الكلمة الحلوة...وتأثيرها على الجسم!!.. ]
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا متقلبة.. كموج البحر لا أبقي علي حال... كلمة ترفعني إلي سابع سماء... فأشعر بالحماس و أطير من الفرحة وكلمة أخري تنزل بي إلي سابع أرض... فأشعر بالتعاسة والانقباض وأحط في الارض كارهة للحياة... فهل للكلمة كل هذا التأثير في حياتنا.. وهل هي العصا السحرية التي تحركنا إلي دنيا السعادة أو تزج بنا إلي عالم التعاسة والاحزان؟!
الدكتور محمد أحمد عويضة استاذ الطب النفسي جامعة الازهر يؤكد أن الانسان هو الكائن الوحيد الذي تؤثر فيه الكلمات, وكلمة واحدة تسعده, وكلمة أخري قد تسبب له الشقاء, وهذه الكلمة تؤتي آثارها في الجسم كله بالسلب أو الايجاب, فالكلمات الحلوة المشجعة تعطيه نشاطا زائدا والكلمات الجارحة أو التي تقلل من قدره وتذكر عيوبه تجعله قعيدا في الفراش وقد حلت عليه كل أمراض الدنيا, والكلمات الحلوة الجميلة لها تأثير السحر ليس علي المستوي النفسي والمعنوي فقط, إنما علي المستوي الصحي والجسمي.
وتفسير ذلك ان الكلمات أو الجمل الجميلة لها تأثير علي بعض مراكز المخ التي تساعد علي افراز مادتي الاندروفين وانكيفالين اللتين تؤثران علي مراكز الانفعال تحت المهاد وتؤثر بدورها علي افراز الغدد الصماء وعلي الجسم كله, فلا تجعله يشعر بالألم وتمده بالطاقات المتجددة, فلا عجب ان وجدنا أن الكلمة الحلوة الطيبة تساعد علي استعادة الجسم لوظائفه وتعمل علي ضبط معدل الضغط لدي مريض الضغط, وتضبط السكر في الدم ومن كان في صدره ضعف أوضيق في التنفس تجعله أكثر قدرة علي التنفس, ومن يعاني صعوبة في الهضم والقولون تجعله أكثر راحة, كما أنه من المعروف أن الكلمات الجميلة لها تأثيرها الرائع في القضاء علي آلام الصداع..
ولاعجب أن الكلمة الطيبة تؤثر علي الروح المعنوية للانسان فتجعله منشرح الصدر فرحا سمحا مبتهجا قادرا علي مصالحة نفسه ومصالحة الاخرين بل ومصالحة اعدائه.
سلامتك من الآه!!
هذه الكلمة الجميلة الطيبة التي تحمل التشجيع والتي تسعد الانسان اذا اقترنت بالنجاح في تحقيق هدف أو عدة اهداف تجعله قادرا علي اجتياز اصعب العقبات ولنا في حربنا العظيمة6 أكتوبر ما يؤكد ذلك, فالجندي البطل الذي ألقي بنفسه علي فوهة الدبابة في خط بارليف كي يعبر زملاؤه من خلفه, لم يشعر بأي آلام نتيجة مرور الرصاص في جسده,
وهناك الكثير من القصص التي قرأناها وسمعناها عن ضباط وجنود أصيبوا اثناء المعركة ولكنهم لم يشعروا باصاباتهم واستمروا في القتال مصرين علي تحقيق النصر النهائي, وقد كان وراء النصر مزيد من كلمات التشجيع والحماس والثناء. كما أن معظم الابناء المتفوقين كان وراءهم أمهات يكثرن من جمل الاطراء والتشجيع التي جعلتهم لايشعرون بالمتاعب الذهنية أو الآلام الجسدية, فضاعفوا من ساعات جلوسهم علي المكاتب وساعات تحصيلهم الدراسي,
وايضا السيدة الحامل التي أوشكت علي الولادة والتي يقف زوجها بجوارها في تلك اللحظات ممسكا بيدها يبثها كلمات التشجيع تكون أكثر قدرة علي تحمل آلام الولادة, والزوجة التي تقول كلمة جميلة طيبة لزوجها قبل خروجه صباحا تمنحه طاقة ايجابية تجعله اكثر قدرة علي الانجاز في العمل كما تجعله يتحمل بعض المضايقات التي قد يجدها من زملائه.
أنا طير في السماء
وعن تفسير حالة الانسان السعيد الذي منذ لحظات أو للتو قد سمع كلمات الاطراء الجميلة... فنجده يمشي بسرعة ونشاط زائد حتي يصف نفسه أنه يكاد يطير من الفرحة, فان طاقات السعادة التي لديه قوية لدرجة أنه يقاوم قوة الجاذبية الارضية فلا يشعر بها, مقارنة بالانسان المتخاذل الحزين الذي سمع كلمات عدم التقدير أو التوبيخ فنجده يمشي مطأطيء الرأس مقوس الكتفين منحنيا, وقد بلغ من الضعف أن الجاذبية الارضية قادرة علي جذبه إلي اسفل وكأن الارض ستنشق وتبتلعه, فالطريق إلي السعادة اقرب الينا من حبل الوريد... فاذا اردنا أن نكون سعداء... فالأجدر بنا أن يكون الكلام بيننا حلوا جميلا خاليا من كشف مناطق القبح أو الضعف في الاخرين, وألا نقف علي سلبياتهم, وان نستظل بمناطق الجمال فيهم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت صدق رسول الله.
ولكي تتم الدعوة و يسود الكلام الطيب في حياتنا, فمن الضروري أن نتعود أن نصف من امامنا بصفاته الحسنة حتي لوكانت قليلة ونتوقف عن ذكر سلبياته, وقد علمنا رسول الله صلي الله عليه وسلم أن الكلمة الطيبة صدقة, فلا يصح في لحظات الحديث عن الصفات الحميدة لبعض الاشخاص تذكر سلبياتهم ممايفسد الحديث عنهم, وليس من الضروري أن نواجه الآخرين بعيوبهم, إلا اذا طلبوا منا أن نقول رأينا بصراحة, ويراعي أن يكون ذلك بمعزل عن الآخرين, وتكون الرسالة الانتقادية بعد سرد الايجابيات, وأن يحمل الانتقاد في طياته التشجيع, وعلي سبيل المثال اذا كان مستوي عمل أو ادآء شخص مالايعجبك, فيمكنك ذكر أن الاعمال التي سبقته كانت افضل ولم يكن هذا العمل علي مستوي الذي سبقوه وانك بانتظار اعماله التي من المؤكد أنها ستكون رائعة.. وهكذا!!
حب من قلبك!!
وما أحلى أن تكون الكلمات الجميلة نابعة من قلوبنا وليست مجرد مجاملة, أو كلمات جوفاء وذلك بان ننظر إلي مناطق الجمال في كل شيء حولنا, ولانركز علي نقاط الضعف أو القبح, فتنطبع الاشياء في وجداننا جمالا حقيقيا, وهو مايسمي بالادراك الانتقائي, وعلي الانسان أن يختار مايريد أن يتأثر به, فاذا كان يريد أن يري الوجود جميلا فله ذلك, علي أن يحول مشاعره إلي كلمات رائعة, ومن اراد غير ذلك فلن يصله إلا مايرغب, وستكون كلماته بغيضة غير محببة للنفس مؤذية لمشاعر الآخرين, وله في النهاية أن يختار... ولكن النصيحة التي نقدمها: أنه لاينبغي البحث عن الرتوش القبيحة في اللوحات النادرة, ولايصح أن نبحث عن بعض الاوراق اليابسة في الافرع اليانعة الخضراء.
وللحصول علي السعادة لابد وأن نجدد اهدافنا باستمرار وان لم يكن لدينا اهداف فلنصنعها بأنفسنا ـ كما يؤكد د.عويضة علي ضرورة أن نقسم اهدافنا الكبري إلي اهداف صغيرة, فاذا ما تحقق لنا الجزء الاعظم منها نكون قد اقتربنا من تحقيق الهدف الاكبر, أو علي اقل تقدير نكون قد حققنا النجاح ولم نفشل فشلا ذريعا, ويكون بامكاننا أن نسمع وبجدارة مزيدا من الكلمات الجميلة والاطراء والاستحسان من الآخرين.
ولتحديد السعادة فمن الضروري تحديد الاولويات في حياتنا وينصح د.عويضة أن تكون علي شكل الهرم المقلوب أو السلم وهي كالآتي:
*تحقيق النجاح في العلاقات المنزلية والعائلية.
* العلاقة بالشريك سواء الزوج أو الزوجة.
* العلاقة بالابناء.
* العمل.
* الاهل والاصدقاء.