الأخلاق هي الضامن الوحيد لاستمرارية الحياة على سطح الكرة الأرضية بسلام ومودة ومحبة، وهي الضامن أيضا لاستمرار النهضة، فانعدامها يعني الدمار والخيبة والخسران، ليس على الإنسان فقط تنعكس آثارها السلبية، بل تتضرر جميع المخلوقات والكائنات وأشكال الحياة أيضاً، وهي عملية تراكمية بامتياز، متنوعة مصادرها، فقد يستمد الناس أخلاقهم من العادات والتقاليد والأعراف المتبعة، وقد يقوم الدين أخلاق الناس بإضافة الأخلاق الحميدة ومحو الأخلاق السيئة التي نشأوا عليها، لهذا فالأديان ضرورية جداً للنواحي الأخلاقية إضافة إلى وظيفتها الرئيسية الأخرى والمتمحورة حول تعريف الناس بخالقهم وإلههم المعبود، والتفاوت الأخلاقي بين الناس موجود، نظراً لاختلاف البيئات التي ترعرعوا فيها، ونظراً أيضاً لاختلاف أهميتها عند الناس، فبعض الناس يضربون بها عرض الحائط ويعتبرونها معيقاً للطموح والتقدم والنجاح، فهم بذلك يدوسون على غنسانيتهم وعلى من حولهم حتى يستطيعوا الوصول إلى أهدافهم وغاياتهم الدنيئة الرخيصة التي ستسبب لهم ولمن حولهم الهلاك والخسران.
لطالما عانت الحضارات والبشرية والدول والشعوب من النعدام الأخلاق عند ساستها وقائديها ومن يتولون أمورها ويديرونها، فقد أدى ذلك إلى طحن العديد من البشر برحى الموت، وآخرها ومن أكبرها ما حدث في العالميتيتن الأولى والثانية من دمار وخراب اجتاح العالم أجمع وقضى بسببه ملايين الناس والبشر البريئون من كل هذه الألاعيب السياسية والعسكرية، فحب التسلط والجبروت في أنفس الطغاة مرده إلى ضعف الوازع الأخلاقي في نفوسهم وإلى فساد نفسياتهم وسطحيتهم.
تتنوع الاخلاق لتشمل العديد من الشمائل كالصدق والأمانة وحب الغير والحرص على الناس وعلى أموالهم وحيواتهم وممتلكاتهم وأعراضهم، كما تشمل أيضاً الابتعاد عن الغيبة والكلام الفاحش والإخلاص في العمل والنزاهة، ومكارم الأخلاق قطعاً لا يمكن عدها وإحصاؤها، ولكن أعظم البشر أخلاقاً على الإطلاق هم الأنبياء والرسل –عليهم السلام-، فهم حازوا عليها وجمعوا الأخلاق الحسنة و ابتعدوا عن الأخلاق السيئة، يليهم المتدينون بصدق والعارفون بالله وأصحاب الأرواح العظيمة حتى لو كانوا غير متدينين، والسبب في اجتماع الأخلاق الحميدة مع التدين الصادق والعميق، هو أن المتدين يسعى للوصول إلى الكمال المطلق، وهو قطعاً عارف مدرك لصفات الله ويحاول الوصول إليها، وكلما ارتقى أكثر في تدينه ومعرفته بالله كلما عظمت أخلاقه، لهذا كله فالرسل هم أعظم البشر أخلاقاً، لأنهم أعرف الناس بالله. أما أصحاب الأرواح العظيمة فقد يكونوا غير متدينين ولكنهم أخلاقيون وإنسانيون بدرجة عالية فليس كل إنسان غير متدين هو إنسان عديم الأخلاق ولكن المتدين يجب بالضرورة أن أخلاقياً أو هو صاحب الدين الشكلاني الزائف، دين المظاهر.