الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن الذي خلق الإنسان من عدم وصوره ونفخ فيه من روحه، وأحكم صنع هذا الكون بما فيه من عجائب قادر على إيجاد مخلوقات فضائية، وقد دل القرآن الكريم على وجود مخلوقات ليست معلومة لدى البشرية في عصر النبوة، ودل كذلك على دور الاكتشافات العلمية، وأن لكل خبر موعداً سيظهر فيه، يقول جل من قائل: وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {النحل:8}، ويقول: لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ{الأنعام:67}.
ووردت في القرآن آيات تشير إلى وجود دواب في السماوات والأرض، منها قوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ {الشورى:29}، قال بعض العلماء إن لفظ (دابة) يدل على أنها مخلوقات غير الملائكة لأن الله عز وجل فرق بين الدواب والملائكة في الذكر في قوله: وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلآئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ {النحل:49}، فذكر دواب السماوات ودواب الأرض ثم أخر ذكر الملائكة.
وبمثل هذه الآيات ذكر بعض أهل العلم أنه لا مانع من أن تكون هذه إشارة إلى وجود عوالم أخرى، ولكن لا ينبغي القطع بمثل هذا، لأن مثل هذه الآيات تحتمل أكثر من وجه من التأويل.
وأما القول بأن هذه المخلوقات هي التي خلقت الإنسان بشكل يشبهها بواسطه dna، وبأنها قوة خارقة أدت إلى وجود البشرية، فإن هذا في الحقيقة قول باطل مناف لما يجب اعتقاده.
ذلك أن أبا البشرية هو آدم عليه السلام، وقد خلقه الله تعالى من طين، ثم جعل ذريته بعد ذلك تتكاثر بواسطة النطف، مروراً بمراحل قصها الله علينا في محكم كتابه، حيث يقول: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ {المؤمنون:12-13-14}.
ثم إن الطريقة التي بنى بها الفراعنة الأهرامات ومن ساعدهم في ذلك، هي من المسائل المجهولة التي لم يرد لها خبر يصلح للاستدلال، فالصواب للمسلم أن يبتعد عن الخوض فيها، لأنه لا يتوقف على معرفتها شيء من أمور الدنيا أو الآخرة.
والله أعلم.