lonlyower عضو مميز
جـْنـسّيْ : مُسَاهَماتِي : 1284 مآلَـيْ : 8137 شّهـْرتـْي : 10 آنْضضْمآمـْي : 09/09/2011 ع ـ’ـمريْ : 24
| موضوع: افتراضي محاضرة (حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح) سامي بن خالد الحمود الثلاثاء مارس 13, 2012 8:43 pm | |
| [b]محاضرة (حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح)
سامي بن خالد الحمود
الحمد لله الذي جعل جنة الفردوس لعباده المؤمنين نزلا ، وسهل لهم السبل إليها فسلكوها ذللا ، ويسر لهم الأعمال الصالحة فلم يتخذوا سواها شغلا .. خلق الجنة لهم قبل أن يخلقهم، وأخرجهم إلى دار الامتحان ليبلوهم أيهم أحسن عملا . والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد ، أرسله الله رحمة للعالمين وحجة للسالكين القائل ((من سأل الله الجنة ثلاث مرات قالت الجنة، اللهم أدخله الجنة . ومن استجار من النار ثلاث مرات، قالت النار:اللهم أجره من النار)). كما صح عند أي داود والترمذي والنسائي عن أنس رضي الله عنه . فاللهم إنا نسألك الجنة، اللهم إنا نسألك الجنة ، اللهم إنا نسألك الجنة .. واللهم إنا نستجير بك من النار ، اللهم إنا نستجير بك من النار ، اللهم إنا نستجير بك من النار . أحبتي الكرام .. السعادة والنعيم مطلب كل إنسان .. كلنا يحب أن يكون له قصر بهي .. وطعام شهي .. ومركب وطي .. سيارة فارهة .. وملابس فاخرة .. وزوجة حسناء جميلة . يُذكر أن أحد الأمراء بنى قصراً جميلاً ، ثم جمع الناس ، وكان يسأل كل واحد منهم عن القصر ، هل فيه من عيب ؟؟ فيجيبونه بالثناء و الإعجاب لروعة بناء القصر وجماله . حتى انتهى السؤال إلى رجلين ، فقالا: نعم إن في هذا القصر عيبين ، وليس عيباً واحداً . قال الأمير: فما هما . قالا له: يفنى القصر ويموت صاحبه . فوقعت هذه الكلمة في قلب الأمير ، وتذكر أن هذه الحياةَ الدنيا زائلة ، والآخرة خير وأبقى , فترك القصر ، وخرج مع الرجلين عابداً حتى لقي الله تعالى . نعم أحبتي في الله .. نعيم الدنيا تتعلق به قلوبنا ، وتميل له نفوسنا .. ولكن .. كما قال الله تعالى: (وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين) . نعيم الدنيا نراه بأعيننا ، ونحسه بجوارحنا .. لكننا نؤمن أن نعيماً آخر هو أعظمُ وأبقى من هذا النعيم .. (قل متاع الدنيا قليل ، والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلاً) . نعم .. إنه نعيم الآخرة ، فهل رأينا ذلك النعيم؟ هل دخلنا الجنة؟ لا .. لكننا اليوم على موعد مع رحلة إيمانية ، نطوّف من خلالها في أرجاء الجنة عبر الآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية ، لنقف على شيء من ذلك النعيم ، ونقارنه بنعيم الدنيا . فتعالوا بنا أيها الأحبة إلى المشهد الأول ، عند أبواب الجنة . (وأزلفت الجنة للمتقين) .. الجنة تُزلف وتُقرَّب إكراماً للمتقين .. وهم أيضاً يُزَفّون إليها وفوداً مكرمين) .. لماذل قال الله في الجنة (وفتحت أبوابها) بالواو ، بينما ذكر قبلها في النار (حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها)؟ ذكر ابن القيم أن الملائكة تسوق أهل النار إليها وأبوابها مغلقة حتى إذا وصلوا إليها فتحت في وجوههم فيفاجئهم العذاب بغتة .. وهذا شبيه بالمجرمين في الدنيا الذين يساقون إلى السجن مكبلين بالأغلال والقيود ، حتى إذا انتهوا إلى باب السجن ، فتح السجان الباب فجأة وزجوا داخل السجن ، وأغلق الباب وراءهم بسرعة إمعاناً في إذلالهم . وأما الجنة فإنها دار الله ومحل كرامة أوليائه ، فإذا انتهوا إلى أبوابها المغلقة ، فإن الله يظهر شرف وكرامة محمد ، فيشفع لهم عند الله تعالى في دخولهم الجنة ، فإذا شفع فتحت أبواب الجنة ، ولهذا ثبت في صحيح مسلم أن أول الناس دخولاً الجنة ، هو محمد .. كما في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتَفْتِحُ ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ . فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ . وبعد أن يدخل الجنة تدخل بعده أمتُه، فأمة محمد آخر الأمم في الدنيا وأولهم دخولاً الجنة، كما قال : ((نحن الآخِرون الأولون يوم القيامة، ونحن أول من يدخل الجنة)) رواه مسلم. وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الْجَنَّةَ صُوَرُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، لَا يَبْصُقُونَ فِيهَا ، وَلَا يَمْتَخِطُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ فِيهَا ، آنِيَتُهُمْ وَأَمْشَاطُهُمْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَمَجَامِرُهُمْ مِنْ الْأَلُوَّةِ (يعني العود) ، وَرَشْحُهُمْ الْمِسْكُ) . فياله من مشهد عظيم ، أبواب الجنة الثمانية تفتح .. أبواب في غاية الوسع والكبر .. قال فيها : ((إن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة , وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام)) رواه مسلم عن عتبة بن غزوان . أبواب الجنة تفتح ، فأين أنت يا ترى في تلك اللحظة؟ .. ويا ليت شعري من أي باب تدخل؟ .. فإذا دخلت يا فرحة قلبك والملائكة تناديك تدخل الجنة ، وتمشي بقدميك على أرضها ، فإذا بأرضها ليست كأرضنا . تمشي على تراب هو الزعفران .. تمشي على حصباء هي اللؤلؤ والياقوت .
أرض لها ذهب والمسك طينتها والزعفران حشيش نابت فيها
تدخل الجنة يا عبد الله، وإذا هواؤها العليل ، وإذا ريحها الطيب ، روح وريحان ، وإذا قصورها وبساتينها أمامك .. فهل تعرف قصرك؟ هل يحتاج أهل الجنة إلى من يدلهم على بيوتهم ؟ لا والله .
قال جمهور المفسرين : يعرفون بيوتهم في الجنة كما تعرفون بيوتكم في الدنيا .
ثم ما بناء هذه القصور؟أهي كبيوتنا مبنية من الطوب والإسمنت والرخام؟ لا .. بل هي كما قال :لبنة من ذهب ، ولبنة من فضة ، وملاطها (أي الطين الذي يوضع بين اللبنات) من المسك الأذفر (طيب الرائحة) .
وبناء آخر : غرف يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ..نسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهلها . قال سبحانه " لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار " وقوله (مبنية) يؤكد أنها غرف فوق غرف مبنية بناء حقيقياً . وبناء آخر: وهو الخيام .. كما ثبت في الصحيحين عن أبي الموسى الأشعري أن النبي قال: "إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة مجوفة طولها ستون ميلاً ، للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضاً " . قال ابن القيم : إن هذه الخيام غير الغرف والقصور وأنها تضرب لهم خارج مساكنهم في البساتين وعلى شواطئ الأنهار . نحن نرى الناس اليوم يأنسون بالسكن في الخيام ، إذا خرجوا في أيام الربيع إلى البر والمنتزهات .. فكيف بخيام من اللؤلؤ ، وقد نصبت في ساحات الجنان وعلى شواطئ الأنهار وفي البساتين ، تدخل وتخرج منها فتيات بلغن القمة في الجمال والحسن والرقة والأناقة . أما أثاث هذه القصور ، فقد قال الله: (فيها سرر مرفوعة ، وأكواب موضوعة ، ونمارق مصفوفة ، وزرابي مبثوثة) والنمارق هي الوسائد ، والزرابي هي البُسُط . السرر وصفها الله بأنها مرفوعة ، يعني شريفة القدر ، وأيضاً عالية المكان . قال الطبري:"مرفوعة ليرى المؤمن إذا جلس عليها جميع ما خوله ربه من النعيم والملك فيها ، ويلحق جميعَ ذلك بصرُه" . وفي آيات أخرى وصفت السرر بأنها موضونة أي محكمة النسج ، ووصفت أيضاً بأنها مصفوفة أي متقابلة (على سرر متقابلين) . وهذا يعني أن هذه السرر ليست للنوم ، بل هي للمسامرة والتلذذ ومجالسة الحور العين ، وقد جاء في بعض الآثار أن الأسرة تسير بأصحابها في الجنة ، والله أعلم . وتأمل قوله تعالى: (هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون) يعني يتكئون على الأسرة في ظلال الأشجار ، وقال سبحانه: (متكئين على فرش بطائنها من استبرق) يعني البطائن من جهة الأرض من الحرير فكيف بظواهرها التي هي للزينة والجمال . وقال سبحانه: ( متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان ) ، أما الرفرف هو القماش الخفيف الجميل الذي يغطى به الفراش ، وهو الذي يعرف الآن بـ (الشراشف) .. وأما العبقري فهو البسط الحسان . فإذا خرجت من الغرف والقصور ، فحدث عن الحدائق والبساتين الكثيرة، والأشجار الوفيرة .. قال تعالىذواتا أفنان) أي ذواتا غصون ، وقالمدهامتان) يعني شديدة الاخضرار حتى تميل إلى السواد من شدة الخصرة . وفي الصحيحين يحدّث النبي عن شجرة كبيرة في الجنة ( يَسِيرُ الرَّاكِبُ الْجَوَادَ الْمُضَمَّرَ السَّرِيعَ مِائَةَ عَامٍ مَا يَقْطَعُهَا) . أما طعام أهل الجنة وشرابهم فهو ألذ وأشهى من طعامنا وشرابنا ، ليس كمطاعمنا الراقية ، ولا كبوفيهاتنا المفتوحة. وأول طعام يأكله أهل الجنة هو زيادة كبد الحوت ، كما ثبت في البخاري . وفي صحيح مسلم عن ثوبانَ رضي الله عنه أن يهودياً سأل رسول الله فقال : فما تحفتهم حيت يدخلون الجنة؟ قال:" زيادة كبد الحوت " ، قال : فما غذاؤهم على إثرها؟ قال: " ينحر لهم ثور الجنة الذي يأكل من أطرافها " قال : فما شرابهم عليه ؟ قال :" من عين تسمى سلسبيلا" قال صدقت . واستمع يا عبدالله إلى من صنع طعام أهل الجنة سبحانه وتعالى ، وهو يصفه لنا بقوله: (وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون) . وعند البزار وابن أبي الدنيا وصححه العراقي عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول :" إنك لتنظر إلى الطير يطير في الجنة فتشتهيه ، فيخر بين يديك مشوياً ". قال بكر بن عبد الله المزني: " إن العبد ليشتهي اللحم في الجنة ، فيجيء طائر ، فيقع الطائر بين يديه فيقول: يا ولي الله أكلتُ من الزنجبيل ، وشربتُ من السلسبيل ، ورتعتُ بين العرش والكرسي ، فكلني .
| |
|