تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
الوداع...
في عيني الف دمعة ,تحكي المي وحزني ,تحكي عن جروح قلبي المخبأة ,تحكي عن النزيف الذي يكاد يقتلني ,تحكي عن الانكسار, تحكي عن الفراق والوداع ,تحكي عن الفراغ الذي يغمرنا ,تحكي عن ذلك الرجل العظيم الذي رحل عنا وودعنا ,الذي تركنا تائهين ولخبره موته مكذبين ولذكرياتنا معه نحن في حنين ,ومن الحيرة والدهشة نعاني ,كيف تركنا؟ لماذا؟ ومتى؟ كيف سنعيش من دونه؟ كيف سنتأقلم مع فراقه؟...هي اسئلة كثيرة يطرحها قلبي ويناجي القمر كل ليلة ليجيبه عنها ,لكن وآسفا فكثيرة هي ليالي الاشتياق, ليالي الحزن والانين, ليالي الدمع السجين, ليالي اللهفة والحنين, ليالي البعد والفراق, ليالي تمر فيها الاحداث في ذاكرتي متسارعة, تذكرني بصورته بوقفته بطريقة القائه الدرس بعبارات الاحترام التي تنطق بها شفتاه وبمتعة الكلام والسؤال معه, تذكرني بعظمته ومكانته التي احسسنا بها اكثر بعد وداعه لنا ,فكيف لا وهو الذي بكت لأجله عيون الاهل والرفاق, عيون الجيران والابناء, عيون الارض والسماء, عيون المدينة باسرها فلقد كان رمز العطاء رمز الصدق والوفاء...
لكن لماذا خيبت ظني الذي كان كله امل بان اجدك داخل المدرسة تصول وتجول فيها , ولكني دخلت فوجدت زملائك مشتتين والرؤوس مطأطئين فنظرت اليهم نظرة تكذيب ودخلت القسم وانا انتظر دخولك, لكن تمر الثواني والدقائق وانا انتظر وأتأمل دخولك وما ان رن الجرس حتى خرجت مسرعة لعلي اراك فوجدت الاساتذة لباب قسمنا محدقين وفي العيون دموع تسيل قرات فيها شوقا وحنين لحظتها احسست ان العالم بأكمله انطبق على صدري فانزلقت دمعة من عيني لتخبر الجميع انكساري وحزني, فوقعت ارضا ومر امامي شريط ذكرياتي معه كاملة لكن قلمي عجز عن كتابتها فلقد كان هو الاخر حزين مثلي, ومشيت وانا لا ادري اين طريقي والى اين وجهتي لكني لم انتبه الى ان وجدت نفسي امام قبره فقرات (هنا قبر المرحوم بن سالم بن عمر) فتذكرت بداية السنة يوم كتبت على كراسي(تحت اشراف الاستاذ المحترم بن سالم بن عمر) فعلمت لحظتها معنى غدر الزمان واحساس فقدان اعز انسان وحزنت لحال زوجته التي امست ارملة وحال ابنائه الذين حملوا لقب اليتامى دون سابق انذار وحال الام الحنون التي سهرت وربت واليوم تدفن ابنها بجنون تأسفت لحال اخوته ورفاقه وتلاميذه وارضه وكل من عرفه ,تأسفت لحال نفسي, تأسفت لحاله لأنه رحل ولم يرى ثمرة ما زرع فينا طوال هاته السنين, هنا نهضت ونفضت الغبار عن جسمي وحملت راية الكفاح ورسمت طريق النجاح وتذكرت ان دموعي لن ترجعه لكن نجاحي سيفرحه وسيبقيه حيا مهما مرت الايام فهذا حال الزمان تموت اجيال وتحيى اخرى وهي هكذا الى يوم الامتثال امام رب الانام وانا لا املك امام هذه الحقيقة سوى الدعاء والعمل وعدم النسيان فهو المعلم والاب والصديق...
هنا اقول لك وداعا يا استاذي وداعا يا ابي وداعا يا من علمتني وغذيت روحي وعقلي بأروع الدروس ,ستظل ذكراك داخلي حية فرحمك الله وادخلك فسيح الجنان.