الفتور بعد التوبة
مما يبعث السرور في نفس المسلم كثرة السالكين لطريق الاستقامة رغم كثرة
الفتن والمنكرات ، واقول لك لا تتشاءم بل ابحث عن الجوانب الإيجابية في
نفسك.
يعيش الإنسان في هذه الحياة أحوالاً متقلبة , فهو يعيش صراعات مع أطراف عدة
, فتجده تارة يعيش صراعاً مع نفسه وهواها , وتارة أخرى مع الشيطان , وأخرى
مع مع قرناء السوء , فليس عجباً ان يقصر وأن يخطئ , وعين الصواب تصحيح
الخطأ ومحاولة تداركه ، وما يصيب السالكين لطريق الاستقامة لا يعدو أن يكون
أحد نوعين :
الأول : فتور عادي يحصل لكل شخص ، كما ثبت في الحديث الصحيح عن ابن عباس
رضي الله عنه قال : كانت مولاة للنبي صلى الله عليه وسلم تصوم النهار وتقوم
الليل فقيل له : إنها تصوم النهار وتقوم الليل فقال صلى الله عليه وسلم : "
إن لكل عمل شرة والشرة إلى فترة ، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ،
ومن كانت فترته إلى غير لك فقد ضل " والشرة : هي بلوغ أقصى الجد والاجتهاد
والحرص على الاتقان . والفترة : هي الفتور ، أي التراخي من بعد الجد ،
والجنوح إلى الكسل والسكون وإيثار الدعة والراحة .وغالباً ما يشتد حماس
المرء للتعبد وإقباله على الطاعة عند بداية الإلتزام ، وفي مواسم الخير
والطاعة كرمضان وغيره ، أو إذا كان مع من يعينه على الطاعة . وعلى العكس من
ذلك فكثيراً ما يفقد المرء هذا الحماس كلما بعد عهده عن هذه الأمور وهنا
ينبغي على المسلم إذا فتر عن العمل الصالح والتطوعات ألا يفرط أبداً في
الفرائض ، إذ هي بمثابة الروح للبدن .
الثاني : فتور مرضي وهو ما يؤدي إلى ترك واجب أو فعل محرم وهذا النوع هو
المقصود في آخر الحديث السابق . ويتمثل الحل في عدة أمور :
1- الحرص على مداومة الأعمال ولو كانت قليلة ، وأؤكد هنا على هذه القضية
لان كثيراً ممن أصيبوا بالفتور كانوا في بداية الأمر يزيدون في العبادة إلى
حد يصعب الاستمرار عليه ، وقد قال صلى الله عليه وسلم :" وأحب العمل إلى
الله أدومه وإن قل " .
2- الحرص كل الحرص على البحث عن الصحبة صالحة ، فهي من خير ما يعين المرء
على الثبات واستدامة العبادة , وأن يختار المرء من هذه الصحبة من يعينه على
العبادة .
3- الاشتغال بالدعوة إلى الله تعالى وبذل الجهد في تبليغ هذا الدين
بالوسائل المتاحة والمناسبة وملء الوقت بها فهي من أهم وسائل الثبات .
4- القراءة في كتب السلوك والرقائق التي تهذب القلوب وتزيل فترتها وتقرب
النفوس إلى الله عز وجل، وقد سطر العلماء في ذلك قديماً وحديثاً كتبا كثيرة
منها كتب الحافظ ابن رجب ككتاب : فضل علم السلف على علم الخلف، والمحجة في
سير الدلجة، واختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى، وكتب ابن
القيم الجوزية كطريق الهجرتين، والفوائد، والجواب الكافي وغيرها.
__________________