المريض الذي دخل عليه شهر رمضان , وهو مريض , أو مرض في أثنائه له حالتان :
أحدهما : أن يرجى زوال مرضه , فهذا إذا خاف مع الصيام زيادة مرضه أو طول مدته , جاز له الفطر إجماعا . وجعله بعض أهل العلم مستحبا , لقوله تعالى ((وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ )) البقرة، الآية: 185
ولما رواه الإمام أحمد وغيره عن النبي , صل الله عليه وسلم , قال : ((إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته )) [1]
فيكره له الصوم مع المشقة لأنه خروج عن رخصة الله , وتعذيب من المرء لنفسه
أما إن ثبت أن الصوم يضره , فإنه يجب عليه الفطر , ويحرم عليه الصيام , لقوله تعالى (وَ لا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا )النساء، الآية: 29
النبي صل الله عليه وسلم قال (يا عثمانَ ! أرَغِبْتَ عن سُنَّتِي ؟ ! فإنِّي أنامُ وأُصلِّي ، وأصومُ ، وأُفطِرُ ، وأَنْكِحُ النساءَ ، فاتَّقِ اللهَ يا عُثمانُ ! فإنَّ لأهلِكَ عليْكَ حقًّاوإنَّ لِضيفِكَ عليْكَ حقًّا وإنَّ لِنفسِكَ عليكَ حقًّا فصُمْ وأفْطِرْ وصَلِّ ونَمْ ) [2]
فمن حقها أن لا تضرها , مع وجود رخصة الله تعالى . وإذا أفطر لمرضه الذي يرجى زواله , قضى بعدد الأيام التي أفطرها ولا كفارة عليه.
الثانية : أن يكون المرض لا يرجى زواله , كالسل والسرطان والسكر وغيرهما من الأمراض - نعوذ بالله من عضال الداء وشر الأسقام - فإذا كان الصوم يشق عليه , فإنه لا يجب عليه لأنه لا يستطيعه , وقد قال تعالى (( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا )) البقرة، الآية: 286
بل يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا , ولا قضاء عليه , لأنه ليس له حال يصير إليها يتمكن فيها من القضاء وفي هذا وأمثاله , يقول تعالى (( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ )) البقرة، الآية: 184
والمريض الذي لا يرجى برؤه في حكم الكبير . وهذا مذهب الجمهور . قال ابن القيم - رحمه الله - : ولا يصار إلى الفدية إلا عند اليأس من القضاء.