من الأمور التي تجلب الشيطان وإغواءه
الشيخ حسين العوايشة
1- هجر كتاب الله العظيم وذكره سبحانه:
قال الله -تعالى-: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾ [الزخرف: 36. «نقيض» أي: نُسبِّب له شيطاناً؛ نضمّه إليه ونسلّطه عليه. «قرين» أي: لا يُفارقه؛ يُزيّن له العمى ويُخيِّلُ إليه أنّه على الهُدى. «تفسير البغوي»].
وقال -سبحانه-: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ [الفرقان: 30، وانظر أنواع الهجر للقرآن في كتاب «الفوائد» (ص82) لابن القيم].
وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا دخل الرجل بيته، فذكر الله عند دخوله وعند طعامه؛ قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله؛ قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله عند طعامه؛ قال: أدركتم المبيت والعشاء». [أخرجه مسلم: 2018].
2- التنكُّبُ عن طريق السنة واتباعُ البدعة:
قال الله -تعالى-:﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: 153].
وقال صلى الله عليه وسلم: «... وإيّاكم ومُحْدثات الأمور؛ فإنّ كلّ بدعة ضلالة». [أخرجه أبو داود «صحيح سنن أبي داود» (3851) وغيره، وانظر «صحيح الترغيب» (34)].
وقال صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله حجبَ التوبة عن كلّ صاحب بدعة؛ حتى يَدَعَ بدعته». [أخرجه الطبراني، وصححه شيخنا -رحمه الله- في «الصحيحة» (1620)].
3- عدم الإخلاص لله -تعالى-. [انظر رسالتي «الإخلاص»]
4- اتباع الهوى والشهوات:
قال الله -تعالى-: ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾ [ص:26].
وقال -سبحانه-: ﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 50].
وقال -سبحانه-: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم: 59]
5- حب العلوّ أو الفساد:
قال الله -تعالى-: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [القصص: 83، وانظر كلام شيخ الإسلام -رحمه الله- حول هذه الآية في «الفتاوى» (مجلد 18)؛ فإنّه مهم].
6- أخذ النصوص دون تثبُّتٍ وتمحيص، ممّا يتسبّب في انحراف العبادة والعقيدة والفهم والسلوك.
7- عدمُ الرجوع إلى العلماء وطلاب العلم في فهم الدّين، والابتعادُ عن الجماعة التي تعتني بفهم الكتاب والسّنة على منهج السلف الصالح؛ كما في الحديث: «... فإنّما يأكل الذئب من الغنم القاصية». [أخرجه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن خزيمة وابن حبان في «صحيحيهما»، والحاكم، وهو في «صحيح الترغيب والترهيب» (422)].
8- التعصُّب لحزب أو مذهب أو عِرْق أو جنس؛ إذ فيه ما فيه من الصدّ عن ذكر الله -سبحانه- وعن الحق والصّواب، وفيه فتنة تقديم أقوال الحزب أو المذهب على ما تنزّل به الوحي.
وكم تقطّع من الودِّ والمحبة والعلاقة بين المسلمين بسبب هذا التعصّب؛ فترى الإعراض، والهجر، والغيبة، والنميمة، والسخرية، والاستهزاء، والبَخْس.
وكم هَدَم التعصّب للعرق والجنس في أمّة الإسلام!
وممّا يُؤْسَفُ له أن نُلْبِس هذه الأمور لباس الشّرع، والشرع منها بريء!!
9- التسويف في التوبة والإنابة إلى الله -عزّ وجل-. [انظر (منزلة التوبة) و(منزلة الإنابة) في كتاب «مدارج السالكين» لابن القيم -رحمه الله تعالى-].
10- التهرّب من الزواج:
والكثير يفعله مخافة المسؤولية -زعموا- ونحو ذلك من الأعذار الواهية! وهذا التهرّب يُفضي إلى مفاسد كثيرة، وأخطار عظيمة.
11- الإكثار من النوم لغير الحاجة، وما في ذلك من إضاعةٍ للخير والبرّ والذكر والعبادة، وما فيه كذلك من مجلبة الخمول والكسل والعجز.
12- الإفراط في تناول الطعام والشراب:
عن المقدام بن معديكرب الكِنْديِّ -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما ملأ ادميٌّ وعاءً شرّاً من بطن! بحسب ابن آدم أُكُلات يُقِمْنَ صُلْبَه، فإنْ كان لا محالةَ؛ فَثُلُثٌ لِطعامه، وثُلُثٌ لِشرابه، وثُلُثٌ لِنَفَسِه». [أخرجه الترمذي وغيره، وانظر «الصحيحة» (2265)].
13- الغضب:
وهو أكبر مداخل الشيطان لإفساد العلاقة بين الإخوة والأقارب والأحباب.
14- اقتناءُ الصُّوَر:
عن أبي طلحة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلبٌ ولا صورةٌ».
15- استعمال المعازف وآلات الملاهي والطّرَب:
لقوله صلى الله عليه وسلم: «لَيكوننّ من أمّتي أقوامٌ يستحِلُّون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف [آلات الملاهي، كما في «المحيط» و «الفتح»]...» [رواه البخاري تعليقاً (5590)، ووصله ابن حبان وغيره، وانظر ما قاله الحافظ في «الفتح» (10/52)، وشيخنا -رحمه الله- في «الصحيحة» (91)].
قال شيخنا -رحمه الله-في فقه الحديث: «يستفاد من الأحاديث المتقدمة [أي: المتعلّقة بأمر الحرير والخمر والمعازف، ونحو ذلك] فوائد هامة؛ نذكر بعضها:
أولاً: تحريم الخمر.
ثانياً: تحريم آلات العزف والطرب، ودلالة الحديث على ذلك من وجوه:
أ- قوله: «يستحلُّون»؛ فإنّه صريحٌ بأنّ المذكورات -ومنها المعازف- هي في الشرع محرّمة، فيستحلُها اؤلئك القوم.
ب- قَرْنُ «المعازف» مع المقطوع حرمته: الزّنى والخمر، ولو لم تكن محرّمة ما قرنها معها... .
وقد جاءت أحاديث كثيرة، بعضها صحيح في تحريم أنواع آلات العزف التي كانت معروفة يومئذ، كالطبل والقنين -وهو العود- وغيرها، ولم يأتِ ما يخالف ذلك أو يخصّه، اللَّهم إلا الدُّفُّ في النكاح والعيد؛ فإنّه مباح على تفصيل مذكور في الفقه، وقد ذكرتُه في «ردّي على ابن حزم» [وقد طُبع بفضل الله -تعالى- في حياة شيخنا -رحمه الله-]، ولذلك اتفقت المذاهب الأربعة على تحريم آلات الطرب كلها، واستثنى بعضهم -بالإضافة إلى ما ذكرنا- الطبلَ في الحرب، وألحق به بعض المعاصرين الموسيقى العسكرية، ولا وجه لذلك البتّة لأمور...».