بسم الله الرحمن الرحيم
للاسلام كثير من الاداب والفظائل
والاخلاق وقد شملت وحددت جميع جوانب وسلوكيات المسلم وزينته وجملته باجمل صفات
الانسانيه ومنها صفة المشي والافظل صفة مشي الرسول عليه الصلاة والسلام فهو القدوه
للمسلمين
قال في «غذاء
الألباب» نقلاً عن «زاد المعاد» ( 1) للإمام المحقق ابن قيم الجوزية - رحمه اللَّـه
-: المشيات عشرة أنواع، أحسنها وأسكنها: مشية رسول اللَّـه صلى الله عليه وسلم .
قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: كان إذا مشى تكفأ تكفؤا كأنما ينحط من صبب(
2). وقال مرة: إذا مشى تقلع . والتقلع: الارتفاع من الأرض بجملته كحال المنحط من
الصبب، يعني: يرفع رجليه من الأرض رفعا بائنا بقوة. والتكفؤ التمايل إلى قُدام؛ كما
تتكفأ السفينة في جريها، وهو أعدل ( 3)المشيات.
وروى الإمام أحمد عن ابن عباس
-رضي اللَّـه عنهما- أن رسول اللَّـه صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى مشى مجتمعا
ليس فيه كسل ( 4) . وروى عن علي -رضي الله عنه - قال: كان رسول اللَّـه صلى الله
عليه وسلم إذا مشى كـــأنما ينحــدر مــن صبب ( 5) .
فدلت هذه الأحاديث وأمثالها
أن مشيته صلى الله عليه وسلم لم تكن بمماتة، ولا بمهانة. والصبب -بفتح الصاد
المهملة والباء الموحدة الأولى-: الموضع المنحدر من الأرض، وذلك دليل على سرعة
مشيه؛ لأن المنحدر لا يكاد يثبت في مشية. والتقلع: الإنحدار من الصبب، والتقلع من
الأرض قريب بعضه من بعض، يعني: أنه كان يستعمل التثبت، ولا يبين منه في هذه الحالة
استعجال ومبادرة شديدة، وأراد به قوة المشي، وأنه يرفع رجليه من الأرض رفعا قويا،
لا كمن يمشي اختيالا ويقارب خطوه، فإن ذلك من مشي النساء.
نعم، ينبغي للإنسان أن
يقارب خطاه إذا كان ذاهبا إلى المسجد لأجل الصلاة كما مر. فأعدل المشيات مشيته صلى
الله عليه وسلم ، فإن الماشي إن كان يتماوت في مشيته ويمشي قطعة واحدة كأنه خشبة
محمولة فمشيته قبيحة مذمومة.
قال ابن القيم -رحمه اللَّـه -:
الثانية من
المشيات: أن يمشي بانزعاج واضطراب، مشي الجمل الأهوج، وهي مذمومة أيضا، وهي علامة
على خفة عقل صاحبها، ولا سيما إن كان يكثر الالتفات يمينا
وشمالا.
الثـــــــالثة: أن يمشي هونا، وهي مشية عباد الرحمن، قال غير واحد من
السلف: بسكينة ووقار، من غير كبر، ولا تماوت، وهي مشية رسول اللَّـه صلى الله عليه
وسلم .
الرابعـــة: السعي.
الخامسة: الرَّمَل؛ وتسمى الَخبَـب، وهي أسرع
المشي مع تقارب الخطا، بخلاف السعي.
السادسة: النَّسَلان؛ وهو العدو الخفيف بلا
انزعاج.
السابعـة: الخَوْزَلَى؛ وهي مشية فيها تكسر وتخنث.
الثامنـــة:
القهقرى؛ وهي المشي إلى ورائه.
التاسعـة: الجَمَزَى؛ وهي مشية يثب فيها الماشي
وثبًا.
العاشرة: التمايل كمشية النسوان، وإذا مشى بها الرجل كان متبخترا،
وأعلاها مشية الهون والتكفؤ. انتهى.
1 - (1/167-169).
2 -
البخاري في «تاريخه» (1/ 7،8) والترمذي (3637) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
3 -
الترمذي (3638) وقال: هذا حديث حسن غريب، ليس إسناده بمتصلٍ.
4 - أحمد (1/ 328)
من حديث داود بن أبي هند، قال: حدثني فلان، عن ابن عباس، به. ففي إسناده
جهالة.
5 - الترمذي (3637) وقال: هذا حديث حسن صحيح.