القدس عند اليهود
كما المسلمين والمسيحيّين، فاليهود يرون أنّ مدينة القدس، والتي يطلقون عليها اسم "أورشاليم"، لها قداستها بالنسبة لهم.
فـ"أورشاليم" -كما يزعم اليهود- كان فيها هيكل سليمان، وهي وعد الربّ بتمكينهم فيها. ويعتقد اليهود أنّ حائط البراق "المبكى حسب تسميتهم له" لاعتقادهم أنّه من بقايا هيكلهم القديم ذلك الهيكل الذي عمره هيرودوس (18ق.م) ودكه تيطس (70م) فراحوا منذ زمن قديم ينظرون إليه بعين التقديس وراحوا يزورونه ولا سيما في صباح يوم (تسعة آب) وعنده يبكون.
ويوجد أمام الحائط رصيف يقف عليه اليهود عندما يزورون الحائط بقصد البكاء، ويبلغ عرضه 3,35م ومساحته 11,28م2 مربعاً.
وقامت في الماضي خلافات شديدة بين المسلمين واليهود حول البراق، حيث قام المسلمون بمنع اليهود من جلب المقاعد والكراسي والستائر أو أيه أداة من الأدوات، ولم يسمحوا لهم بالوصول إلى المكان.
وفي زمن الانتداب ادّعى اليهود قدسيّة الحائط بالنسبة لهم فقامت خلافات شديدة بينهم وبين المسلمين، وقد أدى ذلك إلى قيام ثورة عارمة في فلسطين عرفت بثورة البراق وانتهت بالإقرار بأنه ليس لليهود سوى الدنو من المكان.
وقد حرص اليهود، منذ احتلالهم الكامل لمدينة القدس عام 1967م وحتّى اليوم، على إثبات وجود صلةٍ تاريخيّة لهم بالمدينة المقدّسة عبر الحفر تحت أساسات المسجد الأقصى بزعم أنّ الهيكل المقدّس يوجد تحته.
وقد شكك عالم الآثار الإسرائيلي "إسرائيل فلنكشتاين"؛ من جامعة تل أبيب؛ والذي يُعرف "بأبي الآثار" بوجود أي صلة لليهود بالقدس، جاء ذلك خلال تقرير نشرته مجلة "جيروساليم ريبورت" العبريّة توضح فيه وجهة نظر فلنكشتاين، الذي أكّد لها أنّ علماء الآثار اليهود لم يعثروا على شواهد تاريخية أو أثرية تدعم بعض القصص الواردة في التوراة بما في ذلك قصص الخروج والتيه في سيناء وانتصار يوشع بن نون على كنعان.
وقال فلنكشتاين: "لقد تطور الإسرائيليون القدماء من الحضارة الكنعانية في العصر البرونزي المتأخر في المنطقة، ولم يكن هناك أي غزو عسكري قاس".
كما فجّر عالم الآثار "الإسرائيلي" "مائير بن دوف" قنبلةً دوّت صدىً في المنطقة حيث كشف النقاب عن أنّه لا يوجد آثار لما يسمى بجبل الهيكل تحت المسجد الأقصى، مناصراً بذلك الأصوات السابقة التي كشفت عن ذلك ولاسيما علماء الآثار الإسرائيليين بقسم التاريخ بالجامعة العبرية.
وفي لقاءٍ مع صحيفة القدس تحدّث مائير بن دوف (أبرز علماء الآثار في دولة الاحتلال) قائلاً: "في أيام النبي سليمان عليه السلام كان في هذه المنطقة هيكل الملك الروماني هيرودس وقد قام الرومان بهدمه، أما في العهد الإسلامي فلم يكن هناك أثر للهيكل، وفي العهد الأموي بني المسجد الأقصى المبارك ومسجد قبة الصخرة المشرفة وهو المكان الذي عرج منه النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى السماء".
وأشار عالم الآثار "الإسرائيلي" إلى أنّ منطقة الحرم القدسى الشريف كانت على مستوى مختلف مما هي عليه اليوم، فقبل ألفيْ سنة لم تكنْ تلك المنطقة بمستوى التضاريس نفسه، فمثلاً هيكل الملك هيرودوس الروماني كان بمستوى أعلى من مستوى الصخرة المشرفة هذا اليوم.
وتابع يقول: "ومن خلال أبحاثنا ودراستنا التي أجريناها نستطيع معرفة المعادلة الحسابية وكيف كانت تلك المنطقة وأكّد أنّ هيكل هيرودوس لم تكنْ له أي علاقة بالصخرة المشرفة حيث كان هذا الهيكل مرتفعاً بخمسة أمتار".
واستطرد يقول: "جاء المسلمون إلى هذه الديار وبنوا على تلك الصخرة التي وجدت في تلك المنطقة التي ليس لها أي علاقة مع الهيكل، كما أنّ الصليبيين هم الذين أطلقوا على الصخرة المشرفة اسم صخرة الهيكل".