوف يعطي راية المعركة لرجلٍ يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، يفتح الله على يديه، وحين سمع المسلمون بهذه الكلمة استشرفت أعناقهم أن يختارهم النّبي عليه الصّلاة والسّلام لهذه المهمّة العظيمة فينالوا محبّة الله تعالى ورسوله، لينادي النّبي عليّاً، ويأتي عليّ رضي الله عنه لتولّي هذه المهمّة وينال الوسام الذي أعطاه إيّاه رسول الله تعالى وهو وسام محبّة الله ورسوله، وما أعظمه وأجلّه من وسام، ولا يظنّن المسلم أنّ صحابة رسول الله عليه الصّلاة والسّلام هم وحدهم من ينالون هذا الوسام، فقد يناله مسلمٌ في عصرنا الحاضر بتقواه وعمله، ولكي يكون المسلم حبيب الله تعالى عليه أن يعمل ما افترضه عليه من واجبات، وأن يجتنب ما حرّمه عليه من معاصي ومنكرات، وأن يكون قلبه معلّقٌ بالله تعالى، يستحضر عظمته وخشيته في قلبه، وأن يكون الله تعالى ورسوله أحبّ شيءٍ إلى قلبه، بل أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه من ماله وولده والنّاس أجمعين .
ومن الأمور التي تجعل المسلم حبيب الله تعالى البذل في سبيل الله تعالى والعطاء، فالله تعالى يحبّ المنفقين من عباده، الذين يتعاهدون الفقراء والمساكين بالصّدقات، والذين يسعون على الأرملة والأيتام بالرّعاية والنّفقة، كما أنّ من الأمور التي تجعل المسلم حبيباً لله تعالى، جهاده بنفسه وماله في سبيل الله تعالى، فالشّهادة هي مرتبةٌ لا يصل إليها إلا من بذل دمه رخصياً في سبيل الله تعالى، كما يحبّ الله تعالى من عباده المستغفرين الذين إذا ذكروا الله تعالى استغفروا لذنوبهم، وإذا خلوا بالرّحمن جلّ وعلا فاضت أعينهم خشيةً من المولى عزّ وجل .
كما يحبّ الله تعالى صفاتٍ كثيرةٍ في عباده، منها الكرم والطّهارة وحسن الخلق وغيرها الكثير من الصّفات الحميدة التي تجعل المسلم حبيباً الله، جعلنا الله جميعاً من عباده المتّقين .