ان للحركة العلمية في العصر الأموي دور كبير وبارزة جداً في التمهيد للنهضة العلمية التي سادت في العصر العباسي. فعلى الرُّغم من أن العصر الذهبي للعلوم والحضارة الإسلاميَّين كان في العهد العباسيّ فقد كان للأمويين دورٌ بارز في التمهيد لهذا الازدهار والتهيأة له، إذ أنهم أرسوا أسس التراث العلميّ الذي بنى عليه العباسيون. ومن أهم هذه التطوُّرات التي هيأت للنهضة العلمية العباسية حركة التعريب في عهد عبد الملك بن مروان،[1] الذي جعل من اللغة العربية لغة رسمية للدولة أصبحت تستخدم في كل أصقاعها من المشرق إلى المغرب، كما ساهمَ الوليد كثيراً أيضاً بإنشائه المدارس والمستشفيات تحت رعاية الدولة التي ساهمت هي الأخرى في النهضة الإسلامية اللاحقة.[2] وقد كان من أهم الإنجازات في تطوير الحركة العلمية في العصر الأمويّ تدوين العلوم وتعريبها للمرَّة الأولى، وهو ما أتاح لعلماء العرب والمسلمين الاطلاع عليها بسُهولة، كمان أن اتساع الدولة ودخول شعوب جديدة في الإسلام أتاح التعرف على حضاراتها والاستفادة من تلك المعارف في تطوير الحضارة الإسلامية.[3]
كان من أهم مجالات الازدهار في العصر الأمويّ إجمالاً العلوم الدينية واللغوية والتاريخ والجغرافيا والفلسفة والطب.[4] وقد انقسمت الحركات العلمية في هذا العصر إلى أربع حركات، وهي الحركة الدينية (المعنية بعلوم الدين، مثل تفسير القرآن والأحاديث والتشريع) والتاريخية (المعنية بتوثيق التاريخ والقصص والمغازي ونحوها) والأدبية (المعنية بالشعر والنثر وما إلى ذلك) والفلسفية (المعنية بالمنطق والكيمياء والطب وما شابهها).[5] لكن الأمويين لم يَميلوا إلى دعم العلوم، فلم يَدعمَ خلفاؤهم أو أمراؤهم سوى الحركتين الأدبية والقصصية من بين كل هذه الحركات العلمية، فلم يَكن يُمتعهم ويجذبهم سوى الشعر والخطب والقصص، وربَّما كان ذلك بسبب نزعة عربية جاهلية عندهم، ولا يُستثنى من هذه سوى خالد بن يزيد بن معاوية، الذي كانت لديه نزعة فلسفية فوق نزعته الأدبية، ودعمَ بشدَّة الحركات العلمية في مجالات الطب والكيمياء والفلك، بالإضافة إلى عمر بن عبد العزيز الذي دعمَ الحركة الدينية