كبّ على الخِوان وكان خِفّا
فلمّا قام أثقله القيام
ووالَىِ بينها لُقماً ضِخاماً
فما مَرِئت له اللُقم الضخام
وعاجَل بلعَهنّ بغير مضغ
فهنّ بفيه وضع فالْتهام
فضاقّت بطنه ِشبعا وشالت
إلى أن كاد ينقطع الحزام
فأرسلت اللحاظ إليه شَزْراً
وقلت له روَيدك يا غلام
أرى اللقمات تأخذها حلالاً
فتدخل فاك وهي به حرام
قد انتضدت بجوفك مُفردات
تخلَّل بينها الداء العُقام
أتزدرد الطعام بغير مضغ
على أيام صحتك السلام
فلا تأكل طعامك بأزدراد
معاجلةً فيأكلَك الطعام
ألا أن الطعام دواء داء
به ابتُليَت من القِدم الأنام
فداوِ سَقام جُوعك عن كَفاف
فأكثار الدواء هو السَقام
وما أكل المطاعم لألتِذاذ
ولكن للحياة بها دوام
طعام الناس أعجب ما أحبّوا
فمنه حياتهم وبه الحِمام
يقودهم الزمان إلى المنايا
وما غير الطعام لهم ِزمام
وأعجب منه أن الناس راموا
تنَوُّعه ألا بئس المرام
إذا أستَعصى القَفار عليك أكلاً
كفاك من القَراح له أدام
حَذارِ حذار من جَشَع فإني
رأيت الناس أجْشعها اللئام
وأغبى العالمين فتىً أكول
لفِطنَتِه ببِطنَتِه انهزام
ولو أني استطعت صيام دهري
لصمت فكان دَيدَنيَ الصيام
ولكن لا أصوم صيام قوم
تكاثر في فُطورهم الطعام
إذا رمضان جاءهم أعَدُّوا
مَطاعم ليس يُدركها انهضام
فإن وضح النهار طَوَوا ِجياعاً
وقد نهِموا إذا اختلط الظلام
وقالوا يا نهار لئن تُجِعنا
فإن الليل منك لنا انتقام
وناموا مُتْخَمين على امتلاء
وقد يتجَشّؤُون وهم نيام
فقل للصائمين أداء فرض
ألا ما هكذا فُرض الصيام