فضائل رمضان
أيها الاحبة الكرام : إن الله تبارك وتعالى من علينا بنعم كثيرة ،
و من أعظم تلك النعم ، أن أكرمنا بشهر رمضان المبارك ، فهو شهر عظيم لو يعلم الناس ما فيه من الخيرات والبركات ؛ لتمنوا أن تكون السنة كلها رمضان ،
ولقد أدرك السلف قيمة هذا الشهر ، وما انطوى عليه من الفضائل والكرامات ،
وما أعد الله فيه لأوليائه من العطايا والهبات ؛ فكانون يفرحون بقدومه ،
و يحرصون على اغتنامه ،
قال المعلّى بن الفضل:
( كان السلف يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم ).
وقال يحي بن أبي كثير: ( كان من دعائهم اللهم سلمني إلى رمضان، وتسلمه مني متقبلا ) .
ومن أهم ما اشتمل عليه هذا الشهر من الفضائل والخصائص:
1- أن الله أنزل فيه القرآن ، والقرآن أفضل ما في الوجود ،
قال تعالى: " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان " (البقرة:185). والمقصود بهذا الإنزال : إنزاله من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا ، وكان ذلك دفعة واحدة ، ثم تتابع نزوله منجما ( مفرقا ) حسب الوقائع والأحداث ،
ولما كان شهر رمضان شهر القرآن ، كان السلف يتفرغون فيه لتلاوة القرآن الكريم ، و يجعلونه أول اهتماماتهم ، ويحتفون به أي إحتفاء ،
فهذا الإمام مالك بن أنس كان لا يفتي ولا يدرِّس في رمضان،
ويقول: هذا شهر القرآن. و كذلك الإمام أحمد بن حنبل كان يُغلِق الكتب ويقول: هذا شهر القرآن.
2- أنه شهر العتق من النار: فعن أبي هريرة رضي الله عنه :
قال صلى الله عليه وسلم: "...وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة ") رواه الترمذي) والمراد بهؤلاء العتقاء : أنهم أناس استحقوا دخول النار بأفعالهم السيئة ، فيمن الله عليهم بالعتق من النار في هذا الشهر الفضيل ، فيحررهم من النار بفضله وكرمه .
3- أنه شهر تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق أبواب النار:
لقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين " (البخاري).
قال القاضي عياض: يحتمل أنه على ظاهره، وحقيقته أن ذلك كله علامة للملائكة لدخول الشهر، وتعظيم حرمته، ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين، ويحتمل أن يكون إشارة إلى كثرة الثواب، وأن الشياطين يقل إغواؤهم فيصيرون كالمصفدين......
قال: ويحتمل أن يكون فتح أبواب الجنة وغلق أبواب النار عبارة عن صرف الهمم عن المعاصي الآيلة بأصحابها إلى النار، وتصفيد الشياطين عبارة عن إعجازهم عن الإغواء وتزيين الشهوات...والله أعلم.
4 - ومن فضائله أن خلوف فم الصائم( وهم تغير رائحة فمه بسببب الصيام ) أطيب عند الله من ريح المسك: لقوله صلى الله عليه وسلم: " لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" ) البخاري.
5- وأن الدعاء فيه مستجاب: فقد قال تعالى بعد آيات الصيام: " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان"( البقرة:186) ،
وقال صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم") رواه أحمد). وقال أيضا عليه الصلاة والسلام : "إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد ") ابن ماجة والحاكم) .
6- أنه شهر المغفرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" : من صَام رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غفِر له ما تقدّم من ذنبه) " رواه البخاري .(و عند أحمد": وما تأخّر".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضا قال: قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم : "من قامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غفِر له ما تقدّم من ذنبه") رواه البخاري ومسلم) ، وعن عبادةَ بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قام ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا غفِر له ما تقدّم من ذنبِه وما تأخّر") رواه أحمد والطبراني).
7- أن الصيام اختص الله به من دون سائر العبادات:
قال عز وجل في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به". ومعناه أن الأعمال كلها تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصيام فإنه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد، بل يضاعفه الله عز وجل أضعافا كثيرة، بغير حصر عدد فإن الصيام من الصبر ، وقد قال الله تعالى: "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب "[الزمر:10]. و الحكمة في إضافة الصيام إلى الله عز وجل ،
أن الصيام سر بين العبد وربه لا يطلع عليه غيره، لأنه مركب من نية باطنة لا يطلع عليها إلا الله، وترك لتناول الشهوات التي يستخفي بتناولها دائما، ولذلك قيل: لا تكتبه الحفظة، والله عز وجل يحب من عباده أن يعاملوه سرا .
8 - أنه شهر تتضاعف فيه الأعمال الصالحة ، قال صلى الله عليه و سلم : " من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه" ( أخرجه ابن خزيمة )
وفضائل رمضان كثيرة أيها الإخوة الكرام:
فإن الصائم يعطى فيه من الخير ما لا يعلمه إلا الله ، وله في الجنة ما شاء من طعام وشراب ونساء....قال الله تعالى: "كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية " (الحاقة:24.( قال مجاهد وغيره: نزلت في الصائمين .
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون لا يدخل منه غيرهم".
فاحذروا إخوتي أن يفوتكم هذا الخير العميم ، فإننا لا ندري إن كنا سنعيش إلى رمضان القابل أم لا ؟؟؟؟؟ فالأعمار بيد الله ، وما تدري نفس ما ذا تكسب غدا !!! وأعظم الخاسرين من أدرك رمضان ولم يغفر له فيه كما جاء في الحديث .
========
فنسأل الله تعالى أن لا يحرمنا من فضائل رمضان
ونعوذ بالله أن نكون من الخاسرين فيه ،
وإلى لقاء آخر إن شاء الله، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
=======
تقبل الله صيامكم