عرض : يوسف غريب :
في أكثر من 200 صفحة، يأتي هذا الكتاب المميز لمؤلفه كيفين بول، المدير التنفيذي لخدمة تسجيل الطلاب بجامعة كالجاري، والمدير السابق لإدارة القبول بجامعة فيكتوريا، والذي عمل لسنوات كمعلم لمهارات التعلم، وألقى محاضرات لآلاف الطلاب حول المهارات المطلوبة ليصبح الإنسان متعلمًا ناجحًا.
وتحت عناوين: ـ أيقظ العبقري الكامن بداخلك ـ تعلم كيف تتعلم ـ ضاعف من سعة ذاكرتك 100 مرة ـ نشط بطارية عقلك، ينطلق المؤلف في كتابه ويركز على الوصول بالمتعلم لتحقيق أكبر تحصيل علمي يصل به إلى التفوق والثقة ويكسر الكثير من القيود والحواجز الوهمية التي توحي للكثيرين بعدم قدرتهم في مراحل زمنية معينة على الاستذكار والتحصيل العلمي.
يقول المؤلف إنه سواء في العمل أم في المدرسة، تزداد متطلبات التفوق أكثر فأكثر كلما زادت شدة المنافسة، حيث إننا على الدوام في تحد مستمر بسبب ضرورة اكتساب مهارات وأفكار جديدة في الوقت الذي تصبح فيه تلك الأفكار والمهارات التي تعلمناها من طراز قديم.
وعرض الكاتب لمبادئ سبعة أساسية لمهارات الاستذكار الكامل، يمكن أن ينفذ منها الدارس إلى قدراته الكامنة بداخله للوصول إلى أقصى أداء يمكنه تحقيقه، وليتمتع بقدرة أكبر على التعلم.
ويعد الدليل العملي الذي قدمه المؤلف في هذا الكتاب للمتعلم والدارس مثاليًا للجميع، سواء كان طالبًا يهدف للالتحاق بمركز الدراسات التكميلية بعد الحصول على الشهادة العليا أو ببرنامج دراسات ما بعد التخرج، أو كان يهدف لاجتياز اختبار قادم، أو كان شخصًا يعمل بالفعل ويسعى لتحقيق أهداف مختلفة أو أعلى لمستقبله المهني بواسطة تحديث ورفع مستوى مهاراته، أو تعلم مهارات جديدة.
ويشير المؤلف إلى أن تطبيق التمرينات العملية والاقتباسات التحفيزية يجعل تأثير العمل المنزلي فعالًا وتأثيره النافع فوريًا.
ويزود الكاتب الدارسين بمختلف الفئات بمفاتيح المعلومات التي يحتاجونها ليدرسوا بنجاح في كل المواقف، وليتعرفوا على إجابات لأسئلة مثل:
ـ ما أساليب التعلم الثلاثة؟ وأي منها مناسب لي؟
ـ أي أنواع الذكاء المختلفة أمتلك؟
ـ إلى أي مدى تصل أهمية الإعداد للدراسة والاستذكار؟
ـ كيف يمكنني تحسين ذاكرتي وقدراتي على التركيز؟
ـ لماذا من المهم أن أضع وأحدد أهدافا مسبقة لاستذكاري؟
ـ أي من أدوات ووسائل الدراسة يمكنني استخدامها لتحسين أسلوب استذكاري؟
ـ أنا أقرأ موادي التعليمية، ومع ذلك أنساها في اليوم التالي.. ما الخطأ الذي أرتكبه؟
ـ كيف يمكنني أن أستذكر استعدادًا للامتحان؟
وكانت أولى مفاجآت المؤلف أن يصف قارئ كتابه بالعبقري ـ أيا كان هذا القارئ ـ ويؤكد هذه الحقيقة بأن كل إنسان بداخله عبقرية، وهذا الكتاب يتعلق بكيفية إخراج العبقري بداخله، فكل إنسان ـ على حد قول المؤلف ـ يمتلك القدرة على التعلم وتحقيق نتائج دراسية على مستوى العباقرة، كما يؤكد أن ذلك ليس مبالغة، فهناك وسائل للدراسة والتعلم مرهقة وشاقة وعديمة الفائدة لأقصى حد، وتخرج من اتباعها بنتائج أسوأ مما كان عليه الدارس من قبل.
على النقيض من هذا، يلفت المؤلف النظر إلى وسائل وأنماط للتعلم لا تساعد فقط أن يكون الدارس حسن الاطلاع، ولكنها أيضا تزيد من الذكاء لديه، ويطرح سؤالًا مهمًا يتبادر إلى أذهان الكثيرين: أليس مستوى الذكاء محددًا مسبقًا عندما يولد الإنسان ولا يوجد ما يمكن فعله حيال تغييره؟
ويجيب عن ذلك مستدلًا بالعديد من الأبحاث التي تبين أن قضاء عدة ساعات أمام التليفزيون بلا نشاط يقلل بالفعل من نسبة الذكاء، وإذا كانت نسبة الذكاء يمكن أن تتغير إلى الاتجاه السلبي استنادًا إلى هذه الأبحاث، فمن المؤكد أنها تستطيع التحرك في الاتجاه الإيجابي أيضًا.
يقول المؤلف إن العقل مثل جهاز كمبيوتر متطور تم تركيبه وتشغيله، لكن لم يأت معه كتيب التعليمات الإرشادية الخاص به. وهذا الكتاب بمثابة دورة تدريبية تمهيدية عن كيفية استخدام هذا الجهاز المتطور.
فالإيمان بوجود قدرات عبقرية كامنة لدى الدارس مبني على حقيقة بيولوجية وفسيولوجية العقل وما تخبرنا به الأبحاث التي أجريت عن الذكاء على مدى الثلاثين عامًا المنقضية، ويوفر أحد فصول الكتاب خلفية عن كيفية عمل العقل ككل، ثم تعرض 3 فصول تعقبه كيف يمكن استخدام العقل ليساعد في العمل على تحسين وتنمية ثلاثة من أساسيات التعلم المتفوق، وهي: الاستعداد، والذاكرة، والتركيز.
أما لماذا يعمل هذا المنهج بنجاح، فيجيب المؤلف بأن ذلك لأنه طبيعي وفطري، حيث إنه يقوم بالتعرف على الوسيلة التي يتعلم بها الدارس فطريًا، كما يساعد على إعادة اكتشاف كيفية استخدام تلك القدرة على التعلم.
لماذا من المهم أن تحرر العبقري الكامن بداخلك؟
يجيب المؤلف قائلًا: أن تكون شخصًا متعلمًا ناجحًا لم يعد مسألة اختيار أو مجرد أفضلية يمكن أن تتحلى بها. لقد أصبح ضرورة لكي تنجح في الاستمرار والازدهار في «عصر المعلومات»، وحيث أصبح المستقبل ملكا للمتعلمين.
وكما يتم إخبارنا دومًا بواسطة وسائل الإعلام المختلفة فنحن نحيا في عصر التغير السريع، وإيقاع هذا التغير أسرع من أي وقت مضى في تاريخ البشرية، حيث إنه في كل عام يعتبر حوالي 20 ـ 30 % مما تعلمناه وأدركناه عن عالمنا معلومات عتيقة وقديمة.
من أين أبدأ
يعطي الكتاب للدارس استعراضًا موجزًا للنظرية والمهارات الأساسية، ثم يمده بسلسلة من التدريبات العملية والاستراتيجيات التي سوف تصبح نقطة البداية لعلاقة الحب بينه وبين التعلم مدى حياته، وبعض الاستراتيجيات يمكن وضعها موضع الاستخدام فورًا إذا كان في حاجة عاجلة لتحسن وتنمية منطقة معينة من مناطق الذكاء.
ماذا يجب أن تتوقع؟
يقول المؤلف: توقع الإخفاق.. فقط في البداية. ولن تفشل لأنك غبي أو لأن ما تقوم به شيء بالغ الصعوبة، ولكن بسبب المقاومة البشرية الفطرية للتغيير، حيث إنك ستمر بحالة من الميل التلقائي الباطني للحفاظ على التوازن الداخلي لذاتك بواسطة إعادة تكييف عملياتك الفسيولوجية الداخلية، وستقاوم تلك الحالة حدوث أي تغيير يطرأ على أي من أعضائك، حتى لو كان هذا التغيير عظيم الفائدة لأقصى درجة، ولذلك فأي تغيير إيجابي مفاجئ منك لن يحدث بشكل فوري، بل ستحدث التغييرات ببطء، ولكن بشكل متزايد وستكون تغييرات حقيقية. في واقع الأمر إذا قمت بالالتزام بالتعلم طوال حياتك واعتبرت التعلم جزءًا لا ينفصل من حياتك، فستتحقق النتائج بأسرع مما تتوقع، فقط لن تكون بنفس السرعة التي ترغبها.