السؤال : جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من حلف بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا فهو كما قال ، وإن كان صادقا لم يعد إلى الإسلام سالما ) . فهل إذا حلف رجل بالله أن ينتهي عن فعل ما ، وأنه إن عاد إليه فإنه سيموت على الكفر ، ثم مات ، فهل يموت كافراً ؟
الجواب :
الحمد لله
الحلف بالكفر على فعل شيء أو تركه منكر من القول ، لا يجوز.
روى البخاري (1363) ، ومسلم (110) عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلاَمِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا، فَهُوَ كَمَا قَالَ) .
وروى أبو داود (3258) ، وأحمد (23006) عن بُرَيْدَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: ( مَنْ حَلَفَ ، فَقَالَ: إِنِّي بَرِيءٌ مِنَ الْإِسْلَامِ ، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَلَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْإِسْلَامِ سَالِمًا ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
فإن حلف بالكفر قاصدا الكفر مريدا إياه : فهو كافر بهذا القصد .
أما إن حلف بالكفر على شيء ألا يفعله ، منعا لنفسه من الفعل ، ونفورا منه ، ثم فعله ، لم يكفر بفعله ، وعليه كفارة يمين .
فإذا قال : هو يهودي ، أو نصراني ، أو مجوسي ، أو بريء من الإسلام ، أو شيوعي ، إن فعل كذا ، أو حلف بالله أن ينتهي عن فعل ما ، وأنه إن عاد إليه فإنه سيموت على الكفر ، ونحو هذا الكلام : فهذا يمين ، تجب عليه كفارة يمين إذا حنث فيه ، ولا يكفر بذلك باتفاق العلماء ، كما نقله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله . قال رحمه الله :
"لَوْ قَالَ: هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا. أَوْ إنْ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ كَافِرٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ فَلَا يَكْفُرُ بَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ. وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: إنْ أَعْطَيْتُمُونِي الدَّرَاهِمَ كَفَرْت فَإِنَّهُ يَكْفُرُ بِذَلِكَ ؛ بَلْ يُنَجَّزُ كُفْرُهُ [أي يكفر في الحال بمجرد هذا الكلام]؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ حُصُولَ الْكُفْرِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ" انتهى من " مجموع الفتاوى " (33/199) .
وقال ابن علان رحمه الله :
"(فهو كما قال) أي: إذا أراد التدين بذلك ، والعزم عليه إن فعل ذلك ، فيصير كافراً حالاً ، لأن العزم على الكفر كفر ، أما إذا أراد المبالغة في منع نفسه من ذلك ، وألا يفعله ألبتة من غير عزم على ذلك المحلوف به ألبتة ، فمعصية يستغفر الله منها " .
انتهى من "دليل الفالحين" (8/394) ، وينظر : "الموسوعة الفقهية" (7/300-303) .
وينظر أيضا : جواب السؤال رقم : (155510) ، (174658) .
فإن قال ذلك ثم مات :
- فإن كان لم يفعل المحلوف عليه ، فلا شيء عليه ، ولا على أوليائه .
- وإن كان فعله ، ومات قبل أن يكفر عن يمينه ، كفر عنه وليه من ماله (التركة) .
قال في "مغني المحتاج" (6/ 192):
" مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ : فَالْوَاجِبُ أَنْ يُخْرَجَ مِنْ تَرِكَتِهِ أَقَلُّ الْخِصَالِ قِيمَةً " انتهى.
وينظر جواب السؤال رقم : (205369) .
والله تعالى أعلم .