السؤال :
أنا سعودي مقيم في النمسا ، ولي بيت في جدّة أيضاً ، وقد ذهبت إلى الحج هذا العام ، وهناك ذهبت من منى إلى الحرم لأداء طواف الوداع والإفاضة معاً ، لكن المكان كان مزدحماً جداً فرأيت أن الوضع غير آمن بالنسبة لي فغادرت المكان وذهبت إلى جدة ، والآن أنأ عائد إلى مكة لأداء طواف الوداع والإفاضة ، فهل عليّ دم ؟
الجواب :
الحمد لله :
أولا :
طواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يتحلل المحرم التحلل الأكبر إلا بفعله ، وبناء على ذلك فمن ترك طواف الإفاضة فإنه لا يزال على إحرامه ، والواجب في حقه أمران :
الأول: الامتناع عن الجماع حتى يطوف للإفاضة ، ويتحلل التحلل الأكبر.
الثاني: الذهاب إلى مكة ، والطواف للإفاضة .
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (85667) .
وسبق أيضا بيان أنه يجوز للحاج أن يؤخر طواف الإفاضة ثم يطوف طوافا واحدا للإفاضة والوداع عند مغادرة مكة . ينظر الفتوى رقم : (36870) .
ثانيا :
من طاف طواف الإفاضة وسعى وأنهى مناسك الحج ، فلا يجوز له الخروج من مكة لا إلى جدة ولا إلى غيرها قبل فعل طواف الوداع ؛ لأن طواف الوداع واجب في أصح قولي أهل العلم , وقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - هل يصح لأهل جدة النفر من منى إلى جدة دون طواف الوداع ومن ثم الرجوع بعد أيام لطواف الوداع ؟
فأجاب ـ رحمه الله ـ :
لا يجوز لأهل جدة ولا غيرهم أن يذهبوا إلى بلادهم قبل طواف الوداع ثم يرجعوا إلى مكة إذا خف الزحام ، يجب ألا يغادروا مكة حتى يطوفوا الوداع ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ينفر أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت ) وقال ابن عباس : كان الناس ينصرفون من كل وجه يعني من كل ناحية ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( لا ينفر أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت ) انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (23/353) .
بل إذا رجع بعد ذلك لطواف الوداع فإنه لا ينفعه ، قال الشيخ ابن عثيمين ( إذا خرج من مكة يريد جدة ووصل جدة فإنه لو أتى به ( يعني طواف الوداع ) لا ينفعه ؛ لأنه خرج وودع فكيف ينفعه بعد أن ودع وذهب ) انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (23/353) .
ثالثا :
من لم ينته من مناسك الحج وبقي عليه طواف الإفاضة – كما هو الحال في هذا السؤال – وأراد الخروج من مكة ، فله حالان :
الأولى : أن يريد الخروج إلى بلده ، لحاجة له ، أو حتى يخف الزحام ، ثم يعود ، فيكمل المناسك ، ويطوف للوداع ؛ فهذا لا يجوز ؛ لأنه " نفر من مكة " قبل انتهاء نسكه ، وقبل أن يطوف للوداع .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (106551) .
الثانية : أن يخرج إلى غير بلده ، لحاجة له ، ثم يرجع فيكمل نسكه ، ويطوف للوداع قبل نفره ، فهذا لا حرج عليه ؛ لأنه ـ في الحقيقة ـ لم ينفر بعد من مكة ؛ ولا يزال في سفر .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، في نحو من هذا السؤال :
" هذا الرجل من أهل حائل ، والمفهوم من سؤاله : أنه حينما نزل من منى مستكملاً المناسك لم يطف طواف الإفاضة ، لأنه أخره للوداع ؛ لأنه سعى بين الصفا والمروة ، ثم خرج إلى جدة لحاجة ، ورجع وطاف ومشى ، فنقول له : لا حرج عليه حين خرج من جدة قبل أن يطوف للوداع ؛ لأن جدة ليست بلده ، فهو في الحقيقة لم يغادر مكة إلى بلده أو محل إقامته ، ولكنه رجع من جدة ، ثم طاف طواف الوداع ، ثم سار إلى حائل مقر عمله ، وهذا العمل لا بأس به " انتهى ـ مختصرا ـ من "مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (23/349) .
وينظر: " مجموع فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله " : (17 / 392) .
وبناء على ذلك : فيلزمك دم ، لأنك غادرت مكة إلى بلدك ، قبل أن تطوف الوداع .
وينظر جواب السؤال رقم : (112913) .
والله أعلم .