الرسول الأعظم محمد بن عبدالله – صلى الله عليه وسلم -، هو خاتم النبيين والمرسلين فلا رسالة بعده، وهو صاحب الرسالة العظيمة الإسلام، الذي اصطفاه رب العزة ومن يدبر أمره لحملها وتبليغها إلى الناس، في قصة رسالية فريدة من نوعة، فلقد اختط هذا النبي العظيم خطى من سبقوه من الأنبياء في التبليغ والدعوة بالحق والموعظة الحسنة، وبرعاية ربانية إلهية لا مثيل لها، فهو المؤيد بالوحي على مدى ثلاثة وعشرين عاماً، واجه من الصعوبات هو ومن لحقوه من أصحابه وعائلته، ما لا يستطيع العقل تخيله، كل ذلك بسبب تعارض الفكرة التي يدعو لها وهي المتمحورة حول الحرية والعدالة الإنسانية والمساواة مع المصالح المادية التي تسيطر على نفسيات الناس باختلاف أنواعهم وأجناسهم. فالفكرة أشد خطراً على أصحاب المصالح من السيف والقتل والتعذيب، فلا يجدوا أماهم إلى التعذيب لمحاولة ثني الناس عن أفكارهم ومعتقداتهم مع العلم أنهم قد يكونوا مقتنعين تماماً بهذه الفكرة وصلاحيتها، وهذا تماماً ما حصل مع جبابرة قريش وكفارهم.
لا بد للمعجزة أن تتناسب مع فهم الأقوام، وهو تماماً ما حصل مع معجزة الرسول –صلى الله عليه وسلم-، والتي تختلف عن باقي المعجزات الرسولية، حيث ناسبت هذه المعجزة عقلية قريش والعرب آنذاك، واستطاعت التأثبر فيهم بشكل لا تستطيعه معجزة أخرى مهما بلغت قوتها، هذه المعجزة هي الكتاب الخالد القرآن الكريم، والإعجاز الأكبر في هذه المعجزة هو أنها صالحة لكل زمان وكل مكان، فلقد تأثر العرب ببلاغة هذا الكتاب المعجز وقوة بيانه وكلامه الرائع، وتأثروا أيضاً بأفكاره، أما من هم من غير العرب فلن يستشعروا بلاغة هذا الكتاب العظيم لكنهم حتماً سيستشعروا قيمه والأخلاق التي يدعوا إليها. هذا من جهة، أما من جهة أخرى، فإن هذا الكتاب يحتوي على نبوؤات تتحقق على مر الزمان ويحتوي أيضاً على السنن الكونية وطريقة المحافظة على الحضارة عن طريق اطلاع البشر على خصائص النفس البشرية وكيفية التأثير عليها. ويحتوي التنزيل الحكيم على إعجاز تاريخي متمثل في القصص، وإعجاز علمي يتوضح بتقدم العلوم على مر الزمان. واللافت في هذا الكتاب العظيم هو أنه ثابت في لفظه بحفظ من الله تعالى متغير في فهمه، فكل إنسان يستطيع فهم الآيات حسب تصوره هو، وكل شخص يستطيع الوصول إلى الأفكار بما يتماهى مع حالته النفسية التي يمر بها، فقارئ القرآن يستشعر بأن الله يخاطبه وحده، وكل مرة يقرأ فيها الآي الحكيم يستطيع التوصل إلى المعاني الجديدة الفريدة في محتوياتها.