الفتح الإسلامي للأندلس هي حملة عسكرية بدأت عام 92 هـ/711م على مملكة القوط الغربيين المسيحية في هسبانيا، التي حكمت شبه جزيرة أيبيريا والتي عرفها المسلمون باسم الأندلس، بجيش معظمه من البربر بقيادة طارق بن زياد نزل عام 711م في المنطقة التي تعرف الآن بجبل طارق، ثم توجّه شمالاً حيث هزم الملك رودريك هزيمة ساحقة في معركة وادي لكة. واستمرت حتى عام 107 هـ/726م واستولت على مناطق واسعة من إسبانيا والبرتغال وجنوب فرنسا.
كان هذا الفتح بداية للتواجد الإسلامي في الأندلس الذي امتد لنحو 800 عام تقريبًا، قضاها المسلمون في صراع مع الإمارات والممالك المسيحية التي تكونت في الشمال في المناطق التي لم يغزوها المسلمون حتى سقوط مملكة غرناطة عام 897 هـ/1492م.
وفي عام 89 هـ، وجه موسى ابنه عبد الله لغزو جزر البليار، فافتتح ميورقة ومنورقة،[1] وفي عام 90 هـ، راسل الكونت يوليان موسى بن نصير[2][3] وقيل قائده في طنجة طارق بن زياد يدعو المسلمين لغزو الأندلس، لعداوة بينه وبين رودريك ملك القوط، بعد أن اغتصب رودريك ابنة يوليان التي كانت تدرس في بلاط رودريك مع أبناء أشراف القوط، وأعدّ لهم السفن اللازمة للعبور.[4][5] فكتب موسى للوليد يخبره بدعوة يوليان، فأمره باختبارها بالسرايا، ولا يغرر بالمسلمين بخوض بحر شديد الأهوال. إلا أن موسى طمأنه بأنه ليس بحرًا وإنما خليج ضيق، فرد الوليد بأنه وإن كان خليجًا اختبره بالسرايا. فأرسل موسى في رمضان 91 هـ سرية من 400 مقاتل ومائة فارس بقيادة طريف بن مالك، فنزلوا جزيرة بالوماس سميت بعد ذلك بجزيرة طريف، أصابت مغانم كثيرة.[6] فاقتنع الخليفة وموسى بن نصير بضعف وسائل الدفاع القوطية.[7]
كان يوليان يمتلك بعض الإقطاعات في جنوبي أيبيريا، وهو على صلات حسنة مع حكَّام البلاد السابقين أبناء الملك غيشطة، وتحالف مع أخيلا المُطالب بعرش القوط للتخلّص من حكم رودريك.[8] بعد نجاح بعث طريف، جهز موسى جيشًا من 7,000 مقاتل معظمه من البربر وولى قيادته طارق بن زياد، وأمره بالعبور للأندلس عام 92 هـ. فجاز طارق بجنوده في 5 رجب 92 هـ[9] إلى موضع الجبل الذي ينسب إليه اليوم. سيطر طارق على ذلك الموقع بعد أن اصطدم بالحامية القوطيَّة. أقام عدة أيام في قاعدة الجبل نظَّم خلالها جيشه، واستولى على القلاع والمدن القريبة مثل قرطاجنة[10] والجزيرة الخضراء، ثمَّ تقدم باتجاه الغرب حتى بلغ خندة جنوبي غربي إسبانيا التي يقطعها نهر برباط عبر وادي لكة الشهير، وعسكر هناك.[11]
حين بلغ رودريك خبر جيش طارق جمع جيشًا عظيمًا بلغ نحو مائة ألف مقاتل،[12] وقيل أربعون ألفًا فقط،[13] وزحف به من عاصمته طليطلة. وحين بلغ طارق خبر حجم حشود رودريك، استمد موسى فأمده بخمسة آلاف مقاتل، ليصبح جيشه 12,000 مقاتل.[14] والتقى الجيشان في 28 رمضان 92 هـ/17 يوليو 711 م قرب شذونة جنوب بحيرة خندة عند وادي لكة،[15] فهزم المسلمون جيش رودريك، وفر رودريك ولم يظهر مرة أخرى.[16]
نجح طارق بعدئذ في افتتاح شذونة ومورور وقرمونة،[17] قبل أن يواجه القوط مجددًا قرب إستجة ويهزمهم ويفتتح المدينة.[18] وفي أستجة، قسّم طارق جيشه بناءً على نصيحة من الكونت يوليان، فبعث مغيث الرومي مولى الوليد بن عبد الملك في سبعمائة فارس إلى قرطبة،[19] وأرسل مجموعات أخرى إلى إلبيرة ورية، وتوجه هو بباقي الجيش إلى طليطلة.[20] كما نجحت مجموعات قرطبة وإلبيرة ورية في فتح تلك المناطق، كما دارت معركة صغيرة بين المسلمين والقوط في تدمير، نتج عنها معاهدة بين المسلمين وقائد القوط تدمير،[21] التي أعطت الحق للقوط الغربيين المسيحيين بممارسة شعائر دينهم، ما داموا يحافظون على عهدهم مع المسلمين، ويدفعون الجزية.[22] مما شجع مناطق أخرى على الحذو حذو ثيودمير والدخول في معاهدات تحفظ لحاكم المناطق سيطرتهم على مناطقهم.[23]
وبعد أن تمَّ له فتح طليطلة، أرسل طارق إلى موسى يُعلمه بالفتح. فأرسل موسى إلى الوليد بن عبد الملك يبشره، وإلى طارق يأمره بأن لا يستكمل الفتح ويبقى بقرطبة حتى يلحق به. ثم استخلف موسى ابنه عبد الله على القيروان، وعبر إلى الأندلس في رجب 93 هـ.[24] بعد نزوله الأندلس، سلك موسى طريقًا غير الذي سلكه طارق، وافتتح مدن إشبيلية وباجة وماردة، ثم ثار أهل إشبيلية على حاميتها من المسلمين وقتلوهم، فأرسل لهم موسى ولده عبد العزيز فأعاد فتحها، ومنها افتتح عبد العزيز لبلة.[25] وغيرها من المعاقل والحصون في منطقة الساحل الواقعة بين مالقة وبلنسية.[26] ثم سار موسى يريد دخول طليطلة، فلقيه طارق في طلبيرة، وأنّبه على مخالفته له في بعض الأمور ثم سارا معًا إلى طليطلة، ثم أرسل من افتتح سرقسطة ومدنها.[27] وفي عام 714م، غزا موسى بن نصير منطقة أستورياس وسوريا وبالنثيا والطرق المؤدية إلى مدينة خيخون الساحلية، كما استسلمت بنبلونة للمسلمين. ولم يواجه المسلمون في تلك الحملات سوى مقاومة بسيطة.[28]
وفي عام 95 هـ، جاءت رسل الخليفة الوليد تدعو موسى بالقدوم عليه، فخرج موسى ومعه طارق بن زياد ومغيث الرومي يريدون دمشق، واستخلف ولده عبد العزيز مكانه الذي اتخذ من إشبيلية قاعدة له.[29] ووفد موسى ومعه طارق على الخليفة سليمان بن عبد الملك بعد وفاة الوليد عام 96 هـ.[30] استكمل عبد العزيز افتتاح باقي الأندلس،[31] وضبط شئونه إداريًا، وحصّن ثغورها.[32] إلا أنه اغتيل[33][34][35] في رجب 97 هـ[35][36] وهو يصلي بأحد مساجد إشبيلية.[37] وقال ابن عذاري أنه قتل بأمر من الخليفة سليمان بن عبد الملك بعد أن نكب موسى بن نصير.[35] وخلفه على ولاية الأندلس ابن عمته أيوب بن حبيب اللخمي.
وفي عهد الوالي الحر بن عبد الرحمن الثقفي، غزا الأمويين عام 99 هـ/717م سبتمانيا،[38] ولكن دون أن يحقق نجاحًا ملحوظًا. ثم استطاع المسلمين ضم أربونة وقرقشونة ومعظم قواعد سبتمانيا في عهد الوالي السمح بن مالك الخولاني،[39] ثم توجّه صوب طولوشة قاعدة أقطانية. في 9 ذي الحجة 102 هـ،[40] واجه السمح جيشًا يفوق قواته عددًا بقيادة أودو دوق أقطانيا في معركة هائلة، انهزم فيها جيش المسلمين، وقتل فيها السمح نفسه،[41] واستطاع عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي أن ينسحب بعد المعركة بالجيش إلى سبتمانيا.[42]