التمر فاكهة مباركة أوصانا بها رسول الله أن نبدأ بها فطورنا في رمضان؛ فعن سلمان بن عامر -رضي الله عنه- أن رسول الله قال: "إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر؛ فإنه بركة، فإن لم يجد تمرًا فالماء، فإنه طهور"[1].
وعن أنس رضي الله عنه أن "النبي كان يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتُمَيرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من الماء"[2].
ولا شك أن وراء هذه السنة النبوية المطهرة إرشادًا طبيًّا وفوائد صحية وحكمًا عظيمة؛ فقد اختار رسول الله هذه الأطعمة دون سواها لفوائدها الصحية الجمة، وليس لتوافرها في بيئته الصحراوية فقط.
فعندما يبدأ الصائم في تناول إفطاره تتنبه الأجهزة، ويبدأ الجهاز الهضمي في عمله، وخصوصًا المعدة التي تريد التلطف بها، ومحاولة إيقاظها باللين. والصائم في تلك الحال بحاجة إلى مصدر سكري سريع، يدفع عنه الجوع، مثلما يكون في حاجة إلى الماء.
وأسرع المواد الغذائية التي يمكن امتصاصها ووصولها إلى الدم هي المواد السكرية، وخاصة تلك التي تحتوي على السكريات الأحادية أو الثنائية (الجلوكوز أو السكروز)؛ لأن الجسم يستطيع امتصاصها بسهولة وسرعة خلال دقائق معدودة، ولا سيما إذا كانت المعدة والأمعاء خالية، كما هي عليه الحال في الصائم.
ولو بحثت عن أفضل ما يحقق هذين الهدفين معًا (القضاء على الجوع والعطش)، فلن تجد أفضل من السُّنَّة المطهرة، حينما تحث الصائمين على أن يفتتحوا إفطارهم بمادة سكرية حلوى غنية بالماء مثل الرطب، أو منقوع التمر في الماء.
وقد أظهرت التحاليل الكيميائية والبيولوجية أن الجزء المأكول من التمر يساوي 85- 87% من وزنه، وأنه يحتوي على 20- 24% ماء، 70- 75% سكريات، 2- 3% بروتين، 8.5% ألياف، وأثر زهيد جدًّا من المواد الدهنيَّة.
كما أثبتت التحاليل أيضًا أن الرطب يحتوي على 65- 70 % ماء، وذلك من وزنه الصافي، 24- 58% مواد سكرية، 2.1- 2% بروتين، 5.2% ألياف، وأثر زهيد من المواد الدهنية.
وكان من أهم نتائج التجارب الكيميائية والفسيولوجية -كما يذكر الدكتور أحمد عبد الرءوف هشام، والدكتور علي أحمد الشحات- النتائج التالية:
1- إن تناول الرطب أو التمر عند بدء الإفطار يزود الجسم بنسبة كبيرة من المواد السكرية، فتزول أعراض نقص السكر وينشط الجسم.
2- إن خلو المعدة والأمعاء من الطعام يجعلهما قادرين على امتصاص هذه المواد السكرية البسيطة بسرعة كبيرة.
3- إن احتواء التمر والرطب على المواد السكرية في صورة كيميائية بسيطة يجعل عملية هضمها سهلة جدًّا؛ فإن ثلثي المادة السكرية الموجودة في التمر تكون على صورة كيميائية بسيطة. وهكذا يرتفع مستوى سكر الدم في وقت وجيز.
4- إن وجود التمر منقوعًا بالماء، واحتواء الرطب على نسبة مرتفعة من الماء (65- 70%) يزود الجسم بنسبة لا بأس بها من الماء، فلا يحتاج لشرب كمية كبيرة من الماء عند الإفطار.